29 فبراير.. لماذا ستكون 2024 سنة كبيسة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

ما هو القاسم المشترك بين العام الجاري 2024 والأعوام التالية: 2028 و2032 و2036 و2040 و2044؟ إنها سنوات ستشهد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ومن المقرر أن تقام خلالها الألعاب الأولمبية الصيفية، لكن الأمر المؤكد أنها ستكون سنوات كبيسة، حيث يزيد شهر فبراير/ شباط يوما إضافيا ليصبح 29 يوما، لكن لماذا؟

تُعد الـ24 ساعة التي تُضاف كل 4 سنوات تقريبا إلى أقصر شهر في السنة، والمعروفة أيضا باسم “اليوم الكبيس”، بمثابة اعتراف دقيق بأنه حتى الشيء العادي والبسيط مثل التقويم يمكن أن يكون أكثر تعقيدا مما نعتقد، لذا، فأثناء قيامك بوضع خطط ليوم إضافي للوصول إلى أهدافك هذا العام، إليك دليل سريع بشأن كيفية حدوث ذلك.

لماذا لدينا سنة كبيسة؟

تحتوي التقويمات السنوية التي صنعها الإنسان عموما على 365 يوما، وتحدَّد “السنوات البسيطة” بشكل فضفاض عدد الأيام التي تستغرقها الأرض لإكمال دورة واحدة حول الشمس، فيما يُعرف بالسنة الشمسية أو المدارية التي تؤثر في الفصول، لكن 365 يوما هو في الواقع رقم مقرب.

وتستغرق الأرض 365.242190 يوما للدوران حول الشمس، أو 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و56 ثانية. وهذه السنة “الفلكية” أطول قليلاً من السنة التقويمية، ويجب حساب هذا الكسر أو الخمس ساعات و48 دقيقة و56 ثانية الإضافية بطريقة ما.

وعلى الرغم من أن 0.2422 من اليوم قد يبدو ضئيلا، فإنه على مدى عقود وقرون يمكن أن يتراكم فقدان ربع يوم في السنة. ولضمان توافق سنوات تقويمنا مع السنة الفلكية للأرض، من الضروري إضافة يوم بشكل دوري لتعويض الوقت الضائع وحدوث الفصول الأربعة دائما في الوقت الذي نتوقع حدوثها فيه كل عام.

وتجاهل هذا الرقم الضئيل يعني في النهاية أن الأشهر التي نشهد فيها عادة كل الفصول الأربعة سوف تتغير، أي لن تقع في الأشهر نفسها من كل عام، وهذا من شأنه أن يؤثر على جوانب أخرى من الحياة. فعلى سبيل المثال قد يبدأ عامك الدراسي في الربيع بدلا من أواخر الصيف.

وعلى مدار 120 عاما، سيؤدي ذلك إلى التأخير لمدة شهر كامل، وبالتالي لن يتطابق التقويم مع الفصول، وهذا بدوره سيؤدي إلى فوضى في الجوانب الحاسمة من المشاريع البشرية وأهمها الزراعة، حيث سيواجه المزارعون صعوبة أكبر في زراعة وحصاد المحاصيل، مما قد يؤثر على الإمدادات الغذائية.

وإذا لم نأخذ في الاعتبار هذا الوقت الإضافي قد تكون النتائج مزعجة، إن لم تكن مدمرة، لأنه على مدى 700 عام تقريبا سيبدأ فصل الصيف الذي نتوقعه في يونيو/حزيران في نصف الكرة الشمالي؛ في ديسمبر/كانون الأول، وبعد مئات السنين من الآن سنحتفل برأس السنة في طقس تبلغ درجة حرارته 90 درجة.

Convert the phases of the moon from full moon to crescent

تقويمات غير مثالية

ولا يسجل التاريخ بدقة أي ثقافة قديمة كانت أول من لاحظ عدم دقة مدار الأرض، لكن على مر القرون حاولت العديد من الثقافات -بما في ذلك العبرية والصينية والبوذية- إنشاء تقاويم، لكنها لم تنجح دائما في تنفيذها بشكل صحيح.

وقسَّم السومريون -الذين عاشوا قبل نحو 5000 عام في ما يُعرف الآن بالعراق والكويت- السنة إلى 12 شهرا، يتكون كل منها من 30 يوما، مما جعل عامهم المكون من 360 يوما أقصر من رحلة الأرض السنوية حول الشمس. وعندما اعتمد المصريون هذا التقويم، حلّوا المشكلة بإضافة 5 أيام للحفلات في نهاية العام.

استخدم قدماء المصريين -قبل نحو 3100 قبل الميلاد- وثقافات أخرى من أماكن مثل الصين القديمة وروما؛ التقاويم القمرية، فقد تتبعوا الأشهر من خلال المدة التي يستغرقها القمر للدوران حول الأرض، لكن الأشهر القمرية تبلغ حوالي 29.5 يوما (السنوات القمرية حوالي 354 يوما فقط)، وتسبب ذلك بفجوة مدتها 11 يوما بين التقويم والفصول.

ونظرا لوجود هذه الفجوة الطبيعية، فإن مثل هذه التقاويم تتطلب بشكل دوري إضافة أشهر إضافية تُعرف باسم الأشهر المقحمة، لإبقائها على المسار الصحيح، ومع ذلك لم تكن هذه الأشهر بالضرورة منتظمة.

ولا يزال المؤرخون غير واضحين بشأن كيفية تتبع الرومان الأوائل لسنواتهم، ويبدو أن التقويم الروماني المبكر في القرن الثامن قبل الميلاد، كان يتألف من 10 أشهر فقط، بالإضافة إلى فترة شتاء غير محددة، وأدَّى تباين طولها إلى عدم ربط التقويم بالسنة الشمسية.

وفي النهاية، استُبدلت هذه الفترة الزمنية غير المؤكدة بالشهرين الجديدين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، اللذين كانا الأشهر الأخيرة في السنة، وحصلا على أيام أقل، لكن الوضع ظل معقدا.

وفي روما القديمة، كان تقويمهم متنوعا، وشمل شهرا مقحما مكونا من 23 يوما يُعرف باسم “يرسيدونيوس” لحساب الفرق بين السنة الرومانية والسنة الشمسية، لكنه لم يكن شهرا مستقلا، فقد أُدرج ليس بين أشهر السنة، ولكن خلال شهر فبراير/شباط لأسباب قد تكون مرتبطة بالدورات القمرية.

ولجعل الأمور أكثر إرباكا، فإن قرار إدراج أو إسقاط شهر ميرسيدونيوس غالبا ما يقع على عاتق القناصل (أعلى مرتبة في الإمبراطورية الرومانية)، الذين استخدموا قدرتهم على تقصير أو تمديد العام لتحقيق أهدافهم السياسية الخاصة. ونتيجة لذلك، بحلول زمن الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، كانت السنة الرومانية والسنة الشمسية غير متزامنتين تماما.

 

من أين جاء اليوم الكبيس؟

من الواضح أن نظام ميرسيدونيوس أثار غضب قيصر الذي تحول إلى قنصل عام ثم تحول إلى دكتاتور روما (تعني كلمة دكتاتور في روما القديمة الحاكم ذا السلطات الواسعة) فغيَّر مسار التاريخ الأوروبي بشكل جذري، بالإضافة إلى غزو بلاد الغال وتحويل روما من جمهورية إلى إمبراطورية، فأعاد قيصر ترتيب التقويم الروماني ليتوافق مع الشمس.

وبينما يُنسب ليوليوس قيصر الفضل في كثير من الأحيان في إنشاء المخطط الذي لا يزال جزء كبير من العالم يعمل به حتى يومنا هذا، فإنه استوحى الفكرة من المصريين، فخلال فترة وجوده في مصر أصبح مقتنعا بتفوق التقويم الشمسي المصري الذي يضم سنة مكونة من 365 يوما مع شهر مقحم عرضيا لتصحيح التقويم.

وأضاف قيصر شهرين إضافيين إلى عام 46 قبل الميلاد لتكون مدتها 445 يوما بدلاً من 365 للتعويض عن الإقحامات الفائتة، ودخل التقويم اليولياني حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني عام 45 قبل الميلاد.

كما أجرى تعديلا مهما عندما جعل السنة مكونة من 365.25 يوما (وهي أطول بقليل من السنة الشمسية 365.2422)، مما أضاف يوما جديدا كل 4 سنوات. وتماشيا مع التقليد الروماني المتمثل في العبث بطول شهر فبرايرأشباط، فإن ذلك اليوم يقع في الشهر الثاني من العام، ومن هنا وُلد اليوم الكبيس.

ستستمر هذه الطريقة على مدى عدة قرون، لكنها لم تمر بدون مشاكل، فعلى الرغم من أن التقويم اليولياني كان متقاربا فإنه لم يكن صحيحا، ولم يأخذ في الاعتبار الاختلافات بشكل كامل، فالفارق البسيط بين 365.25 و365.2422 جعل كل سنة تقويمية أقصر بحوالي 11 دقيقة من التقويم الموسمي، وهذا يعني أن التقويم اليولياني سيكون قصيرا مدة يوم كل 128 عاما.

وبحلول القرن السادس عشر تغير الزمن مرة أخرى، وكانت هذه مشكلة بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، حيث تغيرت التواريخ والأعياد الرئيسية عن موعدها التقليدي، بما في ذلك عيد الفصح، فقد كان من المفترض أن تقع العطلة في يوم الأحد الأول بعد اكتمال القمر الأول أو بعد الاعتدال الربيعي، وفي ذلك الوقت، كان تاريخ عيد الفصح قد تغير بنحو 10 أيام.

ولإصلاح هذه المشكلة قدم البابا غريغوري الثالث عشر التقويم الغريغوري الخاص به في عام 1582، وفي ذلك العام أمر بتعديل التقويم بإسقاط 10 أيام من شهر أكتوبر/تشرين الأول لمزامنة الأمور احتياطيا.

كما طوّر نظاما جديدا للسنة الكبيسة يستخدم السنة الشمسية المكونة من 365.2422 يوما، وأضاف يوما كبيسا واحدا كل أربع سنوات، وحدد يوم 29 فبراير/شباط باعتباره التاريخ الرسمي، لكنه أخذ في الاعتبار عدم الدقة بإلغاء هذا اليوم خلال السنوات المئوية التي لا تقبل القسمة على 400 للحفاظ على التقويمات من الانحراف.

قد يبدو الأمر محيرا، لكن هذا النظام أبقى التقويم والفصول متزامنة لأكثر من 400 عام. ويشير الخبراء إلى أنه رغم دقة التقويم الغريغوري للسنة الشمسية (365.2425 يوما) فإنه ليس مثاليا، فلا يزال هناك انحراف مدته 30 ثانية كل عام، وبالتالي سيكون من الضروري إجراء تصحيح آخر.

ولحسن الحظ، فإن التقويم الغريغوري فضلا عن أنه قصير بيوم واحد كل 128 عاما مثل التقويم اليولياني؛ فإنه لا يختلف إلا بمقدار يوم واحد تقريبا كل 3030 عاما، لذلك فإن لدى البشرية بعض الوقت قبل أن يشكل ذلك مشكلة.

Happy little kid boy celebrating his birthday and blowing candles on homemade baked cake, indoor. Birthday party for children. Carefree childhood, anniversary, happiness. Five years old

أن تكون من مواليد اليوم الكبيس

ارتبط اليوم الكبيس بتقاليد ثقافية ومعتقدات خرافية، ومن الغريب أن العديد من عادات هذا اليوم كانت تدور حول الرومانسية والزواج. ومن هذه العادات “يوم العازبة”، وهو تقليد أيرلندي يعود إلى القرن الخامس، عندما أعربت القديسة بريدجيت عن أسفها للقديس باتريك لعدم السماح للنساء بطلب الزواج من الرجال.

وتقول الأسطورة إن القديس باتريك حدد اليوم الوحيد الذي لا يأتي سنويا، وهو 29 فبراير/شباط، ليكون اليوم الذي يُسمح فيه للنساء بتقديم عروض الزواج للرجال.

وانتقل هذا التقليد عبر البحر الأيرلندي إلى أسكتلندا وإنجلترا، حيث أضاف البريطانيون لمسة جديدة. فإذا رفض رجل عرض امرأة فإنه يدين لها بعدة أزواج من القفازات الجميلة، ربما لإخفاء حقيقة أنها لم تكن مرتبطة.

ومع ذلك، ففي التقاليد اليونانية يعتبر الزواج في اليوم الكبيس بمثابة حظ سيئ، وتشير الإحصاءات إلى أن الأزواج اليونانيين يواصلون أخذ هذه الخرافة على محمل الجد.

وبعد آلاف السنين، أصبحت الولادة في يوم كبيس (29 فبراير) لها طابع خاص، ومع ذلك فإن ما لا يقل عن 5 ملايين شخص يحتفلون بعيد ميلادهم في هذا اليوم في جميع أنحاء العالم، وتبلغ احتمالات ولادتهم في اليوم الكبيس حوالي 1 من كل 1461.

السنة العادية 52 أسبوعا مع يوم واحد، وهذا يعني أنه إذا كان عيد ميلادك سيوافق يوم الاثنين في أحد الأعوام، فيجب أن يحدث في العام التالي يوم الثلاثاء. ومع ذلك، فإن إضافة يوم خلال السنة الكبيسة يعني أن عيد ميلادك الآن “يقفز” أكثر من يوم واحد. وعوضا عن أن يكون عيد ميلادك يوم الثلاثاء كما هو الحال بعد سنة عادية، فإن عيد ميلادك خلال سنة كبيسة سيوافق يوم الأربعاء.

وإذا وُلدت في يوم كبيس، فهذا يعني أنك وُلدت في أندر يوم يمكن أن يحظى به أي شخص، وفي هذه الحالة قد يكون لديك عذر للاحتفال بتاريخ ميلادك الفعلي مرة واحدة فقط كل أربع سنوات.

وفي السنوات التي لا تحتوي على أيام كبيسة، يتعين عليك أن تقرر ما إذا كنت ستحتفل بعيد ميلادك في 28 فبراير/شباط أو 1 مارس/آذار خلال سنة نموذجية مكونة من 365 يوما، وستستمر في التقدم في السن مثلنا جميعا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *