مرصد إقليدس يكتشف “حلقة أينشتاين” مثالية تذهل الفلكيين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

في دراسة حديثة نُشرت في دورية “أسترونومي آند أستروفيزكس”، حقق الفلكيون اكتشافا مذهلا حول مجرة تبعد عن الأرض نحو 590 مليون سنة ضوئية، حيث رُصدت حلقة أينشتاين مثالية مكتملة الدائرة، وهي واحدة من أندر الظواهر الفلكية التي تمكن مشاهدتها.

ويعزى الفضل إلى تلسكوب “يوكليد” (إقليدس) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، الذي كشف عن هذا المشهد الكوني المذهل لحلقة ضوئية هائلة تحيط بمجرة تُدعى “إن جي سي 6505″.

وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في محيط الدائرة المتصل والمتقن للحلقة، مما منحها طابعا أكثر تميزا وندرة، على الرغم من أنه رُصدت مثل هذه الحلقات الكونية في وقت سابق لكن ليس بهذا التمام.

وترتبط حلقة أينشتاين بالمنظور من نقطة معينة، بحيث عندما يأتي ضوء قادم من بعيد باتجاه الأرض وتعترضه كتلة ضخمة، فإن الضوء ينحني و”يتكوّر” حول تلك الكتلة بسبب ظاهرة فيزيائية تُعرف بتأثير عدسة الجاذبية القوي.

ويقول كونور أوريوردان، الفلكي في معهد ماكس بلانك لعلم الفلك في ألمانيا، في بيان صحفي رسمي صادر من المعهد: “كل عدسات الجاذبية القوية خاصة، لأنها نادرة جدا، ولها فائدة علمية هائلة. وهذه العدسة تحديدا مميزة للغاية، لأنها قريبة جدا من الأرض، كما أن ترتيب الأجرام السماوية يجعلها جميلة للغاية”.

تشبه ظاهرة عدسة الجاذبية وضع كرة ثقيلة على سطح مرن، مثل قطعة من المطاط، حيث يتشوه السطح تحت تأثير الكرة، مما يعكس تشوه الزمان والمكان حول الأجسام ذات الكتل الكبيرة. وعندما يمر الضوء من جسم بعيد عبر هذا الزمان والمكان المشوه، يتعرض للتشويه والتكبير والانتشار.

خبايا الاكتشاف

أشار الباحثون إلى أن الضوء القادم والذي يشكل هذه الحلقة المثالية قد جاء من مجرة بعيدة تقع على مسافة 4.42 مليارات سنة ضوئية، في حين تقع مسافة المجرة التي تسببت بحدوث هذه التشوه الضوئي المميز على مسافة 590 مليون سنة ضوئية.

ويعد هذا الاصطفاف الكوني للأجرام السماوية على استقامة مثالية -رغم المسافات الشاسعة- حدثا نادرا ومميزا. كما يقول الباحثون بأن فرص العثور على مثل هذه العدسات المثالية لا تتجاوز 0.05% فقط.

وتقول فاليريا بيتروينو الفلكية في وكالة الفضاء الأوروبية إنه “من المثير للاهتمام أن هذه الحلقة الضوئية رُصدت ضمن مجرة معروفة مسبقا، اكتشفت عام 1884، وهذا يُظهر مدى قوة تلسكوب إقليدس في اكتشاف أشياء جديدة حتى في الأماكن التي كنا نعتقد بأننا نعرفها جيدا”.

ويعد هذا الاكتشاف دليلا على قدرة تلسكوب إقليدس الفضائي الذي أطلق في منتصف عام 2023، والمصمم للبحث عن عدسات الجاذبية وتعميق فهم الفلكيين للمادة المظلمة والطاقة المظلمة اللتين تمثلان الكون بنسبة 96%. وكان من ضمن الأولويات للتلسكوب رسم خرائط للمكونات غير المرئية في الكون، ويبدو أن العلماء بدؤوا يجنون ثمار عملهم بالنتائج الاستثنائية.

سميت هذه العدسة تكريما للفلكي برونو ألتيري من وكالة الفضاء الأوروبية، الذي كان هو من اكتشفها بنفسه، ومن المحتمل أن يُشار إليها من الآن باسم “عدسة ألتيري”.

وقد عبّر ألتيري عن اندهاشه إزاء هذا الاكتشاف قائلا: “حتى من خلال الملاحظة الأولى، كنت أستطيع رؤيتها، ولكن بعد أن أجرى تلسكوب إقليدس مزيدا من الملاحظات على المنطقة، تمكنا من رؤية حلقة أينشتاين المثالية. بالنسبة لي، ومع اهتمامي مدى الحياة بالعدسات الجاذبية، كان ذلك مذهلا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *