الدماغ يعزز تعلم اللغات الجديدة “أثناء النوم”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة جنوب أستراليا ونُشرت في مجلة “جورنال أو نيروساينس” سلطت الضوء على كيفية تمكين النوم للدماغ في ترسيخ الكلمات الجديدة والقواعد النحوية المعقدة، أثناء تعلم لغة جديدة.

تناولت الدراسة 35 شخصا لغتهم الأم هي الإنجليزية ليخضعوا جميعا لدورة تعلم لغة مصطنعة تُدعى “الميني باينين”، مستوحاة من اللغة المندرينية الصينية ولكنها بشكل مبسّط تتناسب مع القواعد الإنجليزية، وتحتوي هذه اللغة المبسطة على 32 فعلا و25 اسما يمكن تكوين 576 جملة مفيدة بواسطتهم.

قسّم الباحثون المشاركين إلى مجموعتين: المجموعة الأولى وُجّهت لتعلم اللغة المبسطة في الصباح وخضعت للاختبار في المساء، بينما كان دور المجموعة الثانية لتعلم اللغة مساء، قبل أن ينام المشاركون ليلة كاملة بعدها في المختبر، ثم يُجرى اختبارهم في صباح اليوم التالي.

وكانت المفاجأة فيما أظهرته النتائج هو فرق واضح؛ فأولئك الذين حصلوا على قسط كافٍ من النوم بعد التعلم حققوا أداء أفضل من نظرائهم، ويعزو الباحث الرئيس الدكتور زكريا كروس هذا التحسن إلى التزامن والترابط بين نمطين من موجات الدماغ خلال ما يُعرف بمراحل “نوم حركة العين غير السريعة” أو النوم “غير الريمي”، وهذان النمطان هما التذبذبات البطيئة ومغازل النوم، بحسب بيان صحفي رسمي من جامعة جنوب أستراليا.

سر النشاط

والتذبذبات البطيئة تشير إلى أنماط من النشاط الكهربائي منخفض التردد في الدماغ تحدث أثناء النوم العميق، وتُعد هذه التذبذبات مهمة لأنها تُنسّق بين مناطق مختلفة في الدماغ لنقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى (الحُصين) إلى الذاكرة طويلة المدى (القشرة الدماغية)، وهذا يُعزز عملية تثبيت الذكريات والتعلم.

أما مغازل النوم فهي نوع من أنماط موجات الدماغ المعروفة أنها تحدث في المراحل الأولى من النوم غير الريمي، وترتبط بتوحيد الذاكرة.

ويعمل هذا التزامن على نقل المعلومات من الحُصين، المسؤول عن الذاكرة قصيرة المدى، إلى القشرة الدماغية، حيث تُخزن الذكريات طويلة المدى، ويُعزز هذا التنسيق الاحتفاظ بالمفردات والقواعد المعقدة، وهذا يجعل النوم حالة نشطة ومحوّلة للدماغ لتعلم اللغات بدلا من أن يكون في حالة استرخاء كاملة.

وتمتد آثار هذه النتائج إلى مجالات تتجاوز مجرد اكتساب مهارة تعلم لغات جديدة، إذ تقترح الدراسة نماذج علاجية جديدة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات لغوية مثل اضطراب طيف التوحد أو الحبسة الكلامية، والذين غالبا ما يواجهون صعوبات في النوم.

ومن المعروف أن التذبذبات البطيئة أثناء النوم تلعب دورا أساسيا في تعزيز المرونة العصبية، وهي قدرة الدماغ على التكيف مع التجارب الجديدة أو التعافي من الإصابات العصبية، ويقترح الدكتور كروس أن تقنيات مثل التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يمكن أن تُستخدم لتعزيز هذه التذبذبات، مما يسرّع عملية علاج النطق واللغة لدى المصابين بالحبسة الكلامية.

ويتوقع الباحثون أن يسهم هذا الاكتشاف المبتكر في إحداث تطورات كبيرة في إستراتيجيات التعليم وأساليب إعادة التأهيل، مما يمهد الطريق لتحقيق إنجازات جديدة في مجال تحسين القدرات اللغوية والمعرفية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *