أكد فريق بحثي بقيادة علماء جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ؛ النظرية القائلة: إن ما نراه في أرض الواقع ليس مجرد صورة للمرآة عما يقع قبالة أعيننا، بل هو تفسير لهذه الصورة تساهم فيه احتياجاتنا وتوقعاتنا.
وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرها الفريق في دورية بلوس بيولوجي، حلل باحثون النشاط العصبي في منطقة “المهاد البصري”، وهي منطقة في الدماغ تتلقى الإشارات البصرية مباشرة من العين عبر العصب البصري.
وحلل الباحثون النشاط العصبي في منطقة المهاد لمجموعة من الحيوانات أثناء حالات من الإثارة والخمول التي تعرضت لها، وراقب الباحثون قُطر بؤبؤ العين لدى حيوانات التجارب، حيث يشير كبر حجمه إلى حالة الإثارة.
وكشفت التجارب أن مسار الإشارات العصبية البصرية في الدماغ يختلف بحسب حالة الحيوان، فإذا كان خاملا تأثرت مناطق إدراكية محددة، وإذا كان نشطا تأثرت مناطق إدراكية أخرى، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من جامعة لودفيغ ماكسيميليان.
ويؤكد ذلك أن الانطباعات الحسية -أي ما يدركه الحيوان حينما يرى شيئا ما أيا كان- يختلف باختلاف حالته الداخلية، بل ووجد الباحثون أن انطباع الحيوانات لم يعتمد على أية عوامل أخرى، كوضعيته إذا كان يتحرك أو يجلس ساكنًا أو يُحرك عينيه..
أفضل تخمين
ويتفق ذلك مع نتائج دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة جون هوبكينز قبل عدة سنوات حاول الإجابة خلالها على سؤال: هل نرى واقع العالم الحقيقي أم نرى ما تريد أدمغتنا أن تراه بغض النظر عن هذا الواقع؟
وتقول الفرضية الرئيسية إن هناك نوعان من المعالجة في أدمغتنا، الأول له علاقة بالبيانات القادمة من العالم الخارجي عبر وسائل الحس مثل السمع أو البصر، والثاني له علاقة بخبرة أدمغتنا السابقة عن هذا العالم وحالتنا الفسيولوجية والنفسية.
وبجسب الدراسة التي نشرها الفريق في منشورات الأكاديمية الوطنية للعلوم “بي إن إيه إس”، فإن النوع الثاني من المعالجة في أدمغتنا يميل للانتصار ليصنع العالم أمام أعيننا كما نريد لا كما هو في الواقع الموضوعي.
ويميل فريق كبير من الباحثين في نطاق علوم الأعصاب إلى صحة تلك الفرضية التي يمتد تاريخها إلى القرن التاسع عشر، حينما افترض الطبيب والفيزيائي والرياضي الألماني هيرمان فون هيلمهولتز أن ما ندركه ليس الواقع، بل هو أفضل تخمين يمكن أن تصنعه أدمغتنا عن هذا الواقع، وهو تخمين تمتزج فيه الصورة التي نراها بالفعل مع خبرات أدمغتنا.