منذ بدء العمل على مشروع “أرتميس” الجديد الذي سيعيد الإنسان إلى سطح القمر خلال السنوات القليلة القادمة بصفة دائمة وليس عبر زيارة فحسب، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” عن تمويل ستة مشاريع مبتكرة تساعد على استقرار البشر في تلك البيئة القاسية، ومن ضمن تلك المشاريع بناء قطار بمواصفات استثنائية على سطح القمر لتسهيل الحركة ونقل المواد.
ويهدف المشروع الذي يُطلق عليه “الارتفاع المرن على المسار”، إلى استخدام روبوتات لتوصيل مواد تزن 100 طن يوميا من نقطتين مختلفتين. ووفقا للفريق الذي يقف وراء المشروع، فإنّ هذا من شأنه تعزيز استقلالية سير خط العمل ونقل المواد المستخرجة من القمر إلى نقاط التخزين.
وعلى نقيض ما هو على الأرض، فلن تُستخدم سكك حديد ثابتة على سطح القمر، بل سيعمل المهندسون على بناء مسارات طويلة ومرنة يمكن استخدامها مباشرة على أرض القمر الوعرة، لتتميّز هذه السكك بخاصية الطي وتغيير موقعها متى اقتضت الحاجة.
وعند وضع السكك في مسارها المعني، ستندفع الروبوتات بالسير بفضل القوّة الكهرومغناطيسية التي سيولّدها المسار، وبوجود المغناطيس الذي تحتوي عليه الروبوتات، فإنّها سترتفع عن خط المسار وستُحدث الحركة دون أيّ احتكاك.
ويشبه ذلك المبدأ الذي تعمل عليه القطارات المغناطيسية المعلّقة، وهي تقنية تعتمد على المجالات الكهرومغناطيسية دون الحاجة إلى مصدر طاقة، ومثل هذه القطارات المعلّقة باتت موجودة بعدة أماكن في شرق آسيا، مثل قطار شنغهاي المعلّق في الصين.
وسيحتوي مسار السكة المبتكر على ثلاث طبقات لتحقيق المهام المطلوبة على سطح القمر وهي:
- طبقة من معدن الغرافيت، وهو موصل كهربائي يمكّن الروبوتات المغناطيسية من الطفو والارتفاع فوق المسارات.
- طبقة دائرة كهربائية توّلد قوّة دفع كهرومغناطيسية لتحريك الروبوتات على طول المسار.
- وطبقة أخيرة اختيارية تحتوي على ألواح شمسية تعمل على تزويد المراكز والقواعد بالطاقة عندما تكون السكك في الجانب المواجه للشمس.
الاستيطان القمري
وتخطط ناسا للعودة إلى القمر في غضون عامين، بالنظر إلى مدى جاهزية المركبة الفضائية “أوريون” التي ستحمل على متنها روّاد الفضاء إلى هناك، والتي اتضح مؤخرا أنّها تواجه مشاكل تقنية عديدة.
ويهدف مشروع “أرتميس” إلى الهبوط على سطح القمر في القطب الجنوبي منه، في حوض “أبولو” على وجه التحديد، والذي يعتقد العلماء بأنّه يحتوي على كميات وفيرة من الماء المجمّد داخل الفوهات التي لا يصلها ضوء الشمس إطلاقا.
ووفقا للمدير المساعد لتطوير أنظمة الاستكشاف في ناسا “جيم فري”، فإنّ الوكالة تهدف إلى بناء عدّة مستوطنات وقواعد قمرية متوزعة، وهنا تبرز أهمية تلك السكك التي ستساهم في ربط هذه النقاط معا.
ولا يقتصر الأمر على أميركا فحسب، بل إنّ وكالات الفضاء الأخرى في الصين وروسيا دخلت السباق بالفعل ببناء مستوطنات على سطح القمر، ويعكس النشاط الفضائي مؤخرا النوايا الجادة للصين في إبراز مكانتها في مجال استكشاف الفضاء.