اللغة الأكادية في العراق القديم تكشف ارتباط السعادة “بالكبد” وليس “القلب”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

تتمثل مشاعر الإنسان في مواضع محددة من الجسد، فمثلا يرتفع معدل ضربات القلب والتعرق وانقباض عضلات الوجه ليظهر الشعور بالغضب أو الحب، وعادة ما تمثل تلك المشاعر في الجزء العلوي من الجسد (القلب أو المعدة).

حاليا يقوم العلماء بدراسة هذه التمثيلات في البشر المعاصرين، وظهرت لهم ارتباطات إحصائية واضحة، فعلى سبيل المثال ارتبطت التعبيرات العاطفية مثل “أنا سعيد” بالإشارات إلى مناطق محددة في الجسم (على سبيل المثال، “شعرت بالخفة في قلبي”)، وهذه الارتباطات بدا أنها عامة، أي موجودة في الكثير من الثقافات الحالية.

ولكن هل شعرنا دائمًا بهذه المشاعر بنفس الطريقة أو عبرنا عنها على الأقل؟ قام فريق متعدد التخصصات بدراسة مجموعة كبيرة من النصوص القديمة لمعرفة كيف اختبر الناس في منطقة بلاد ما بين النهرين القديمة (داخل العراق الحديث) المشاعر في أجسادهم منذ آلاف السنين.

الكبد والقدمان

وبحسب الدراسة التي نشرت في 4 ديسمبر/كانون الأول الحالي بدورية “آي-ساينس”، قام الفريق بتحليل مليون كلمة من اللغة الأكادية القديمة من 934-612 قبل الميلاد في شكل نصوص مسمارية على ألواح طينية.

اللغة الأكادية هي إحدى أقدم اللغات المكتوبة في التاريخ، تعود جذورها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت تُكتب بنظام الكتابة المسمارية، وهي تنتمي إلى العائلة اللغوية السامية الشرقية، مما يجعلها قريبة من اللغات السامية الأخرى كالعربية والآرامية.

وللتوصل إلى تلك النتائج، قام العلماء بمقارنة الألفاظ الأكادية التي تعبر عن المشاعر بتلك المستخدمة حاليا، وبناء على نمذجة حاسوبية قام العلماء برسم خرائط للجسد، تبين الاحتمالات الإحصائية لمواقع العواطف.

خرائط مشاعر الغضب التي طورها الباحثون تبين أنه تمثل في القدمين قديما (إلى اليمين) بينما يتمثل في الجزء العلوي من الجسد حديثا (إلى اليسار) (جامعة ألتو-جوها لاناكوسكي)

وفي حين يشعر الإنسان الحديث بالغضب في الجزء العلوي من الجسم واليدين، في بلاد ما بين النهرين، كان الغضب مرتبطًا بالقدمين على وجه التحديد، بحسب نتائج الدراسة.

وتتعلق إحدى النتائج الأكثر إثارة للاهتمام بالمكان الذي شعر فيه القدماء بالسعادة، والذي كان يتم التعبير عنه غالبًا من خلال كلمات تتعلق بالشعور “بالانفتاح” أو “التألق” أو “الامتلاء” في الكبد، على عكس الإنسان الحديث الذي يعبر عن السعادة عادة بشيء متعلق بالقلب.

ويشير ذلك إلى أهمية القيام ببحوث أعمق للتمثلات الجسدية لعواطف البشر وارتباطها بالثقافة، ويوضح أن العواطف ليست بيولوجية فحسب، بل إنها تتشكل بعمق من خلال السياقات الثقافية والتاريخية، حيث نسب الناس عواطفهم إلى أجزاء الجسم بناءً على فهمهم لعلم التشريح وثقافتهم ومعتقداتهم في ذلك الزمن البعيد.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *