صيد الشفق القطبي.. قصة مغامرة من أبوظبي نحو الظاهرة الشتوية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

ما هو الشفق القطبي؟

مشهد ساحر وخلاب يظهر في السماء مع حدوث ما يُعرف بظاهرة “الشفق القطبي”، حيث تظهر أضواء ملونة تنفرد بها منطقتا القطب الشمالي والقطب الجنوبي، وتتخذ شكل أقواس أو شرائط أو أحجبة أو ستائر، ويُطلق عليها بعض الألقاب، مثل الفجر القطبي أو الأضواء الشمالية.

تعتبر الشمس السبب الرئيس في حدوث ظاهرة الشفق القطبي، حيث تقذف حقلا مغناطيسيا، خلال ما يُعرف بـ “الانفجارات الشمسية” التي تتجه نحو الأرض عبر الرياح الشمسية، وعندما يصل هذا الحقل المغناطيسي إلى الغلاف الجوي لكوكب الأرض، فإنه يجد مقاومة شديدة تتسبب في إتلاف الرياح الشمسية وتبديدها، ما يؤدي إلى توهج الجزء الخارجي من الغلاف الجوي فوق منطقتي القطبين الشمالي والجنوبي، وتظهر ألوان زاهية تغطي مساحات كبيرة في السماء.

رحلة وسام

عَزم وسام أيوب، عاشق المغامرات والتصوير الفلكي، والحائز على 3 جوائز عالمية للتصوير الفلكي من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، على “صيد” الشفق القطبي، فقرر خوض هذه المغامرة والتوجه إلى مدينة ترومزو النرويجية.

وتشتهر مدينة ترومزو كونها واحدة من الأماكن التي يمكن فيها رؤية الشفق القطبي، كما أنها “لا ترى الشمس” أبدا، خلال شهرين سنويا، من منتصف نوفمبر وحتى منتصف يناير.

الرحلة بدأت من أبوظبي، حيث توجه وسام أولا إلى بولندا، بعدها سافر إلى ترومزو في شمال النرويج، وبدأ رحلة استكشاف المناطق التي يمكن فيها مشاهدة الشفق.

وقال أيوب لموقع سكاي نيوز عربية: “بالنسبة لعشاق المغامرات، تكون محظوظا إذا شهدت ظاهرة الشفق القطبي خلال فترة حياتك، يمثل حلما للكثيرين. العديد من محبي المغامرات يسافرون دولا شتوية مختلفة، ويستعينون بشركات سياحية مختصة، ومع ذلك، لم يحالفهم الحظ في رؤية هذه الظاهرة”.

أيام الشتاء القارسة

وخلال وصفه للمغامرة المثيرة، أشار وسام أيوب إلى إنه قرر الإقامة في مزرعة مع عائلة نرويجية هناك، بهدف عيش التجربة المتكاملة لسكان هذه المناطق، والابتعاد عن مظاهر التقدم التي قد تبعد المغامر عن خوض تجربة حقيقية.

ووصف أيوب الأيام الأولى: “بدأنا نسأل، أين يمكننا مشاهدة الظاهرة.. وأخبرنا سكان ترومزو بعدة مناطق شهيرة “لصيد” الشفق، يبعد أحدها 4 ساعات كاملة عن مقر إقامتنا، ويبعد الآخر ساعتين، لكنني أردت أن أقوم ببحث خاص بنفسي مستعينا بخبرتي في الأرصاد الجوية”.

البحث عن الشفق

وقال أيوب لموقع سكاي نيوز عربية: “في الليلة الأولى والثانية، لم نستطع رؤية الشفق، بسبب تجمع الغيوم الكثيفة في المنطقة، وبدأ الأمل يتضاءل برؤية الشفق خلال الرحلة”.

وأضاف أن “مشاهدة الشفق القطبي أمر غير مضمون، وعانى الكثير من المغامرين من رحلات طويلة قرب القطب الشمالي، لم تثمر عن مشاهدة الشفق، بسبب سوء الأحوال الجوية”.

وأردف قائلا “كان لدينا 4 ليال في المدينة، وبعد أول ليلتين ’خالية من الشفق‘، قمت بعمل بحث خاص، واكتشفت أن هناك ’نافذة‘ وقتية، لانقشاع الغيوم”.

وتابع “بخبرتي في مراقبة وتصوير السماء والنجوم، بدأت أبحث عن أماكن يقل فيها التلوث الضوئي للمدينة، ووجدت مكانا شبه مهجور خارج المدينة”.

“شركة المغامرات نصحتنا بالذهاب لمكان يبعد 4 ساعات، لكنني أصريت على البقاء على المكان الذي اخترته، لثقتي بأن فرصنا ستزداد برؤية الظاهرة الطبيعية”.

الوصول للموقع

أشار أيوب إلى أنه عند وصوله للمكان، لاحظ انخفاض درجة الحرارة بشكل لا يصدق، والتي تجاوزت 27 درجة مئوية تحت الصفر.

وبعد ساعة من الوصول، بدأ الشفق بالظهور بشكل خفيف، على حد وصف أيوب، ثم ما لبثت السماء أن امتلأت بأضواء الشفق المتراقصة، التي أضاءت الوادي المظلم بشكل شبه كامل.

وقال وسام أيوب واصفا لحظة ظهور الشفق: “الشعور وقتها لا يوصف برؤية هذه الظاهرة الطبيعية الاستثنائية”.

“بعد ساعة من الاستمتاع بالأضواء الخلابة، وتوثيق الظاهرة، كان لا بد أن أنتبه لبرودة الجو. يغمرك الحماس أحيانا من الانتباه لتجمد الأطراف، والتي تمثل حالة “مخيفة” في المناطق قرب القطب الشمالي”.

 ما بين الكلاب والغزلان.. مغامرات أخرى

رحلة وسام أيوب تضمنت مغامرات أخرى، بجانب الشفق القطبي، مثلت تجربة شتوية استثنائية، ومن بينها رحلة لمراقبة أعداد من “غزلان الرنة” التي تشتهر في المناطق الشتوية الصعبة.

وتحظى غزلان الرنة بآليات تساعدها على التكيف بشكل فريد للغاية مع الظروف التي تسود فصل الشتاء المظلم قارس البرودة في القطب الشمالي، بقدر يجعل من المرجح أن ترتفع درجة حرارة أجسادها كثيرا فلا تتجمد.

كما شملت رحلة التنقل بالنسبة لوسام، قيادة دراجات الثلج، والتي تحمل مخاطرا خاصة، تتمثل بالانحراف الثلجي والانزلاق عن المسار.

أيوب أكد أن ركوب الدراجات الثلجية كان أمرا ضروريا للتنقل بين بعض المناطق، لاستكشاف بعض مواقع الشفق المحتملة، والتي لا تستطيع السيارات الدخول إليها.

كما شملت المغامرة رحلة استكشاف مواقع على متن عربة ثلجية تجرها كلاب الهسكي الشهيرة، والتي تمتاز بقدرة التحمل واللياقة العالية، بالإضافة إلى امتلاكها قدرة بصرية عالية وسط الظلام.

أيوب سخر جميع الأساليب الشتوية الضرورية، لإجراء مسح على مناطق “صيد الشفق”، وهو ما نجح بتحقيقه بالفعل.

وما بين ألاسكا وجبال النمسا وكتل آيسلندا الجليدية، لطالما تنقل واسم أيوب بحثا عن المغامرات الاستكشافية المثرية، ولكن رحلته إلى ترومزو وصيد أضواء الشفق القطبي، كانت الرحلة الأكثر إبهارا بالنسبة له على مدار حياته.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *