أعلنت “إي إيه” (EA) الرائدة في صناعة الألعاب الرياضية نيتها طرح تطبيق جديد يدمج بين كافة ألعابها في منصة واحدة، وهو أقرب لمنصة تواصل اجتماعي مخصصة لمحبي الألعاب الرياضية الخاصة بالشركة فضلًا عن الرياضات التي تمثلها.
ويسهل هذا التطبيق متابعة الأخبار الرياضية والألعاب المختلفة الخاصة بالشركة، إلى جانب آلية تواصل تشبه المنتديات قديمًا فضلًا عن مجموعة من التحديات المتعلقة بألعاب “إي إيه” والرياضات التي تمثلها.
ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع طرح الجيل الجديد من لعبة كرة القدم التي تحمل شعار الشركة “إف سي 24” (FC 24) التي حلت مكان الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” (FIFA) التي طالما اشتهرت “إي إيه” بتقديمها بشكل سنوي، وذلك عقب خسارتها حقوق اللعبة عام 2022.
وبالطبع يأتي الإعلان عن التطبيق الجديد كجزء من خطة “إي إيه” للسيطرة على ساحة الألعاب الرياضية بالكامل وتعزيز موقف ألعابها، ولكن كيف يمكن أن يؤثر هذا التطبيق في إمبراطوريتها؟
خسارة حقوق “الفيفا” وبدء نجاح آخر
بدأت علاقة “إي إيه” مع “الفيفا” منذ عام 1993، أي مما يتجاوز 30 عامًا، خلالها تمكنت الشركة العديد من الألعاب التي تحمل شعار هذه الهيئة المنظمة لرياضة كرة القدم العالمية مولدةً أكثر من 20 مليار دولار بشكل سنوي من مبيعات اللعبة عبر المنصات المختلفة.
ورغم أن “إي إيه” ليست أول شركة تملك الحقوق الحصرية من “الفيفا” إذ كانت تملكها شركة “سيغا” (Sega) إلا أن عرض “إي إيه” المغري جعل الهيئة توافق عليه، وهو الأمر الذي مكن الشركة من طرح اللعبة ذاتها مع اختلافات طفيفة بشكل سنوي وفي موعد ثابت سنويًا.
وتوقفت خسائر “إي إيه” عند اسم “الفيفا” فقط، فرغم أن اللعبة الآن لا تمثل الهيئة، إلا أن الشركة تمتلك حقوقًا منفردة للتعاون مع أكثر من 300 جهة مختلفة تضم أندية ولاعبين وملاعب كرة قدم وشركات دعاية أيضًا، لذا تمثل الخسارة هنا فقط في اسم اللعبة الذي تغير ليصبح “إي إيه سبورتس إف سي” اختصارًا عن (EA Sports Football Clubs).
وأرجح تقرير نشرته “نيويورك تايمز” أن سبب انتهاء العلاقة الناجحة كان رغبة “الفيفا” في رفع قيمة عقد الحصرية لتصل إلى ضعف القيمة الأولية، وهو ما رفضته “إي إيه” بشكل قاطع، ورغم أن حقوق اسم “الفيفا” كانت متاحة للشراء لمدة جاوزت السنتين الآن، فإنها لم تجد المشتري المنافس نظرًا لضعف المنافسة الكبير في قطاع تطوير الألعاب الرياضية.
وعلى صعيد آخر، كانت “إي إيه” تستعد لهذه اللحظة منذ سنوات، وربما كانت اللحظة الفارقة التي ساهمت في تعزيز موقف الشركة هي الكشف عن طور “فيفا آلتميمت تييم” (FIFA Ultimate Team) التي يرمز لها اختصارًا باسم “فوت” (FUT) وهو أشبه بطور لعب جماعي يعتمد على المباريات الحقيقية التي تتم، ويتيح هذا الطور بناء فرق من اللاعبين بشكل افتراضي، والدخول في تحديات عبر هذه الفرق واكتساب نقاط مختلفة تؤهلك للوصول إلى جوائز متنوعة، كما يمكن شراء اللاعبين وبيعهم في محاكاة لدور مديري الفرق. فضلًا عن ذلك، فإن أسعار اللاعبين والنقط الناتجة عنهم تتأثر بشكل كبير بنتائج المباريات الحقيقية والتغيرات المختلفة التي تطرأ عليها.
ورغم أن هذا الطور بدأ بشكل تجريبي من “إي إيه” بعد أن طوره أحد محبي اللعبة ثم استحوذت عليه الشركة، إلا أنه اليوم يساهم في مبيعات اللعبة بشكل كبير، لدرجة أن الإصدار الأخير تمكن من جلب أرباح 1.7 مليار دولار للربع الأخير من هذا العام.
منظومة متكاملة
مثلت لحظة الوداع بين هيئة “الفيفا” وشركة “إي إيه” فرصةً جديدة لولادة الشركة في منظومة تعتمد على قرارتها بشكل منفصل دون الحاجة إلى الجهات الخارجية، ورغم أنها ما تزال تحتاج إلى صلاحيات استخدام اللاعبين والفرق والملاعب، إلا أن الوصول إلى هذه الصلاحيات يمثل تكلفة أقل من الحصول على صلاحيات “الفيفا”.
وتملك “إي إيه” الآن جميع الأوراق اللازمة لنجاحها، بدءًا من لعبة تملك كافة حقوقها، فضلًا عن طور لعب جماعي مميز وناجح للغاية، إلى جانب تشكيلة من الألعاب الرياضية التي تساهم في ترويج هذه اللعبة مع غياب منافسة حقيقية من أي شركة أخرى.
ورغم هذه السيطرة المحكمة على دائرة ألعاب كرة القدم الرياضية، فإن الشركة مازالت تسعى لفرض المزيد من السيطرة وربط محبي الرياضة بتجربتها الفريدة، وتأتي هذه السيطرة على شكل تطبيق يوفر جميع مزايا منصات التواصل ولكنه مخصص للألعاب الرياضية وتحديدًا كرة القدم ولعبتها “إف سي 24”.
الحجر الأخير في الإمبراطورية
جرت العادة أن تحاول “إي إيه” الترويج لألعابها وتحقيق أقصى ربح منها بغض النظر عن وضع الممارسات المالية التي تتخذها. وخلال السنوات الأخيرة، تحولت لشركة تعتمد بشكل كامل على بيع الألعاب الجماعية التي تتضمن آليات شراء داخلية.
وساهم هذا التحول الكبير بمفرده بأكثر من 28 مليار دولار في أرباح الشركة منذ عام 2016 وفق بيانات موقع “ستاتيستا” وهو رقم يتجاوز ضعف ما قدمته مبيعات اللعبة منفردة الفترة ذاتها.
ورغم أن “فوت” نظريًا لا يقدم أي تجربة جديدة، ولكن “إي إيه” تمكنت من تعزيز علاقتها باللاعبين من خلال هذا الطور، وجعلتهم مرتبطين باللعبة ومقبلين على شرائها والاستثمار فيها بفضل هذا الطور بمفرده، وهذا الأمر تحديدًا هو ما تحاول الوصول إليه عبر التطبيق الاجتماعي الذي تخطط لطرحه.
ويمكن النظر لهذا التطبيق بكونه خدمة مكملة لتجربة “إي إيه” إذ أصبح الآن بإمكانك متابعة أخبار الرياضة من مصدر موثوق به ويملك العديد من المراسلين حول العالم، إلى جانب عرض أحدث أخبار اللعبة والنصائح الجديدة والتغيرات الجديدة فضلًا عن التواصل مع محبي اللعبة وبطولات “فوت” حول العالم، وذلك بدلًا من القفز بين التطبيقات المختلفة والمنصات المختلفة لمتابعة أخبار الرياضة أو أخبار “فوت” وبناء البطولات ومتابعتها.
ومازال هذا التطبيق في المرحلة التجريبية، إذ أطلقته الشركة تجريبيًا في إسبانيا، وبحسب النتائج والمزايا المقدمة من خلال التطبيق، قد نرى نجاحًا أكبر أو اندثارا.