في مارس/آذار الماضي، اتهمت حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا الصين بتنظيم هجمات سيبرانية واسعة النطاق، مما أدى إلى فرض عقوبات على شخصين وشركة واحدة صينية. تؤكد هذه الإجراءات المنسقة بين البلدين على تزايد المخاوف بشأن الأمن السيبراني وتطور الهجمات الصينية، وفقا لتقارير صحفية.
تحركات أوسع
شملت تلك العقوبات شركة “ووهان شياورويزي” للعلوم والتكنولوجيا، وهي تعد واجهة لوزارة الأمن القومي الصينية وفقا لوزارة المالية الأميركية. بجانب هذا، فرضت عقوبات على تشاو غوانغزونغ وني غاوبين، اللذين يرتبطان بتلك الشركة الصينية وفقا لما ذكرته حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا.
كانت تلك الإجراءات جزءا من تحركات أوسع من وزارة العدل الأميركية شملت اتهامات ضد 7 مواطنين صينيين بمن فيهم الثنائي المذكور. يُتهم هؤلاء الأفراد بأنهم جزء من مجموعة قرصنة صينية تُعرف بالاسم الحركي “إيه بي تي 31” (APT31)، التي تمارس أنشطتها منذ نحو 14 عاما.
تستهدف عمليات تلك المجموعة المسؤولين الحكوميين والشركات والصحفيين والأكاديميين لاستخلاص معلومات حساسة. وقد أعلنت الحكومة الأميركية عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لتقديم أي معلومات إضافية حول أنشطة المجموعة أو الأفراد التابعين لها.
هجمات سيبرانية صينية
كما كشفت الحكومة البريطانية عن استهداف الهجمات السيبرانية الصينية للجنة الانتخابات البريطانية، التي تتضمن أسماء وعناوين الناخبين المسجلين وأعضاء البرلمان.
وصرح حينها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأن موقف الصين الدولي الحازم يمثل تهديدا كبيرا للأمن الاقتصادي للدولة، وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية لحماية مصالح بلاده القومية.
وفي حادثة مشابهة، اتهمت نيوزيلندا مجموعة قرصنة أخرى مدعومة من الدولة الصينية، تُعرف بالاسم الحركي “إيه بي تي 40” (APT40)، بتنفيذ هجمات سيبرانية استهدفت كيانات برلمانية في عام 2021. وذكرت حينها الوزيرة المكلفة بمكتب أمن الاتصالات الحكومية، جوديث كولينز، أن المجموعة الصينية كانت متورطة في الهجوم على مكتب المستشار البرلماني، الذي يتولى صياغة القوانين، ووكالة أخرى معنية بدعم البرلمان.
وذكرت التقارير الصحفية النيوزيلندية أن الهجوم أسفر حينها عن سرقة بعض البيانات التي لم تعتبر حساسة أو إستراتيجية. وأكد وينستون بيترز، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية النيوزيلندي، أن كبار المسؤولين في الحكومة نقلوا مخاوفهم رسميا إلى السفير الصيني في نيوزيلندا.
وقال بيترز في بيان له “إن التدخل الخارجي من هذا النوع غير مقبول، وقد طالبنا الصين بالامتناع عن مثل هذه الأنشطة في المستقبل”.
الرد الصيني
لكن جاء الرد الصيني بنفي تلك الاتهامات من حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا والاعتراض على تلك العقوبات. وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان بتلك العقوبات واصفا إياها بأنها “لا أساس لها” و”أحادية الجانب”، ومتعهدا بأن “بكين ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها”.
كما اتهم لين الولايات المتحدة بأنها حثت تحالف “العيون الخمس” الاستخباري، الذي يضم أيضا أستراليا وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا، على “تجميع ونشر كافة أنواع المعلومات المضللة” حول التهديدات التي يشكلها ما يسمى بالقراصنة الصينيين “مدفوعة بأجندتها الجيوسياسية الخاصة”.
تأتي تلك الاتهامات والعقوبات في ظل تصاعد التوترات بين الصين والدول الغربية حول الأمن السيبراني والمخاوف من عمليات التجسس الإلكتروني. تاريخيا، كان التجسس السيبراني قضية خلافية، إذ تتهم الدول بعضها البعض بممارسات غير قانونية لتحقيق مكاسب إستراتيجية. وتمثل الإجراءات الأخيرة من الولايات المتحدة وبريطانيا جهدا منسقا لمواجهة التهديدات المحتملة من الأنشطة السيبرانية المدعومة من الدولة الصينية.