أعلن فريق بحثي دولي خلال المؤتمر الـ55 لعلوم القمر والكواكب المنعقد في الولايات المتحدة الأميركية بولاية تكساس الأربعاء 13 مارس/آذار الجاري، عن اكتشاف بركان عملاق على سطح المريخ جنوب خط استواء الكوكب.
كما توصل العلماء إلى اكتشاف مساحة شاسعة تبلغ 5000 كيلومتر مربع من الرواسب البركانية في محيط البركان تُظهر عددا كبيرا من التلال المنخفضة والمستديرة والممدودة تشبه البثور.
وأُطلق على البركان الضخم المكتشف اسم “نوكتيس” مؤقتا في انتظار الاسم الرسمي، ويبلغ ارتفاعه 9000 متر (2960 قدما)، إلى جانب براكين أخرى عملاقة معروفة وهي “أسكريوس مؤنس” و”بافونيس” و”أرسيا مؤنس”، إلا أن البركان الجديد ينافسها في القطر، إذ يبلغ عرضه نحو 450 كيلومترا (280 ميلا).
وحسب البيان الصحفي الذي أصدره فريق معهد سيتي ومعهد المريخ المشاركين في الاكتشاف، “فقد كشف العلماء عن بركان عملاق كان يختبئ على مرأى من الجميع في واحدة من أكثر مناطق المريخ شهرة، وبسبب التآكل الشديد الذي تعرض له أصبح غير قابل للتعرف عليه”.
وأشار العلماء إلى أن هذا البركان يقع في تضاريس تشبه المتاهة في الجزء الشرقي من هضبة “ثارسيس” البركانية قرب خط الاستواء المريخي، إلى جانب وجود طبقة جليدية محتملة في قاعدته.
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة عالم الكواكب في معهد سيتي ومعهد المريخ الدكتور “باسكال لي”: “كنا نفحص جيولوجيا المنطقة التي وجدنا فيها بقايا نهر جليدي في العام الماضي، فأدركنا أننا كنا داخل بركان ضخم ومتآكل بشدة”.
بركان نشط لفترة طويلة
ويشير البيان إلى أن البركان العملاق “نوكتيس” كان نشطا منذ العصور القديمة وحتى عهد قريب نسبيا مع وجود بقايا محتملة من الجليد قرب قاعدته. ويدل الحجم الهائل للبركان وخصائصه الجيولوجية المعقدة على أنه كان نشطا لفترة طويلة جدا في الجزء الجنوبي الشرقي الذي توجد فيه رواسب بركانية رفيعة وحديثة من المحتمل أن يكون الجليد موجودا تحتها.
يقول الباحث المشارك في الدراسة “سوراب شوبهام” من جامعة ماريلاند: إنه “من المعروف أن هذه المنطقة من المريخ تحتوي على مجموعة متنوعة من المعادن المائية التي تمتد على امتداد طويل من تاريخ المريخ. ومنذ فترة طويلة يُشتبه في وجود بيئة بركانية لهذه المعادن، لذلك قد لا يكون مستغربا جدا العثور على بركان هناك”.
موقع جديد للبحث عن الحياة
وذكر فريق البحث أن اكتشاف هذا البركان يجعل المكان جذابا ومثيرا للبحث عن الحياة، ووجهة محتملة للاستكشاف الآلي والبشري في المستقبل، كما أن اكتشاف جليد مدفون تحت رواسب بركانية حديثة نسبيا داخل محيط البركان المتآكل مهم لدراسة التطور الجيولوجي للمريخ عبر الزمن.
ويفسر الباحثون تكوين البركان العملاق “نوكتيس” بأنه نتاج تراكمات طبقات الحمم البركانية والجليد، وهذا الأخير ناتج عن تراكم متكرر للثلج والأنهار الجليدية على جوانبه عبر الزمن، مع تطور الكسور والصدوع في النهاية، لا سيما فيما يتعلق برفع منطقة “ثارسيس” الأوسع التي يقع عليها البركان؛ حيث بدأت الحمم في الارتفاع عبر أجزاء مختلفة من البركان، مما أدى إلى تآكل حراري وإزالة كميات هائلة من الجليد المدفون والانهيار الكارثي لأجزاء كاملة من البركان.
ويرى الباحثون أن استمرار الألغاز المحيطة ببركان “نوكتيس” يثير انتباه العلماء، وقد بدأ الموقع بالفعل في الظهور كموقع جديد ومثير لدراسة التطور الجيولوجي للمريخ والبحث عن الحياة والتخطيط للاستكشاف في المستقبل.
يقول الدكتور “باسكال لي” : “إنه بركان قديم وطويل العمر، بحيث يمكنك التنزه أو الطيران حوله لفحص أجزاء مختلفة من داخله وتاريخها لدراسة تطور المريخ عبر الزمن، مما يجعله موقعا رئيسيا لعلم الأحياء الفلكية والبحث عن علامات الحياة، ومع استمرار الحفاظ على الجليد بالقرب من السطح في منطقة استوائية دافئة نسبيا على سطح المريخ يبدو المكان جذابا للغاية للاستكشاف الآلي والبشري”.
يذكر أن الدراسة عن هذا البركان العملاق أُجريت باستخدام بيانات المركبة الفضائية “مارينر9″ و” فايكينغ أوربيتر 1 و2 التابعة لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، إضافة إلى “مارس غلوبال سورفيور” و”مارس أوديسي” و”مارس ريكونسنس أوربيتر” التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.