لفترة طويلة كانت الغابات الاستوائية بمثابة مخزن للكربون حيث تمتص كمية منه من الهواء أكبر مما تطلقه فيه، وهي عملية أدت إلى تخفيف تأثير تغير المناخ
كشف بحث جديد أجراه فريق دولي من الباحثين أن الغابات الاستوائية في أميركا الجنوبية تفقد قدرتها على امتصاص الكربون من الغلاف الجوي عندما تصبح الظروف الجوية حارة وجافة بشكل استثنائي.
ولفترة طويلة كانت الغابات الاستوائية بمثابة مخزن للكربون حيث تمتص كمية منه من الهواء أكبر مما تطلقه فيه، وهي عملية أدت إلى تخفيف تأثير تغير المناخ.
لكن البحث الذي قادته الدكتورة إيمي بينيت زميلة الأبحاث في جامعة ليدز وجد أنه في الفترة بين عامي 2015 و2016 عندما أدت ظاهرة النينو المناخية إلى الجفاف وأعلى درجات الحرارة المسجلة على الإطلاق لم تكن غابات أميركا الجنوبية قادرة على العمل كخزان للكربون، ونشرت النتائج التي توصلوا إليها في دورية “نيتشر كلايمت تشينج” في 4 سبتمبر/أيلول الجاري.
غابات الأمازون حساسة للتغيرات
تحدث ظاهرة النينو عادة عندما ترتفع درجات حرارة سطح البحر في المحيط الهادي بشكل حاد، مما يؤدي إلى تحول كبير في النظام المناخي العالمي، وفي الفترة بين عامي 2015 و2016 كانت النتيجة طقسا حارا بشكل استثنائي في أميركا الجنوبية، وهناك حدث مماثل يجري الآن.
وتقول الدكتورة بينيت من كلية الجغرافيا بجامعة ليدز في البيان الصحفي المنشور على موقع الجامعة في 4 سبتمبر/أيلول الجاري “لعبت الغابات الاستوائية في منطقة الأمازون دورا رئيسيا في إبطاء تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي”.
وتضيف “لقد عرف العلماء أن الأشجار في منطقة الأمازون حساسة للتغيرات في درجات الحرارة وتوافر المياه، لكننا لا نعرف كيف يمكن أن تتغير الغابات بسبب تغير المناخ في المستقبل، إن التحقيق في ما حدث بمنطقة الأمازون خلال حدث النينو الضخم هذا أعطانا نافذة على المستقبل من خلال إظهار مدى تأثير الطقس الحار والجاف غير المسبوق على الغابات”.
وقام الفريق بقياس الغابات لعقود عبر 123 موقعا للتجارب في غابات الأمازون والأطلنطي بالإضافة إلى الغابات الأكثر جفافا في أميركا الجنوبية، وأظهرت السجلات المباشرة لكل شجرة على حدة أن معظم الغابات كانت بمثابة مخزن للكربون طوال معظم السنوات الثلاثين الماضية، حيث تجاوز نمو الأشجار معدل الوفيات، ولكن عندما ضربت ظاهرة النينو في عامي 2015 و2016 أُغلق خزان الكربون، وذلك لأن موت الأشجار زاد مع الحرارة والجفاف.
وتقول البروفيسورة بياتريس ماريمون من جامعة ولاية ماتو غروسو البرازيلية “هنا في جنوب شرق الأمازون على حافة الغابات المطيرة ربما تحولت الأشجار الآن من تخزين الكربون إلى بعثه، وبينما قاومت معدلات نمو الأشجار درجات الحرارة المرتفعة فقد قفز موت الأشجار عندما ضربت هذه الظروف المناخية المتطرفة”.
حرارة وجفاف أديا لموت الأشجار
من بين 123 موقعا تمت دراستها شهد 119 موقعا متوسطا زيادة شهرية في درجة الحرارة بمقدار 0.5 درجة مئوية، كما عانى 99 موقعا من نقص المياه، حيث كان الجو حارا وأكثر جفافا أيضا.
وذكر الباحثون أنه قبل ظاهرة النينو كانت يتم تخزين وعزل حوالي ثلث طن متري من الكربون لكل فدانين ونصف سنويا، وانخفض هذا إلى الصفر مع ظروف النينو الأكثر حرارة وجفافا، وقد كان التغيير بسبب فقدان الكتلة الحيوية من خلال موت الأشجار.
وأشار الباحثون في ورقتهم البحثية إلى أن التأثير النسبي الأكبر لظاهرة النينو كان في الغابات حيث كان المناخ طويل الأمد جافا نسبيا بالفعل.
وكان المتوقع أن تكون الغابات الأكثر رطوبة هي الأكثر عرضة للطقس شديد الجفاف، لأنها ستكون الأقل تكيفا مع مثل هذه الظروف، ولكن تبين العكس وأن الغابات الأكثر اعتيادا على مناخ أكثر جفافا في المحيط الجاف لمنطقة الغابات الاستوائية هي الأكثر عرضة للجفاف، ويشير ذلك إلى أن بعض الأشجار كانت تعمل بالفعل في حدود الظروف المسموح بها.