بمشاركة علماء عرب.. دراسة جديدة تبحث تأثير الأقمار الاصطناعية في الرصد الفلكي الأرضي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

مع تزايد عدد الأقمار الاصطناعية التي تطلقها العديد من الدول والشركات الخاصة خلال السنوات الماضية، تزايد اهتمام علماء الفلك بمراقبة ودراسة التأثير السلبي لتلك الأقمار الاصطناعية في عمليات الرصد الفلكي الأرضي.

وفي دراسة علمية جديدة توصل فريق بحث دولي إلى أن الأقمار الاصطناعية تشكل تحديا كبيرا لعلم الفلك؛ حيث إنها تؤثر سلبيا في عملية الرصد الفلكي الأرضي، ونشرت نتائج الدراسة مطلع هذا الشهر في مجلة “نيتشر”.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال البروفيسور زهير بن خلدون، مدير مرصد أوكايمدن الفلكي بالمغرب، الذي شارك في الدراسة، “هذه الدراسة مرتبطة بأكبر قمر اصطناعي (بلو ولكر3) من حيث الحجم ومن حيث اللمعان، ومداره يوجد بمدار قريب من الأرض، ولهذا يعكس ضوء الشمس بشكل قوي، وهذا الانعكاس يؤثر في مراقبة السماء بصفة عامة، ومراقبة الأجرام السماوية التي تهم الباحثين في علم الفلك”.

مراقبة دولية

وتأتي الدراسة الجديدة التي استغرقت سنة، في إطار المراقبة الدولية التي نفذتها مجموعة من المراصد الدولية ضمن برنامج رصد ومراقبة الأقمار الاصطناعية، الذي يشرف عليه الاتحاد الفلكي الدولي حول القمر الاصطناعي “بلو ولكر3″، وهو أحد أكبر الأقمار الاصطناعية الموضوعة في مدار منخفض وقريب من الأرض، ومن الأقمار الأكثر سطوعا.

ويقول زهير بن خلدون في هذا السياق، “تتجلى أهمية مراقبة الأقمار الاصطناعية بالنسبة للراصدين الفلكيين في معرفة تأثير تلك الأقمار في الرصد الفلكي، ومعرفة التأثير السلبي لكي يُتفادى من ناحية، واختراع طرق لمعالجة الصور التي تؤثر فيها الأقمار الاصطناعية، ومن ناحية ثانية يمكننا أن نكوّن قوة ضغط على الشركات التي ترسل الأقمار الاصطناعية، لكي تكون حذرة من هذا التأثير السلبي في الرصد الفلكي باختراع طرق لبناء أقمارها الاصطناعية، وتجنب وضعها في مدارات يمكن أن يكون لها فيها تأثير في الرصد الفلكي”.

وحسب فريق البحث فالدراسة العلمية الجديدة تمثل قاعد بيانات مهمة يمكن للباحثين الرجوع إليها للحصول على معلومات تقنية حول القمر الاصطناعي، الذي تمت مراقبته “بلو ولكر3″، وكيف يُراقب من الكرة الأرضية والقياسات التي أجراها فريق البحث، وكذلك معرفة الفرضيات والنظريات التي يمكن استعمالها تجاه الأقمار الاصطناعية المبرمج إرسالها إلى المدار نفسه، الذي يوجد فيه قمر “بلو ولكر3” الاصطناعي.

مشاركة عربية

وشارك في هذه المراقبة الدولية باحثون من المرصد الفلكي أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض بالمغرب، من ناحية الرصد بتوظيف المناظر الموجودة في المرصد؛ حيث روقب القمر الاصطناعي منذ انطلاقته نحو مداره في 10 سبتمبر/أيلول 2023، وراكم فريق البحث قاعدة بيانات بواسطة منظارين، كما أسهم من ناحية دراسة وتحليل المعطيات التي توصل إليها بالمرصد، ومن طرف مراصد فلكية موجود في هاواي وأميركا وإسبانيا.

وأشار زهير بن خلدون إلى أن مرصد أوكايمدن يشتغل على مراقبة الأقمار الاصطناعية منذ 5 سنوات، بشراكة مع فرق بحثية دولية ومع القطاع الخاص، الذي يموّل الأبحاث المرتبطة بمراقبة الأقمار الاصطناعية وحطام الفضاء.

 

مزيد من البحث مستقبلا

وقدّم فريق البحث نتائج مفصلة حول مراقبة القمر الاصطناعي “بلو ولكر3” في الدراسة التي نشرت بمجلة “نيتشر”، ويقول زهير بن خلدون، إن أهم ما يمكن الإشارة إليه بالنسبة للجمهور العام، هو أن القمر الاصطناعي الذي روقب تجاوز الحدود التي وضعها الاتحاد الفلكي الدولي من ناحية قوة اللمعان، وكذلك المجال الذي يدور فيه.

كما أشارت الدراسة -أيضا- إلى ما هو مرتقب لهذا النوع من برامج مراقبة الأقمار الاصطناعية، وتأثيرها السلبي الذي يمكن أن تحدثه للرصد الفلكي.

ووفق زهير، “من بين التحديات التي واجهت فريق البحث للوصول لهذه النتائج، هو أن السماء أثناء المراقبة يجب أن تكون صافية؛ لأن معطيات الطقس مهمة، ولحسن الحظ تمكنا من رصد القمر الاصطناعي في المدة المطلوبة، وتعاملنا مع تحدي الدقة في تحديد موقع القمر الاصطناعي، فضلا عن مدى استعداد الباحثين للمراقبة في الوقت المطلوب”.

ومُوّلت أبحاث فريق البحث بالمغرب من جامعة القاضي عياض بالمغرب، في إطار الأبحاث التي ينفذها مختبر الطاقات العالية وعلم الفلك في كلية العلوم السملالية بمراكش، أما بخصوص التمويل الخارجي فوُفّر من طرف الشركاء الباحثين، ومن طرف الشركات الخاصة التي تموّل هذه الأبحاث.

وينهي زهير بن خلدون حديثه للجزيرة نت بالقول، “بالنسبة لمستقبل البحث حول قمر “بلو ولكر3″ الاصطناعي لا نزال بصدد مراقبته لمعرفة مداره وكيف يتطور ومعرفة كيف يتطور لمعانه، ومن اللازم -كذلك- مراقبة الأجيال القادمة من الاقمار الاصطناعية وتتبعها لمعرفة تأثيرها على الرصد الفلكي، ولذلك كوّنّا فريقا علميا متخصصا في جامعة القاضي عياض في هذا المجال، لتتبع الأقمار الاصطناعية والحطام الفضائي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *