في سياق البحث عن آثار لحضارات فضائية، أفادت دراسة حديثة أنّ العمر المحتمل للبصمات التكنولوجية (العلامة التقنية) محدود للغاية على عكس ما هو متوقع.
والبصمة التكنولوجية هي سمة أو خاصية قابلة للقياس تقدّم دليلا علميا على وجود تكنولوجيا ما سواء في السابق أو الحاضر، ويشبه ذلك في علم الأحياء البصمة الحيوية، وهي عيّنة تقدّم دليلا علميا على حياة سابقة أو حالية.
وتزايدت عمليات البحث عن البصمات التكنولوجية مؤخرا مع سعي البشرية للعثور على أيّ دليل على وجود كائنات فضائية حولنا، لا سيما تلك الحضارات الذكيّة والمتقدمة تقنيا القادرة على إرسال إشارات لها في غياهب الفضاء السحيق. وبدلا من أن تكون عملية البحث عشوائية، فإنّ الدراسات التي تحدد طبيعة هذه الإشارات وعمرها ستساعد في الوصول إلى نتائج أفضل.
وكان فيما سبق أن دراسة أخرى أشارت إلى أنّ أيّ حضارة ذكية قادرة على ترك بصمة تقنية يمكن كشفها بواسطتنا، ومن المرجّح أن تكون الحضارات التي تنتج مثل هذه البصمات التقنية أقدم بكثير من حضارتنا الحالية.
وهو ما تعارضه الدراسة الحديثة التي تقول بأنّ البصمات التقنية مثل إشارات الراديو أو أضواء الكواكب الاصطناعية تتطلّب بالضرورة صيانة وتزويدا مستمرا بالطاقة، وعليه فمن غير المحتمل أن تكون هناك حضارة بائدة ذات بصمة تقنية، كما لا يمكن اقتران هذه البصمات الاصطناعية ببصمات طبيعية مثل “إشعاع خلفية الكون” التي يعود أثرها إلى حقبة ما بعد نشأة الكون مباشرة.
ويعتمد التحليل الإحصائي المتبع على قانون ليندي (ظاهرة ليندي)، وهو نظرية تدرس العمر المتوسّط للأشياء غير القابلة للتلف مثل التكنولوجيا أو الأفكار، وربطها بما يتناسب مع عمرها الحالي. فكلما كان للتقنية عمر أطول في الوقت الحاضر، استغرق فناؤها وقتا أكبر في المستقبل.
ويلعب قانون ليندي دورا حاسما في هذا التحليل إذ إنّ “توزيع الاحتمال” لوجود حضارة متقدمة تقنيا يجب أن يكون غير متماثل في الرسم البياني للقانون، فيظهر أن البصمات التكنولوجية ذات العمر القصير أكثر شيوعا بكثير من تلك ذات العمر الطويل، وعليه فإنّ الحضارات البائدة يصعب العثور على أثر لها، وسيقتصر الأمر فقط على الحضارات الموجودة الآن.
البحث عن ذكاء خارج الأرض
وكان من أبرز المشاريع التي خُصصت للعثور على حضارات أخرى مشروع البحث عن ذكاء خارج الأرض، ويعمل الباحثون فيه على تحليل كميات هائلة من البيانات التي تُجمع من التلسكوبات المرئية والراديوية لتحديد الإشارات أو الأنماط التي من الممكن أن تشير إلى وجود حضارات متقدمة في أماكن أخرى من الكون.
وتشمل عمليات البحث أساليب عدّة مثل مراقبة الموجات الراديوية للإشارات الاصطناعية، ومسح السماء بحثا عن ظواهر فلكية غير طبيعية، وتحليل البيانات للحالات الشاذة التي قد تشير إلى نشاطات ما.
وكان تأسيس المشروع على يد نخبة من العلماء في عام 1960، ولم يُعثر على أيّ إشارة بعد لوجود حضارة ذكية رغم العمل الدؤوب طيلة العقود الماضية. ولا يعتمد المشروع على العلماء والباحثين فحسب، بل يشارك العديد من المتطوعين من جميع أنحاء العالم في عمليات تحليل البيانات باستخدام الأجهزة الشخصية للإجابة على أهم الأسئلة الفلكية: هل نحن وحدنا في الكون؟