سيطرة دامت 35 عاما.. كيف غزت نينتندو قطاع منصات الألعاب المحمولة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

لطالما داعبت فكرة أجهزة الألعاب المحمولة خيال المطورين والشركات التقنية على حد سواء، لذلك سعت العديد من الشركات لتقديم نموذجها لمنصة الألعاب المحمولة المثالية الملائمة لجميع المستخدمين.

وعبر السنين، ظهرت عدة منصات للألعاب المحمولة، ويمكن تتبع بداية ظهور منصات الألعاب بشكل عام إلى أجهزة “ماتتل” (Mattel) التي صدرت في عام 1979، وهي الأجهزة البدائية التي كانت تأتي مع شاشة “إل سي دي” (LCD) خضراء اللون وتحمل بداخلها لعبة واحدة فقط.

وتطور هذا القطاع كثيرا منذ تلك الأيام، ورغم هذا التطور، فإن اسما واحدا ظل طاغيا على صناعة منصات الألعاب المحمولة، وهي شركة “نينتندو” (Nintendo) اليابانية التي تملك إرثا تجاوز الـ135 عاما بدأت فيها بصناعة بطاقات اللعب الورقية وتطورت حتى أصبحت عملاقة صناعة منصات الألعاب المحمولة وتطوير الألعاب.

تاريخ زاخر بمنصات “نينتندو”

أجهزة “غيم آند واتش” (Game & Watch) التي غزت العالم في القرن الماضي وكانت وسيلة الترفيه المثالية للأطفال والكبار على حد سواء كانت نتاج أفكار “نينتندو” وتحديدا جونبي يوكوي الذي كان مجرد مهندس صيانة في مباني الشركة، وذلك قبل أن يقابل المدير التنفيذي للشركة في أثناء زيارة للمصنع الذي يعمل يوكوي فيه، وهناك أحب المنصات والألعاب الصغيرة التي صنعها يوكوي لنفسه حتى يتسلى أثناء عمله، ومنذ تلك اللحظة أصبح يوكي أحد الأعمدة التي بنت عليها “نينتندو” إمبراطوريتها.

ثم جاء الدور على منصة “غيم بوي” (Gameboy) التي كانت البداية الحقيقية لمنصات الألعاب المحمولة كما نعهدها اليوم، وتلتها الإصدارات من “نينتندو” حتى وصلت إلى أجهزة “سويتش” الفريدة والتي تمكن من تحقيق مبيعات تجاوزت 139 مليون وحدة.

نجاح “نينتندو” في قطاع منصات الألعاب المحمولة ليس حديث العهد، إذ تتمتع الشركة بالريادة في هذا القطاع منذ بدايات ظهوره، وذلك رغم وجود العديد من المنافسين الذين كادوا أن يزيحوا الشركة من عرشها.

منافسة شرسة دون طائل

في مقدمة المنافسين الذين حاولوا زعزعة “نينتندو” من عرشها تأتي أجهزة “بلاي ستيشن بورتابل” (Playstation Portable) أو كما تعرف اختصارا “بي إس بي” (PSP) وانتشرت تحت هذا الاسم، وهي أجهزة محمولة أطلقتها “سوني” في عام 2004 ضمن منظومة “بلاي ستيشن” تعتمد على نسخة تشغيل مخففة من نظام “بلاي ستيشن” وتأتي بألعابها الخاصة التي تخزن على أقراص ضوئية صغيرة يتم إدخالها في الجهاز إلى جانب بعض مزايا الاتصال بالإنترنت.

رحلة أجهزة “بي إس بي” كانت الأطول بين جميع منصات “بلاي ستيشن” وهو ما يعكس تفرد المنصة وقدرتها على المنافسة في هذا القطاع، إذ استمرت رحلة المنصة لمدة قاربت 10 سنوات منذ ظهورها الأول، تمكنت خلالها “بي إس بي” من بيع ما يقرب من 71.66 مليون جهاز قبل أن يتوقف إنتاجها نهائيا في 2014.

ورغم أن “سوني” حاولت محاكاة هذا النجاح وتكراره عبر إطلاق الجيل الثاني من المنصة المحمولة “بي إس بي فيتا” (PSP Vita) مع مزايا أكثر تشمل شاشة لمس وأدوات تحكم أكثر ابتكارا، إلا أن رحلته كانت أقصر وأقل نجاحا، إذ استمرت لمدة 7 أعوام.

بالطبع ظهرت عدة محاولات أخرى لمنافسة سيطرة “نينتندو” الكاملة على هذا القطاع بدءا من أجهزة “نوكيا” التي كانت تجمع بين الهواتف ومنصات الألعاب المحمولة تحت اسم “إن- غيج” (N-Gage) الذي صدر في عام 2003 وكانت الشركة تسعى وقتها لجعله منصة ألعاب متكاملة مع وحدات تخزين خارجية وتطبيق خاص به ومزايا مشاركة الألعاب ومتجر ألعاب رقمي.

ولكن محاولة “نوكيا” واجهت عدة عقبات أسفرت على فشلها في التحول إلى منصة ألعاب متكاملة وناجحة، واكتفت ببيع مليون وحدة حتى عام 2005 عندما توقف إصداره.

لماذا تبرع “نينتندو” بدون غيرها؟

عند النظر إلى تاريخ شركة “نينتندو” بشكل عام، يمكن تحديد السمة التي تغلب عليه، وهو اهتمام الشركة الواضح بالألعاب المحمولة تحديدا، وذلك منذ بدايتها في عام 1989 وتطوير ألعاب الورق الخاصة بها وحتى يومنا هذا.

وبشكل عام، أطلقت “نينتندو” 11 منصة ألعاب تشمل 6 منصات ألعاب منزلية و5 منصات محمولة وذلك خلال دورة حياتها حتى يومنا هذا، وخلال تلك الفترة، استطاعت جميع منصات الألعاب التي أطلقتها الشركة النجاح، إذ كانت منصة “نينتندو 3 دي إس” (Nintendo 3DS) أقلهم نجاحا عند 75 مليون نسخة مباعة ومنصة “نينتندو دي إس” (Nintendo DS) التي عاصرت أجهزة “بي إس بي” الناجحة للغاية ورغم ذلك استطاعت بيع 154 مليون وحدة لتكون الأكثر مبيعا بين أجهزة “نينتندو” على الإطلاق.

ولم تلق منصات الشركة المنزلية مثل هذا الرواج مهما حاولت الشركة أن تضع من مزايا فيها أو تجعلها مبتكرة وفريدة من نوعها، دائما كانت منصات الألعاب المحمولة هي الأكثر نجاحا ورواجا، وربما ساهم هذا في خلق حلقة دائمة من النجاح، إذ ولد النجاح السابق لمنصات الألعاب المحمولة القديمة مثل “غيم بوي” (Game Boy) خبرة ومهارة خاصة في التعامل مع هذا النوع من المنصات، وهو ما أنجح المنصات التي تلته.

وتتكون خلطة “نينتندو” السرية لنجاح منصات الألعاب المنزلية من عدة أركان تمتزج معا، وفي مقدمتها هو تلبية احتياجات اللاعبين، إذ طالما كانت منصات “نينتندو” قادرة على تلبية احتياجات اللاعبين عبر تقديم مزايا فريدة ومختلفة لا توجد إلا فيها.

هذا الأمر ينجح مع منصات الألعاب المحمولة أكثر من المنزلية، وفي حالة “نينتندو سويتش” كان هذه المزايا متنوعة بدءا من ألعاب ناجحة مثل “زيلدا بريث أو ذي وايلد” (Zelda Breath Of the wild) أو حتى مزايا عتادية في الجهاز مثل إضافة التحكم عبر تحريك المنصة وشاشة اللمس وسهولة التحول إلى منصة ألعاب منزلية.

جزء آخر من أسباب هذا النجاح هو وجود الألعاب الفريدة على منصتها، إذ لا توجد هذه الألعاب على أي منصة أخرى، وهي دوما ألعاب تشعرك بأنك أمام منصة الألعاب في منزلك، رغم أن تتنقل من مكان إلى مكان، وبعكس عادة ألعاب المنصات المحمولة، فهي ليست ألعاب تافهة أو صغيرة، بل هي ألعاب ذات ميزانية ضخمة وناجحة للغاية.

عندما حاولت “سوني” استخدام الفلسفة ذاتها نجحت في وقت قصير مع منصة “بي إس بي”، إذ قدمت في وقتها ألعاب مميزة خاصة بالمنصة وتعاملت معها على أنها منصة ألعاب متكاملة وليست مجرد منصة جانبية.

وحتى تظهر شركة جديدة قادرة على تبني هذه الفلسفة، فإن عالم منصات الألعاب المحمولة سيظل حكرا على “نينتندو”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *