“صافي صفر” (Net Zero) هو أحد المفاهيم المناخية المهمة، ويشير إلى تحقيق التوازن بين كمية انبعاثات غازات الدفيئة التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي وتلك التي يتم إزالتها منه. بمعنى آخر، يصبح إجمالي الانبعاثات الصادرة مساويا لإجمالي الانبعاثات التي يتم امتصاصها أو تخزينها، مما يؤدي إلى عدم زيادة صافية في تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
وغازات الدفيئة، هي بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان والأوزون وثاني أكسيد النيتروجين وبعض الغازات الأخرى وهي التي تسبب الاحتباس الحراري عندما تتركز في الغلاف الجوي.
ويحذر العلماء من أن الاحتباس الحراري العالمي سيستمر في التفاقم حتى تصل البشرية إلى انبعاثات “صفرية صافية” – أي النقطة التي لم نعد فيها نزيد من إجمالي كمية الغازات المسببة للانحباس الحراري في الغلاف الجوي.
يتطلب الوصول إلى انبعاثات “صفرية” إيقاف كل نشاط منفرد يطلق غازات الدفيئة، وهو ما يعد صعبا للغاية. لذا فإن سياسة “صافي صفر” تشير إلى موقف لا يزال يتم فيه إطلاق بعض غازات الدفيئة، ولكن يتم تعويضها بأنشطة أخرى مثل زراعة المزيد من الأشجار لسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء. فيكون بذلك التأثير الصافي هو انبعاثات صفرية.
وأصبح المصطلح دارجا بشكل كبير في السنوات الماضية، حيث تعهدت بلدان وشركات بأن تكون “صافية صفرية” بحلول تواريخ مختلفة. فالولايات المتحدة والصين لديهما وعود صافية صفرية، وكذلك شركات مثل أمازون وآبل.
لكن في الممارسة العملية، يمكن إساءة استخدام المفهوم لأنه ليس من الواضح دائما ما إذا كانت إجراءات التعويض -الأشجار المزروعة أو التقنيات الموعودة بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي- فعاّلة كما هو مذكور، أو حتى ممكنة من الناحية الفنية في الأطر الزمنية التي تتم مناقشتها.
وقد تكون هذه التعويضات مثيرة للجدل، إذ يمكن للأشجار امتصاص ثاني أكسيد الكربون، لكنها أيضا يمكن أن تحترق في حرائق الغابات، مما يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. ولا تزال تكنولوجيا إزالة الكربون في مهدها، ويخشى المنتقدون أن يستخدم القادة والشركات هذا الوعد غير المؤكد بمثل هذه التعويضات في المستقبل لتجنب إجراء تخفيضات أعمق في انبعاثاتهم اليوم.
كما تبدو العديد من تعهدات الشركات بالصفر الصافي غير واضحة، وفي الوقت نفسه، فإن تعهدات العديد من البلدان غامضة وغير مدعومة بعد بسياسات ملموسة للحد من الانبعاثات بشكل جذري كما هو مطلوب، وينطبق هذا على كل من الولايات المتحدة والصين.
وبقطع النظر عن الإخلال بالالتزامات، تكمن طريقة تحقيق “صافي صفر” في تقليل الانبعاثات، عبر تحسين كفاءة الطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين العمليات الصناعية، وكذلك إزالة الانبعاثات باستخدام تقنيات مثل زراعة الأشجار (التي تمتص ثاني أكسيد الكربون) أو التقنيات الحديثة مثل احتجاز الكربون وتخزينه.
ويؤدي النجاح في تحقيق هدف “صافي صفر” إلى مكافحة تغير المناخ للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، كما نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ وبالتالي حماية البيئة وتقليل الآثار السلبية على النظم البيئية والتنوع البيولوجي، وهو ما يؤدي في النهاية ضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.