أظهر تحليل جديد لمجموعة من الصور الرادارية التي يصل عمرها إلى عدة عقود، أنّ كوكب الزهرة يُعد أكثر نشاطا بركانيا مما كان يُعتقد سابقا، وذلك بعد عثور العلماء على أدلة جديدة لثوران بركاني ضخم في موقعين إضافيين على سطح الكوكب المجاور للأرض.
وكشفت صورٌ حديثة -عند مقارنتها مع الصور الرادارية التي حصلت عليها مركبة الفضاء “ماجلان” التابعة لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا” في الفترة الزمنية من 1990 إلى 1992- وجود تدفقات كبيرة من الحمم البركانية بموقعين في نصف الكرة الشمالي لكوكب الزهرة. وساهم التقدم الكبير خلال السنوات الأخيرة في المعالجة الحاسوبية في تحليل بيانات الصور القديمة الملتقطة بشكل كبير.
ويقول عالم الكواكب “دافيد سولكانيز” من جامعة “دانونزيو” الإيطالية والباحث الرئيسي في الدراسة المنشورة بمجلة “نيتشر أسترونومي” في تصريح لوكالة رويترز: “من شأن هذه النتائج أن تغيّر بشدة فهمنا عن طبيعة الكوكب البركاني، إذ إنّ النشاط البركاني هناك أعلى بكثير مما كنا نعتقد”.
موقعان بركانيان جديدان
وتُدعى إحدى المنطقتين المكتشفتين حديثا “سيف مونس”، وهو بركان يبلغ عرضه نحو 300 كيلومتر يقع في منطقة “إيستلا ريغيو”، وتشير صور الرادار إلى أنّ تدفق الحمم البركانية يغطي مساحة 30 كيلومترا مربعا. وأما المنطقة الأخرى فهي عبارة عن سهل بركاني كبير في منطقة “نيوبي بلانيتيا”، وتغطي الحمم البركانية المتصلبة مساحة 45 كيلومترا مربعا.
وأوضح عالم الكواكب والمشارك في الدراسة “جوزيبي ميتري” أن “البراكين الموجودة في المنطقتين هي في الأساس براكين درعية، وتتميز تلك النوعية من البراكين بمنحدرات واسعة تشكلها تدفقات الحمم البركانية المنخفضة اللزوجة”.
ويتراوح متوسط سماكة الطبقة المتصلبة من الحمم البركانية في كلا الموقعين بين 3 و20 مترا.
ويقول عالم الكواكب والباحث المشارك في الدراسة “ماركو ماستروجيسيبي”: “إنّ تدفقات الحمم البركانية التي لوحظت على طول الجانب الغربي من سيف مونس تُظهر سمات خطية ذات أنماط متعرجة تتبع أقصى اتجاه المنحدر نحو الغرب”.
وأضاف أنه “فيما يتعلق بالتدفقات في نيوبي بلانيتيا، يبدو أنّ تدفقات الحمم البركانية تنشأ قرب البراكين الدرعية الصغيرة وتمتد نحو الشمال الشرقي بمحاذاة المنحدر”.
الزهرة.. ظروف قاسية وقاهرة
ويبلغ قطر كوكب الزهرة نحو 12 ألف كيلومتر، وهو أصغر بقليل من كوكب الأرض، ويعد ثاني الكواكب من حيث قربه من الشمس.
يقول سولكانيز: “دراستنا هي الأولى التي تقدم دليلاً مباشرا على تدفقات الحمم البركانية التي تشكلت خلال فترة مهمة ماجلان السابقة. ومن خلال تحليل الصور الرادارية من مركبة ماجلان الفضائية، لاحظنا تغيرات في التشكل السطحي، وعند مقارنتها نجد أنّ ثمة تدفقات حمم بركانية جديدة”.
ويضيف أن “هذا دليل مباشر على النشاط البركاني المستمر على كوكب الزهرة، بناء على الأدلة السابقة مثل تغيرات ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي، وبيانات الانبعاثات الحرارية السطحية، وخاصة دليل تشوه الفوهة البركانية التي لوحظت في أتلا ريجيو في دراسة نُشرت عام 2023″.
ويحتوي كوكب الزهرة على غلاف جوي سميك، ويتكون بشكل أساسي من ثاني أكسيد الكربون، فيعمل على حبس الحرارة في ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو ما يجعل الزهرة الكوكب الأكثر سخونة في نظامنا الشمسي.
يقول سولكانيز: “على الرغم من السمات المشتركة بين كوكب الزهرة والأرض من حيث الحجم والكتلة والتركيب الكيميائي والبنية الداخلية، فإنّ هناك اختلافات جوهرية تجعل من الزهرة كوكبا جهنميا لا يُطاق”.