ما المواد الكيميائية التي نتعرض لها يوميا؟ هذا سؤال مركزي لمجال ناشئ من العلوم التحليلية، يهدف إلى تحديد جميع المواد الكيميائية من حولنا.
وفي بحث نشر في دورية “إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي”، قام باحثون في جامعتي أمستردام بهولندا وكوينزلاند بأستراليا بالاضطلاع بهذه المهمة.
ومن خلال تحليل نتائج الدراسات المنشورة على مدى السنوات الست الماضية، قدروا أنه تم التعرف على أقل من 2% من جميع المواد الكيميائية.
ووفقًا لفيكتوريا توركينا -التي أجرت البحث للحصول على درجة الدكتوراه مع الدكتور ساير سامانيبور في معهد فانت هوف للعلوم الجزيئية التابع لجامعة أمستردام- فقد تأكدت هذه المحدودية بشأن الحاجة الملحة إلى نهج أكثر استباقية لرصد المواد الكيميائية وإدارتها؛ حتى نتمكن من حماية صحة الإنسان والبيئة بشكل فعال.
فضاء كيميائي واسع
للنظر في التعرض المحتمل للمواد الكيميائية، يتم أخذ عينة من البيئة (الهواء والماء والتربة وحمأة المجاري) أو من جسم الإنسان (الشعر والدم وما إلى ذلك) وتحليلها باستخدام تقنيات راسخة مثل التحليل الكروموتوغرافي (اللوني) إلى جانب التحليل الطيفي الشامل عالي الدقة.
ويشمل ذلك المواد الكيميائية المعروفة بالفعل، والمواد التي لا يزال وجودها المحتمل في البيئة غير معروف بعد، ومن الناحية النظرية يضم هذا “الفضاء الكيميائي” عددا ضخما من المركبات يفوق عدد النجوم في الكون بفارق كبير.
وركز الباحثون في دراستهم الجديدة على مجموعة فرعية من المركبات مكونة من 60 ألف مركب موصوف جيدًا من قاعدة بيانات نورمان.
وتقول توركينا “كان هذا بمثابة مرجع لتحديد ما تناولته دراسات التحليل، ولتكوين فكرة عما يتم التغاضي عنه”.
كما يقول سامانيبور “في هذه الأيام، نغرق في محيط عملاق من المواد الكيميائية. الصناعة الكيميائية جزء من ذلك، ولكن الطبيعة أيضًا تجري مجموعة كاملة من التفاعلات التي تؤدي إلى التعرض لها، ونحن نعرض أنفسنا للمواد الكيميائية من خلال الأشياء التي نستخدمها. ومن خلال أبحاثنا نأمل أن نسهم في إيجاد حل معا، لأننا جميعا في القارب نفسه”.
مجال كبير لتحسين المعرفة
ووفقا لما جاء في البيان الصحفي المنشور على موقع جامعة أمستردام في 22 سبتمبر/أيلول الجاري، فقد كشف تحليل الدراسات السابقة الذي قام به الباحثون، الذي شمل 57 ورقة بحثية؛ أنه تمت تغطية نحو 2% فقط من المساحة الكيميائية المقدرة.
ويمكن أن يشير هذا إلى أن التعرض الفعلي للمواد الكيميائية منخفض جدًا بالفعل، ومع ذلك يمكن أن يشير أيضا إلى أوجه القصور في التحليلات المطبقة. ووفقا لتوركينا وسامانيبور، فإن الأمر الأخير هو الحال بالفعل.
ويقول سامانيبور “إننا بحاجة إلى تطوير أساليب تحليل البيئة المحيطة بشكل أكبر ودفعها إلى الأمام، وتطوير تقنيات تحليلية جديدة قوية وأكثر تنوعا، بالإضافة إلى بروتوكولات فعالة لتحليل البيانات، وذلك من أجل أن نفهم بشكل أفضل ما الفضاء الكيميائي الحقيقي الذي نتعرض له.
ويضيف أنه “بمجرد تحديد حدود ذلك الفضاء، يصبح من الأسهل كثيرا تقييم نتائج الدراسة الجديدة التي توصلت إلى أن معرفتنا بالمواد الكيميائية المحيطة بنا لا تتعدى 2%”.