مفاجأة علمية.. النمل تفوق على البشر في العمل الجماعي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

في دراسة جديدة نشرت في دورية “بي إن إيه إس”، أجرى فريق بحثي تجربة فريدة من نوعها لمقارنة الأداء الجماعي بين البشر والنمل في مهمة تتطلب التعاون لنقل حمولة كبيرة ذات حواف تمثل عوائق عبر متاهة ضيقة. النتائج المفاجئة التي توصلت إليها الدراسة تلقي الضوء على الفوارق بين الإدراك الفردي والجماعي، وتكشف عن مزايا وعيوب التعاون في اتخاذ القرارات الجماعية.

بدأت الدراسة بمحاكاة مشكلة كلاسيكية تُعرف باسم “تحريك البيانو”، وهي تحدٍّ شائع في مجالات التخطيط الحركي والروبوتات، حيث يتطلب الأمر تحريك جسم كبير وغريب الشكل عبر ممرات ضيقة ومعقدة.

وعلى سبيل المثال، إذا قمت بالانتقال إلى شقة جديدة وأردت نقل طاولة أو أريكة أو سرير، فإنك بصعوبة تتمكن من تحريك تلك القطع بين غرفة وأخرى، وقد تخطئ أكثر من مرة فتضطر للعودة إلى الخلف وتضع القطع بشكل مختلف.

وفي تجاربهم، قام الباحثون ببناء مشكلة شبيهة في نسختين، الأولى كبيرة تسمح للبشر بنقل قطعة ما، والثانية صغيرة ومتكافئة هندسيا معها، وتستخدم لاختبار النمل.

ولتحفيز النمل على المشاركة في التجربة، تم وضع الحمولة داخل كيس يحتوي على طعام، مما جعل النمل يعتقد أن الحمولة عبارة عن طعام يجب نقله إلى المستعمرة. أما بالنسبة للبشر، فقد طُلب منهم ببساطة تحريك الحمولة من نقطة البداية إلى النهاية عبر المتاهة.

الإدراك الجماعي مقابل الإدراك الفردي

سلطت الدراسة الضوء على مفهوم “الإدراك الجماعي”، وهو القدرة على اتخاذ القرارات الجماعية بطريقة تتفوق على الإدراك الفردي. ويشير الإدراك الجماعي إلى السمات المعرفية التي لا توجد في فرد واحد ولكنها تظهر عندما يتجمع عدد من الأفراد المتواصلين معا.

في الدراسة، عندما يوحد النمل قواه لحمل الحمولة الكبيرة معا، يتأثر كل منهم بتصرفات الآخرين ويحاول الاصطفاف مع المجموعة. هذا يمنح المجموعة ذاكرة قصيرة الأمد تسمح لها بالاستمرار في اتجاه حركتها. وهذه الذاكرة قوية إلى الحد الذي لا يرتبك فيه النمل حتى عندما يصطدم بالجدار في المتاهة الضيقة، وفي هذا السياق كانت إحدى النتائج البارزة في الدراسة الأداء المتفوق لمجموعات النمل مقارنة بالبشر في المهمة ذاتها.

ولأنها بسيطة، فإن النمل الفردي لا يحاول فهم “هندسة المتاهة”، كل ما يفهمه هو أنه يتعين عليه حمل حمولة كبيرة معا. وهكذا فإن كل النمل متفق ومتعاون في حمل الحمولة معا، وعلى النقيض، فإن تعقيد البشر هو ما صعّب تعاونه. فعلى عكس النمل، يدخل كل شخص اللغز محاولا فهمه وحاملا أفكارا مختلفة حول تسلسل الحركات المطلوبة لتحريكه.

والمثير للانتباه أنه حينما قيدت الدراسة التواصل بين أفراد المجموعات البشرية (عبر منعهم من التواصل الشفهي) لمحاكاة التواصل المحدود الذي يتم بين النمل، بدا أن الناس يضعون الإجماع فوق كل اعتبار آخر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *