رصد فريق بحثي دولي مشترك نوعا من قناديل البحر الهلامية يندمج فيه قنديل مصاب مع زميله غير المصاب حتى يتمكن من البقاء على قيد الحياة، ويتضمن ذلك تحول قنديلين بحريين بسرعة إلى قنديل واحد. بعد ذلك، يزامنان بسرعة تقلصات عضلاتهما ويندمجان في الجهاز الهضمي لتقاسم الطعام.
يقول الباحثون، في الدراسة التي نشرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في مجلة “كارنت بيولوجي”، إن نتائجهم قد تفيد في محاولات العلماء تجديد الخلايا البشرية.
درس الفريق نوعا من اللافقاريات البحرية الهلامية، المعروفة باسم “جوز البحر” أو “الهلام المشطي” الذي يتكون جسمه في الغالب من 95% مياه، ومن بين الميزات التي رصدها الفريق في هذا الكائن هي أن له نهايتين فمويتين.
تجارب رصد الاندماج
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة كاي جوكورا -باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة إكستر البريطانية والمعاهد الوطنية للعلوم الطبيعية في أوكازاكي باليابان- إن الدراسة أسفرت عن نتيجتين رئيسيتين: أولاهما أن قنديلين مشطيين اندمجا بمعدل مرتفع إلى حد ما وفقا لما أثبتته 90% من التجارب. والنتيجة الثانية هي أن قنديلين مشطيين اندمجا بسرعة كبيرة تزامنا مع حدوث تقلصات في عضلاتهما، حتى أن جهازيهما الهضميين اندمجا وظيفيا.
“يشير هذا إلى أن قنديلين مشطيين ليس لديهما نظام للتعرف على الأشياء أو نظام ضعيف للغاية، ومن ثم فقدا القدرة على التمييز بين الذات والآخرين. بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات إلى أن فردين منفصلين يمكنهما دمج أنظمتهما العصبية بسرعة ومشاركة إمكانات العمل والإشارات الكهربائية”، كما يوضح جوكورا في تصريحات للجزيرة نت.
وتوصل الفريق إلى هذا الاكتشاف بعد الاحتفاظ بمجموعة من قنديل البحر في خزان مختبري بمياه البحر. فبعد نحو 30 دقيقة من بدء التجربة، لاحظ جوكورا وفريقه التصاق الأنسجة بين قنديلين مشطيين. بعد فترة وجيزة، بدأت تقلصات العضلات غير المتزامنة سابقا في التزامن، وبعد ساعتين، أصبحت تقلصات العضلات متزامنة بالكامل تقريبا.
لاحظ الفريق أن أحد القناديل محل البحث كان كبيرا بشكل غير عادي، ويبدو أنه يمتلك طرفين خلفيين وبنيتين حسيتين. وتساءل الباحثون عما إذا كان هذا الفرد غير العادي قد نشأ من اندماج قنديلين مصابين.
وللتعرف على ذلك، قاموا بإزالة فصوص جزئية من أفراد آخرين ووضعوها قريبة من بعضها بعضا في أزواج. واتضح أنه في 9 مرات من أصل 10، أصبح الأفراد المصابون واحدا، وظلوا على قيد الحياة لمدة 3 أسابيع على الأقل. وأظهرت تجربة أخرى أنه بعد ليلة واحدة، أصبح الفردان الأصليان واحدًا بسلاسة دون وجود انفصال واضح بينهما.
اندماج غير كامل
وأظهرت ملاحظات الفريق أن قناديل البحر المندمجة كانت لها حركات عفوية خلال الساعة الأولى، بعد ذلك، بدأ توقيت الانقباضات في كل فرد في التزامن بشكل أكبر إلى أن حدث تزامن تام في انقباضات عضلات الكائنين المندمجين بعد ساعتين فقط. كان من نتائج اندماج الجهازين الهضميين اندماج فتحتي الشرج.
ويقول جوكورا -في تصريحه للجزيرة نت- إنه نظرا لأن الفريق لم يعرف في البداية الظروف التي قد تؤدي إلى حدوث الاندماج، فقد حاولوا تكرار تجربة الاندماج في ظل ظروف مختلفة. ونتيجة لذلك، وجدوا أن إحداث قدر معين من الإصابة في قناديل الهلام المشطي يمكن أن يؤدي إلى الاندماج، وهذا يشير إلى أن نشاط عملية تجديد الأعضاء قد يكون المحفز لعملية الاندماج.
“وفي حين أن تعريف الاندماج الكامل غير واضح، في هذه الحالة، لم تتزامن بعض الوظائف الفسيولوجية، مثل حركة الأهداب وتوقيت إخراج الفضلات، في قناديل المشط المندمجة”، حسبما قال الباحث.
وينهي جوكورا تصريحه قائلا إن “أحد الأسئلة المهمة التي قد تطرح علينا، هو مدى الاختلاف الجيني لقناديل المشط المندمجة. بالإضافة إلى سؤال آخر رئيسي هو، إذا اندمجت الأنظمة العصبية، فكيف تنسق الشبكات العصبية المندمجة وظائفها الفسيولوجية؟ وهي أسئلة نعمل حاليا على مشاريع جديدة للإجابة عنها”.