يبلغ وزير الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي في ماليزيا نيك نظمي نيك أحمد، 42 عاما من عمره، إلا أن حديثه المسترسل والمنظم يكشف عن سياسي متمرس.
لن تتعب كثيرا في اكتشاف السر خلف ذلك، فالرجل المولود في عام 1982 جمع بين دراسة القانون والتجربة السياسية الثرية التي بدأت فصولها منذ كان طالبا في الجامعة، حتى إن ثراء تجربته أغراه في هذه السن المبكرة بإصدار مذكراته تحت عنوان “الابن الماليزي.. رحلة سياسية تقدمية في قلب جنوب شرق آسيا”.
بدأ نيك نظمي -الحاصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة كينغز كوليدج لندن- نشاطه السياسي من مدينة الضباب، حيث كان ناشطا مع العديد من المنظمات، بما في ذلك المجلس التنفيذي للطلاب الماليزيين في المملكة المتحدة وأيرلندا واتحاد طلاب الجمعيات الإسلامية في المملكة المتحدة وأيرلندا. وبعد العودة للوطن عمل سكرتيرا خاصا لرئيس الوزراء الماليزي الحالي أنور إبراهيم، وفي عام 2008، انتُخب عضوا في المجلس التشريعي لولاية “سيلانغور”، ليصبح أصغر مرشح يفوز في تلك الانتخابات.
وعقب الانتخابات العامة الخامسة عشرة في ماليزيا وأداء أنور إبراهيم اليمين الدستورية رئيسا للوزراء في البلاد، دُمجت وزارات الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي، وأُسندت إلى نيك نظمي، ليكون أول منصب وزاري للزعيم الشبابي السابق لحزب عدالة الشعب الذي يتزعمه أنور إبراهيم.
وفي أول يوم لتوليه منصبه قبل نحو عام من الآن، وضع الوزير الشاب الخط العريض لسياسته التي تركز على الموازنة بين “التنمية والحفاظ على البيئة”، وسعى لتنفيذ ذلك عبر مجموعة من التوجهات والسياسات التي كشف عنها في مقابلة خاصة مع “الجزيرة نت”.
وفي لقاء سريع استغرق “نصف ساعة”، أعطى نيك نظمي في تلك المدة القصيرة لكل سؤال حقة من الإجابة الشافية الكافية، فتحدث عن مشكلة “الضباب العابر للحدود”، وتقييمه لمخرجات قمة “كوب 28″، والأبعاد المناخية لأزمة حرب غزة، وإجراءات التكيف والتخفيف المناخي التي تنتهجها ماليزيا للتعامل مع التحديات المناخية.. وفيما يلي نص الحوار.
- في اليوم الأول لتولي منصب وزير الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي قبل نحو عام، قلت لوسائل الإعلام المحلية إنك ستركز على “الموازنة بين التنمية والحفاظ على البيئة”، فما الذي تحقق حتى الآن في هذا الاتجاه خلال عام تقريبا؟
أعتقد أنه خلال عام كامل من تولي مسؤولية وزارة الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي، استطعنا وضع إطار قوي فيما يتعلق بتحويل الطاقة، فماليزيا مثل كل دول العالم كانت تعتمد بشكل كامل على الوقود الأحفوري، ونحن أيضا من المنتجين للنفط والغاز، ولكنْ وضعنا خطة طموحة تستهدف زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة من نسبة 25% حاليا إلى 70% بحلول عام 2050.
وبدأنا بالفعل خطوات تستهدف تحقيق هذا الهدف، حيث قللنا الدعم الذي كان يُوجه إلى الكهرباء والماء، وبدأنا في زيادة أسعار تلك الخدمات، خاصة بالنسبة للشركات والشرائح الأكثر ثراء في المجتمع. وقد رأينا نتيجة ذلك، أن المزيد من الناس باتوا يُقبلون على تدابير كفاءة الطاقة من أجل خفض قيمة فواتير تلك الخدمات، ومن بين تلك التدابير تركيب الألواح الشمسية.
وتمكنا أيضا من أن نكون نشيطين للغاية في الحفاظ على مصارف الكربون الموجودة لدينا، والمتمثلة في الغابات الاستوائية المطيرة، فكما تعلمون نحن واحدة من 17 دولة في العالم لديها غابات متنوعة للغاية، كما أننا جزء من المثلث المرجاني (منطقة تبلغ مساحتها 6 ملايين كيلومتر مربع تمتد عبر 6 دول في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي)، لذا فقد زاد التحويل المالي البيئي المخصص لحكومات الولايات المتخلفة للحفاظ على الغابات من 70 مليون رينغيت (الدولار الأميركي يعادل 4.78 رينغيتات) في عام 2022 إلى 150 مليون رينغيت، ووافق رئيس الوزراء على زيادة المبلغ إلى 200 مليون رينغيت في عام 2024. إذن هناك زيادة هائلة، تعادل نحو ثلاثة أضعاف.
كما دعمنا أيضا النشاط المجتمعي لمجتمعات السكان الأصليين وقدامى المحاربين العسكريين ضمن ما يعرف بـ “ائتلاف الغابات”، وارتفع عدد هؤلاء الحراس المجتمعيين للبيئة من ألف إلى ألفي شخص، وكان لذلك تأثير كبير في الحد من الصيد الجائر للنمور الماليزية الشهيرة والحيوانات الأخرى، ونتحرك حاليا نحو إجراء حزمة من التعديلات التشريعية لتغليظ الجزاءات والعقوبات فيما يتعلق بتلوث المياه والتعدي على الغابات، وما إلى ذلك.
- إذن يمكننا قراءة تصريحكم لرويترز في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنكم تفكرون جديا في إصدار قانون مماثل لقانون سنغافورة الذي يُحمّل الشركات مسؤولية الضباب العابر للحدود، باعتباره تحركا ضمن هذه الحزمة التشريعية؟
هناك بالفعل دعوات داخل ماليزيا منذ عام 2019 كي نسن التشريعات الخاصة بنا، والتي تتعامل مع مشكلة “الضباب العابر للحدود” على غرار ما فعلت سنغافورة.
والمشكلة في الواقع ليست مشكلة ماليزيا وحدها، لكنها متكررة في دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، وزادت مع ظاهرة “النينو” في 2019، وهي ظاهرة مناخية واسعة النطاق تحدث بشكل طبيعي وتنطوي على تقلب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادي الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي.
ثم أطلت بوجهها القبيح مرة أخرى العام الماضي مع عودة ظاهرة “النينو”، ومن الواضح أن الناس يشعرون بالاستياء الشديد، لأن تلك المشكلة تسببت بإغلاق المدارس والشركات، كما أن لها تأثيراتها الواضحة على الصحة.
والتفكير في إصدار قانون هو إحدى الطرق التي نستكشفها، وكان التحدي يتمثل في النظر إلى ما فعلته سنغافورة، وهل هناك آليات واضحة لتطبيق القانون، لأنك عندما تتحدث عن ضباب عابر للحدود فأنت تتحدث عن ممارسات تأتي من المزارع بالبلدان المجاورة لنا برابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مثل إندونيسيا، وكما تعلم فإن تطبيق القانون حينها سيتطلب تعاونا من السلطات المحلية في تلك الدول.
لكنْ إضافة لهذا المسار التشريعي، فإن لدينا بالفعل اتفاقية أخرى بشأن التلوث بالضباب العابر للحدود على مستوى رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)، والتي أُبرمت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت ماليزيا من أوائل الموقعين عليها، والآن أعتقد أن جميع دول آسيان وقعت عليها، ولكنْ هناك انتقادات بأنها ليست قوية بما يكفي من حيث التنفيذ.
لذلك فإن أحد الخيارات المتاحة النظر في ما إذا كان بإمكاننا ترقية هذه الاتفاقية، بحيث تضم لجنة علمية أقوى لتقييم المخاطر، أو يمكننا أيضا عقد بعض المحادثات الثنائية على سبيل المثال مع إندونيسيا للنظر في هذه القضية.
وقد عقدنا بالفعل جلسات مفتوحة مع أعضاء البرلمانات والمجتمع المدني بشأن المشكلة وسبل حلها، وسوف نستمر في النظر بهذا الأمر بالتفصيل من زوايا مختلفة، وسننظر في كل طرق الحل، لكننا سنعطي اهتماما للزاوية الخاصة باتفاقية رابطة دول جنوب شرق آسيا، لأن ماليزيا ستتولى رئاسة الرابطة العام المقبل.
وآمل أن نتمكن في النهاية من الوصول لحلول، فأنا أتفهم جيدا الرغبة الشديدة في أن تكون هناك حلول تنعكس على جودة الهواء.
- ولماذا تثير هذه المشكلة تحديدا أزمة متكررة مع جارتكم إندونيسيا؟
كما تعلم، فإن لدينا جهازا متخصصا في الأرصاد، وتشير البيانات التي تُوفر إلى أن المشكلة تأتي من الحرائق التي تحدث في إندونيسيا، ولكننا لا نريد أن يتحول الموضوع إلى قضية دبلوماسية، بل نريد أن يكون دافعا للبحث عن حلول مشتركة، لأن الهواء عابر للحدود، ولا يمكن تحسين جودته إلا في إطار من التعاون الإقليمي، تماما كما فعلت حكومات كندا والولايات المتحدة الأميركية والمكسيك عام 2020.
فنحن لا نهدف إلى توجيه أصابع الاتهام لأحد بقدرنا ما نهدف إلى البحث عن حلول، ونحن من جانبنا تواصلنا مع الشركات الماليزية العاملة في إندونيسيا وطلبنا منها التعاون مع الحكومة المركزية والحكومات المحلية لضمان ألا تكون مساهمة في المشكلة، وبشكل عام أعتقد أننا شهدنا الكثير من التعاون الإيجابي، كما أرسلت رسالة لنظيري الإندونيسي أكدت فيها على أن القانون الإندونيسي يجب أن يطبق على أي شركة ماليزية تتورط في المشكلة، وهذا الالتزام من جانبنا يؤكد رغبتنا في حل المشكلة في إطار من التعاون.
وكما أكدت سابقا، نحن نستهدف حل المشكلة في إطار رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، فقد قمنا من خلال تلك الرابطة بعمل جيد في الماضي، ونحتاج الآن لتطوير أنفسنا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
- كيف يساعد تطوير أداء الرابطة على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، وفي مقدمتها تغير المناخ؟
إذا كانت رابطة دول جنوب شرق آسيا وحدة اقتصادية واحدة، فسيصبح عدد سكانها قوة بشرية لا يستهان بها، وهذا يجعلنا لاعبا رئيسيا على الأجندة العالمية، لكن التحدي يتمثل في أننا بحاجة إلى أن نكون قادرين على القيام بأشياء معا، وهنا تكمن الصعوبة.
فعندما ننظر لدولتين مثل ماليزيا وإندونيسيا فهما دولتان مهمتان في التنوع، وأعني هنا التنوع من منطلق بيئي بحت، فإذا عملنا معا على حماية أحواض الكربون لدينا قدر الإمكان فسيكون لدينا قدر هائل من مصارف الكربون، لا سيما إذا تزامن مع ذلك السير في النشاط الاقتصادي بطريقة تخفض الانبعاثات الكربونية، وهو ما سجعلنا لاعبين مهمين في مكافحة تغير المناخ عالميا. ولكن إذا سرنا على نفس نهج البلدان الأخرى أو إذا قمنا بتدمير غاباتنا، فلا أعتقد أن هذا يمثل أي أمل للعالم.
- في تقرير المساهمات الوطنية المقدم للأمم المتحدة في يوليو/تموز 2021، زادت ماليزيا طموحها في تخفيف الانبعاثات من خلال التعهد بخفض كثافة الكربون، مقابل الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2005، فما الذي تحقق حتى الآن في هذا الإطار؟
نحن بصدد إعداد إستراتيجية طويلة المدى للتنمية منخفضة الانبعاثات، وأعتقد أن هذا سيكون شيئا نستكشفه قريبا، فلا تزال هناك ثغرات نعمل عليها.
ونستطيع القول إننا أحرزنا تقدما، ولكن بالتأكيد عندما نتحدث عن عدم زيادة متوسط درجة الحرارة العالمي عن 1.5 درجة فعلينا فعل المزيد، وأعتقد أن قمة “كوب 28” الأخيرة في دبي كانت مناسبة جيدة لتذكيرنا بذلك.
ونحن في ماليزيا لا نهدف فقط إلى خفض كثافة الكربون مقابل الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45%، ولكن لدينا هدف آخر هو الوصول لصافي صفر من الانبعاثات بحلول عام 2050، وتحقيق ذلك يحتاج إلى إستراتيجية توازن بين التنمية والبيئة كما قلت من اليوم الأول لتولي المنصب، لأننا ما زلنا دولة نامية ولدينا عدد كبير من الفقراء، وليس من المقبول والمنطقي أن يأتي هدف الحفاظ على كوكب الأرض من الاحترار على حساب التنمية والاقتصاد.
- أشرت خلال مشاركتك في قمة المناخ “كوب 28” إلى الخسائر المناخية “المدمرة” الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على غزة.. في تقديرك، إلى أي مدى تعكس هذه الأزمة من الناحية البيئية غياب ما يُعرف بـ”العدالة المناخية”؟
قبل حرب غزة أدنتُ الغزو الروسي لأوكرانيا وما حدث من إبادة بيئية هناك، ولكن الوضع في غزة أكثر خطورة، فنحن نتحدث عن منطقة مكتظة بالسكان تعاني في الأساس من ندرة في الموارد، وزادت الحرب من هذه المعاناة، حيث لا يوجد مصدر للمياه النظيفة، ودُمرت البنية التحتية من صرف صحي، لذلك ونحن نتحدث عن كوكب مرن مناخيا ونسعى لتحقيق صافي صفر من الانبعاثات، هناك قطعة من هذا الكوكب نُزع منها أي مقومات لتحقيق تلك المرونة بسبب أطنان من الملوثات الناتجة عن الحرب، لذلك إذا قمت بإخراج البعد المناخي من أزمة غزة فلن تتمكن من رؤية المأساة الإنسانية بحجمها الحقيقي.
- تباينت ردود الفعل على نتائج مؤتمر “كوب 28” بين من رأوا فيه خطوة في الاتجاه الصحيح بعد تبني التعهدات المتعلقة بتعظيم استخدام الطاقة المتجددة والعمل على خفض الانبعاثات، ومن رأوا أن هناك فجوة كبيرة بين التعهدات الممنوحة وما هو مطلوب لمواجهة آثار تغير المناخ.. فإلى أي اتجاه تميل؟
ماليزيا ترحب بمخرجات المؤتمر، فرغم أنه كانت هناك سخرية من أن يكون انعقاده في دولة نفطية مبشرا بنتائج إيجابية في قضايا البيئة والمناخ، فإن المؤتمر شهد، ولأول مرة منذ أكثر من 30 عاما، النص صراحة على ضرورة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
لكن هذا ليس كافيا، ونحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لمواجهة مشكلة تغير المناخ في إطار ما يعرف بالعدالة المناخية التي سنواصل قرع طبولها مطالبين بأن يتحمل العالم المتقدم مسؤوليته في دعم الدول النامية، لأنه ليس من العدل والإنصاف أن يتسبب العالم المتقدم طيلة المئتي عام الماضية بالنسبة الكبيرة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري ثم نطلب من الدول النامية حاليا بأن تتخلى عن أهدافها التنموية والاقتصادية للحفاظ على المناخ العالمي.
فنحن لا ننكر مشكلة الاحتباس الحراري الناتجة عن تغير المناخ، لكننا لن نمل قرع طبول العدالة المناخية التي تقضي بأن يكون الحل ليس على حساب سعي الدول النامية نحو تحسين أوضاعها الاقتصادية.
- كشف استطلاع أجراه مركز أبحاث الاتصالات المتعلقة بتغير المناخ بجامعة موناش بماليزيا بين يوليو/تموز وأغسطس/آب 2022، أن معظم المشاركين حريصون على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، لكنهم لا يعرفون ما يمكنهم فعله للتخفيف من آثار تغير المناخ، فما هي خطتكم لرفع مستوى الوعي بين المجتمعات المحلية بشأن تدابير تخفيف الانبعاثات؟
أعتقد أن التحدي الذي واجهته ماليزيا لفترة طويلة كان يتمثل في أننا قمنا بتسعير خدماتنا بأقل من قيمتها الحقيقية، فكما تعلمون فإن خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي كانت رخيصة للغاية، وكانت هذه أحد الأسباب المؤدية لزيادة الانبعاثات، لكننا نظرنا في أسعار تلك الخدمات وعُدلت، وننظر الآن في أسعار الوقود.
لكن هذا جزء من الحل، فنحن بحاجة إلى تطوير البدائل المتمثلة على سبيل المثال في المركبات الكهربائية ووسائل النقل العام الصديقة للبيئة، وفوق كل ذلك زيادة الوعي بقضايا المناخ بين فئة الشباب، وأتصور أن هناك تطورا واضحا في هذا الإطار ألمسه في سلوكيات نجلي على سبيل المثال، والذي دائما ما يلومني في كل مرة استخدم فيها زجاجات من البلاستيك.
- وفقا لبيان المخاطر المناخية الذي أعدته مجموعة البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، من المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة بمقدار 3.11 درجات مئوية في ماليزيا بحلول تسعينيات القرن الحادي والعشرين.. فكيف تستعدون لمواجهة هذا الارتفاع وتداعياته البيئية والاقتصادية؟
الطقس الماليزي حار ورطب، لكنه أصبح أكثر حرارة ورطوبة، ومثل كثير من دول العالم كان العام الماضي لدينا الأشد حرارة، ولقي طفلان حتفهما بسبب ضربات الشمس، وهذا أمر غير معتاد.
لذلك نحن نحتاج ليس فقط إلى إجراء لتخفيف الانبعاثات، لكن نحتاج أيضا إلى اجراءات لـ”التكيف المناخي”، وهذه الإجراءات تبدأ من الطريقة التي نصمم بها مدننا، وحتى الملابس التي نرتديها، فيجب في هذا الإطار الحفاظ على الغابات الحضرية، والعودة إلى ملابسنا التقليدية التي تساعدنا على التكيف مع الحرارة العالية، لذلك سمحنا مؤخرا للموظفين بارتداء قميص “الباتيك” التقليدي الذي يساعد في هذا الإطار.
- شهدت كوالالمبور فيضانات “غير مسبوقة” أواخر عام 2021، فإلى أي مدى كان هذا الحدث مؤثرا في الخطط الوطنية للتعامل مع تغير المناخ؟
كان أغلب تركيزنا في السابق عند التعامل مع قضية تغير المناخ على قضايا تخفيف الانبعاثات، لكننا الآن نعمل على تطوير خطتنا الوطنية بحيث تولي اهتماما بقضايا “التكيف”، ضمن نهج متعدد الأبعاد، للتعامل مع خطر الفيضانات.
وكما تعلم فإن ماليزيا لديها تاريخ طويل من هطول الأمطار الغزيرة، وكانت طريقة التكيف لدينا أن يكون المنزل قائما على ركائز متينة، لكننا لا نفعل ذلك الآن، لذلك سنعود إلى هذا النمط من البناء، ولن تكون هناك موافقة على منازل جديدة لا تقوم على تلك الركائز، وسيكون هناك إجراءات تأمينية على المنازل من أخطار الفيضانات، وسنسعى لتنفيذ حلول قائمة على الطبيعة مثل المدن الإسفنجية (مصطلح نشأ من فكرة جعل المدن تتصرف مثل الإسفنج، بحيث تكون قادرة على امتصاص مياه الأمطار وتخزينها وإعادة استخدامها بدلا من السماح لها بالتدفق بسرعة إلى أنظمة الصرف الصحي).
- ما هي إستراتيجية وزارتكم لضمان الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في ماليزيا، بما في ذلك الغابات والمعادن والمياه؟
لدينا الكثير من الموارد الطبيعية، ولا يمكن أن نقول للناس لا تقربوها، فليس من الحكمة أن نكون على قاعدة تمثال ونقول لن نلمسه، ولكن التحدي هو أن ندير تلك الموارد بشكل مستدام، فمثلا أشجار النخيل، نحرص على أن تُدار بشكل مستدام لضمان ديمومة إنتاج زيت النخيل، وهو سلعة مطلوبة عالميا، ويدخل في صناعات غذائية مهمة مثل صناعة الشوكولاته، ولدينا القصدير والمعادن الأرضية النادرة، والتي نحرص على التأكد من أنه يُستفاد منها بشكل مستدام أيضا، وهذا يتطلب تشريعات حاسمة تضمن تحقيق الاستدامة عند التعامل مع تلك الموارد، وتعاون بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وهذا ما نعمل عليه.