شعب الفولاني.. لغز وراثي تكشفه دراسة حديثة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 2 دقيقة للقراءة

كشفت دراسة جينية حديثة عن تفاصيل مذهلة حول الأصول الوراثية لشعب الفولاني، أحد أقدم وأكبر المجتمعات الرعوية في القارة الأفريقية.

ويُقدّر عدد الفولاني بما بين 25 و40 مليون نسمة، يعيشون في أكثر من 20 دولة، ويمتدون عبر منطقة الساحل القاحلة من السنغال إلى السودان، حيث تشكّل ثقافتهم الرعوية المتنقلة علامة فارقة في المشهد الإنساني الأفريقي.

ولطالما مثّل شعب الفولاني لغزا للأنثروبولوجيين وعلماء الوراثة، بسبب خصائصه الجسدية التي أثارت تساؤلات عن أصوله المتنوعة مقارنة بالمجتمعات الأفريقية المجاورة.

وتُعد هذه الدراسة التي نشرتها مؤسسة “إلسفير” نيابة عن المجلة الأميركية لعلم الوراثة البشرية، إحدى أوسع الدراسات الجينية التي أجريت على الفولاني حتى الآن، فقد شملت تحليل الحمض النووي لـ1146 شخصا، من بينهم 140 فردا من الفولاني ينتمون إلى مجموعات رعوية مختلفة في بوركينا فاسو ومالي.

وأظهرت النتائج أن التركيبة الجينية للفولاني تجمع بين أصول من أفريقيا جنوب الصحراء وأخرى أوراسية (من أوروبا، والشرق الأدنى، وشمال أفريقيا)، وذلك يشير إلى تمازج وراثي مع شعوب وافدة يعود إلى ما يقارب 1800 عام.

ويوفّر هذا الخليط دليلا علميا على موجات اختلاط تاريخية يُرجّح أنها نتجت عن الهجرات التجارية والثقافية عبر الصحراء، خصوصا عبر التفاعل مع سكان شمال أفريقيا.

وتبرز الدراسة أيضا تأثير نمط الحياة الرعوي للفولاني في تشكيل هويتهم الجينية. فتنقلهم المستمر ساعد على انتشار جيناتهم على نطاق واسع، بينما أسهم في الحفاظ على خصوصية ثقافتهم وعزلتها النسبية.

كما لعب اعتمادهم الكبير على تربية الماشية، إلى جانب تقاليدهم الإسلامية العريقة التي تبنوها منذ قرون، دورا مهما في بلورة هويتهم الجماعية، خلافا للمجتمعات الزراعية أو الحضرية الأكثر اختلاطا.

ووفقا للباحثين، تُسهم هذه النتائج في تصحيح الصورة النمطية التي طالما اعتبرت الفولاني جماعة “مختلفة” من دون سند علمي دقيق، لتُظهر بدلا من ذلك أنهم يمثلون نموذجا حيّا على التنوع الأفريقي الناتج عن التفاعل الثقافي والجيني المتواصل عبر العصور.

كما دعا فريق البحث إلى مواصلة الدراسات الجينية الميدانية في أفريقيا، مشددين على أن القارة، رغم ثرائها البيولوجي والثقافي واللغوي، لا تزال تعاني من ضعف كبير في تمثيل سكانها ضمن قواعد البيانات الوراثية العالمية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *