مع استحواذ رجل الأعمال المشهور إيلون ماسك على منصة تويتر وتحويلها إلى منصة إكس، شهدت الساحة الرقمية لمنصات التواصل الاجتماعي تحولا ملفتا، أتى مع تخوف من مدى قدرة منصة إكس على النجاح في هذا الاختبار الشاق. فما هي قصة تحويل تويتر إلى منصة إكس، وما آثار هذه التجربة على جمهور تويتر؟
بدأ إيلون ماسك عملية الاستحواذ على شركة التواصل الاجتماعي الأميركية تويتر في 14 أغسطس/آب 2022، وأتم الصفقة بالكامل مستحوذا على الشركة في 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
ودفع مقابل الاستحواذ 44 مليار دولار، وطرد المسؤولين والموظفين في الشركة، كما غير اسم المنصة من “تويتر” إلى “إكس”، وأعلن عن هذا التغيير في 23 يوليو/تموز 2023.
وقام بعد ذلك بتحويل العلامة التجارية القديمة “الطائر الأزرق” لتصبح على شكل حرف “إكس” باللغة الإنجليزية ملون بالأسود والأبيض. وذكر أن سبب اختياره هذا الرمز هو جعل التطبيق “تطبيقا لكل شيء”.
تطلعات ماسك للمنصة
يزعم البعض أن خطة ماسك في تحويل تويتر تشير إلى أنه يريد الحصول على منصة تواصل اجتماعي شبيهة بالمنصة الصينية “وي تشات”، وهي منصة تواصل اجتماعي خاصة بالمنشورات والمكالمات الصوتية وخدمات الدفع مع العديد من الخدمات الأخرى.
وشبه ماسك المنصة الصينية بأنها منصة متكاملة، وقال إنها منصة تفعل كل شيء، وهي مجموعة متكاملة من الأشياء مجتمعة في تطبيق واحد، فكأنها تشبه وجود تويتر وتطبيق الدفع الإلكتروني بيبال.
واعتبر ماسك أن تطبيق وي شات مناسب للحياة اليومية، وذلك سر أنه يُستخدم بكثرة، لكن استخدامه محدود بالصين. وبالتالي ومن خلال تحويل تويتر إلى منصة متكاملة فإن ماسك يتوقع من منصة إكس الجديدة أن تزيد عدد مستخدمي تويتر بين 200 مليون ومليار مستخدم.
وذكر أن إنشاء منصة أو تطبيق متكامل في الولايات المتحدة لن يكون سهلا أبدا في ظل التطبيقات الكثيرة التي تتنافس بشراسة اليوم، إلا أن إكس قد يسرّع منصة تويتر بنحو 3 إلى 5 سنوات.
سبب تسمية المنصة إكس
هناك العديد من الحقائق السابقة التي تخص مهنة إيلون ماسك وتشير إلى ارتباطه الوثيق بهذا الحرف منذ زمن بعيد، وإيمانه بالنجاح الذي يحمله.
ففي عام 1999 شارك ماسك في تأسيس بنك عبر الإنترنت سُمي اسم النطاق الخاص به “إكس دوت كوم”، لكن بعد ذلك بمدة اندمج البنك مع شركة أخرى تسمى كونفينيتي وسمي بعدها بنك “بيبال”.
وبعد مدة وجيزة، استعاد ماسك اسم الدومين “إكس دوت كوم” وقال إنه يعني له الكثير، وذلك في عام 2017.
وفي عام 2022 أسس ماسك شركة تطوير التكنولوجيا الفضائية “سبيس إكس”، وحققت العديد من النجاحات أبرزها تقليل كلفة الوصول إلى الفضاء عبر تطوير تكنولوجيا إعادة استخدام الصواريخ.
وفي عام 2015 أطلق ماسك شركة صناعة السيارات “تسلا”، وبعد النجاح الباهر الذي حققته أطلق ماكس الطراز “إكس” بعنوان “تيسلا موتورز إكس”، وهي سيارة كهربائية بمميزات تكنولوجية متقدمة.
وفي عام 2022 أسس ماسك ثلاث شركات قابضة تحمل الاسم “إكس هولدينغز”.
فعلاقة ماسك بالحرف إكس ليست عابرة، بل هي علاقة قديمة ترتبط بمعظم أعماله إن لم يكن كلها.
هل حققت أهدافها؟
رغم آمال ماسك الواسعة في جعل منصة إكس منصة المستقبل للتواصل الاجتماعي، فإن الشركة تعاني من عدد كبير من القضايا والتحديات القانونية نتيجة للدعاوى التي قدمها موظفو تويتر، إضافة إلى المقاولين التابعين للشركة، وجاء ذلك بعد أن قام ماسك بتسريح ما يصل إلى 80% من موظفي الشركة القدماء.
كما تخضع إكس لتحقيقات تنظيمية متعددة من قبل عدة جهات، كالبورصة والسلطات الأوروبية ولجنة التجارة الفدرالية ولجنة الأوراق المالية، والتي تنتهي بفرض العقوبات على الشركة وعلى إيلون ماسك. وتظهر التحليلات أن زيارات موقع الشركة على الإنترنت انخفضت بنسبة 14%، وهو أمر لا يبشر ولا هو قريب من رؤية ماسك لمستقبل هذه الشركة.
أغراض شخصية
وفي سياق الإشاعات التي انتشرت عن منصة إكس، أشارت العديد من الجهات أن ماسك استخدم المنصة بتحيز لآرائه الشخصية.
فمن الممارسات التي أثارت الجدل؛ فرض الحظر على بعض الجهات وإلغاء الحظر عن بعضها الآخر، كما ألغت المنصة الحظر عن العديد من الإعلانات السياسية، وبذلك قامت بتحديث كامل لشروط الخصوصية الخاصة بتويتر سابقا.
كما أُضيفت ميزة جديدة في منصة إكس، وهي ظهور شارة تحقق زرقاء (والتي تعني أن الحساب تم التحقق منه) بجانب الاسم على المنصة مقابل دفع 8 دولارات شهريا. وانتقد كثيرون هذه الخطوة لأنها تسببت بحالات انتحال شخصية على المنصة وشجعت إنشاء حسابات غير موثوق فيها مقابل دفع رسوم.
هذا فضلا عن خاصية تعزيز ظهور منشورات المستخدمين الذين قاموا بالدفع لشارة التحقق الزرقاء مع برنامج لمشاركة عائدات الإعلانات مع هؤلاء المستخدمين والعديد من المكافآت المالية. وبهذه الحالة، قد يحظى المستخدمون الذين يقومون بنشر معلومات مضللة بالكثير من التفاعل، وبالتالي بالكثير من العائدات المالية، مما يشجعهم على الاستمرار في ذلك.
كما استخدم ماسك المنصة للترويج لشركاته الأخرى، وللترويج لبعض السياسيين، وطرد بعض الصحفيين مثل “إن بي آر”، مما أثار غضب جماهير عالم التواصل الاجتماعي.
ورغم نجاحات إيلون ماسك التاريخية في العالم التكنولوجي، بدءا من شركة تسلا، ومرورا بشركة أوبن إيه آي وسبيس إكس، فإن صورة منصة إكس اليوم لا تزال غير واضحة، ليبقى مصير هذه المنصة مجهولا ومرهونا بقدرات ماسك على إحيائها وإعادة الثقة لجمهوره.