وتقول الأرقام الرسمية إن خزينة البلاد تفقد سنويا قرابة 6 ملايين دينار أردني (8.45 مليون دولار أميركي) على أقل تقدير، جراء عمل أكثر من 15 ألف مركبة في 28 تطبيقا غير مرخص.
ويرتاد المستخدمون التطبيقات غير المرخصة بسبب عروضها منخفضة التكاليف، مما يجعلها تستقطب الكثير من الأردنيين، لتحرم الخزينة من الأموال التي تصرف على القطاع، بغية إعادة تنظيمه وتحقيق التطلعات التي جاءت في خطة التحديث الاقتصادي الحكومية.
اقتصاد مواز وبيئة طاردة للاستثمار
يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش، خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن عمل التطبيقات بشكل غير قانوني ينفر الاستثمار ويشعر المستثمرين المرخصين بالغبن لتحملهم ما لا يتحمله غيرهم من المخالفين للقانون، مما قد يدفعهم للخروج من السوق أو التعرض لخسائر إضافية.
وقال عايش إن عدم ضبط هذه الحالة ينذر بأضرار بالغة للاقتصاد الوطني، منها حرمان خزينة الدولة من إيرادات اضافية، وتشجيع المستثمرين المستقبليين للاتجاه نحو الاقتصاد الموازي الخارج عن القانون.
*انخفاض حاد” في عدد الرحلات
ويشكو “الكابتن” الأردني سليمان، الذي يعمل على مركبته من خلال تطبيقات النقل، بعد أن سُرّح من عمله القديم، من انخفاض حاد في عدد الرحلات اليومية، ما يجعله عاجزا عن توفير أقساطه الشهرية المترتبة عليه إثر شراء المركبة عبر الأقساط البنكية وإعالة أسرته.
ويعزو سليمان في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” هذا الانخفاض الحاد في عدد الرحلات لعمل تطبيقات النقل غير المرخصة وتزايد أعداها بشكل كبير.
مشكلة عالقة
عند سؤاله عن أسباب توجه المواطنين إلى التطبيقات غير المرخصة، أجاب بأنها توفر أسعارا أرخص قليلا من غيرها وتقوم ببث إعلانات بشكل علني وممول مما يجذب المواطنين إليها رغم المخاطر الكبيرة التي تنطوي على السائقين والركاب على حد سواء وعدم تحمل السائقين ذات الكلف التي يدفعها.
وأضاف أن هذه التطبيقات نظرا لعدم ترخيصها تأخذ نسبة أقل من السائقين على الرحلات اليومية مقارنة بالتطبيقات المرخصة والتي تقدر ما بين 25 – 30 بالمئة على كل رحلة، علاوة عن توفير ترخيص عمل المركبة السنوي البالغ 564 دولار والذي بدوره يفقد المركبة من قيمتها لاكتسابها صفة “التاكسي”، وعدم تحديد السائق بعمر المركبة الذي تشترط التطبيقات المرخصة أن لا يتجاوز 7 سنوات.
وأكد أن هذه المشكلة عالقة منذ سنوات ولم تتخذ الحكومة إجراءات رادعة لإنصاف العاملين على التطبيقات المرخصة.
أرقام رسمية
ووفقا لبيانات هيئة تنظيم النقل البري، فقد بلغ عدد مركبات النقل في المملكة 39250 مركبة من بينها 11492 مركبة تعمل على التطبيقات الذكية المرخصة، في حين تقدر عدد المركبات التي تعمل على التطبيقات غير المرخصة بنحو 15 ألف مركبة.
قانون السير
قانون السير الأردني يمنع عمل المركبات الخصوصية مقابل أجر دون ترخيص، وتصل عقوبة نقل الركاب بسيارة خاصة غير مرخصة لأول مرة بغرامة 140 دولارا وفي الثانية يغرم 140 دولارا مع حجز السيارة لمدة 24 ساعة، وفي حال التكرار للمرة الثالثة يغرم السائق 140 دولارا مع حجز سيارته لمدة أسبوع كامل إضافة إلى تحويل قضيته للحاكم الإداري.
في حين أنه لا يتم اتخاذ أي إجراء بحق الشركة غير المرخصة أو الشركة المرخصة التي تشغل سائقين غير مرخصين على الرغم من أن “شرطي السير” يقوم بتثبيت اسم الشركة على المخالفة.
شركات التأمين
من جهته، أوضح المحامي زيد الجبور لموقع “سكاي نيوز عربية” أن شركات التأمين لا تتعرف على المركبات المؤمنة “تأمين شامل” في حال وقوع حادث وتم ضبطه على أنه يعمل مقابل أجر، علاوة عن عدم تأمينها في السنوات المقبلة.
مسؤولية إيقافها
تقول هيئة تنظيم النقل البري إن حجب التطبيقات غير المرخصة “ليس من اختصاص هيئة تنظيم النقل البري وتنحصر مسؤوليتها فقط بالتطبيقات المرخصة من قبلها ومتابعتها ومدى التزامها بالقوانين والأنظمة والتعليمات ومساءلتها ومحاسبتها في حال وجود مخالفة للتشريعات”.
وقال مدير عام هيئة النقل البري عبد الرحيم الوريكات في تصرحات صحفية إنه “تم تحريك دعوى لدى القضاء باتجاه التطبيقات غير المرخصة، وبعد صدور القرار القضائي، تكون الجهات المعنية هي المسؤولة عن عملية الإيقاف”.
في المقابل، يقول رئيس مجلس المفوضين والرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات، بسام السرحان، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن تطبيقات النقل تخضع لصلاحية هيئة تنظيم النقل البري ولا تخضع لسلطة “هيئة الاتصالات” سواء من ناحية الترخيص أو المحاسبة والمساءلة”، ولا يمكن بالتالي أن تسير ” الاتصالات” بأي إجراء حجب للتطبيقات غير المرخصة دون طلب من “هيئة النقل”.
وأضاف: “لا تقوم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بحجب أو منع أي تطبيق إلا بموجب طلب من الهيئة المختصة بمنح ترخيص التطبيق أو من خلال قرار قضائي أو أمر من المحكمة”.
مخرج للمتورطين في الأقساط
ورغم الهجوم الكبير الذي تتعرض له هذه التطبيقات غير المرخصة واحتمالية وقوع حوادث سيئة مثل عدم وجود ترخيص يحفظ حق الراكب أو السائق على حد سواء، وتغولها على حقوق السيارات المرخصة، إلا أن الناطق باسم اللجنة الوطنية الموحدة لسائقي التطبيقات الذكية لورنس الرفاعي يجد أنها تشكل مخرجا للسائقين الذين انتهى العمر التشغيلي لسياراتهم وما يزالون يدفعون أقساط هذه السيارات للبنوك.
وقال إن السائقين الذين انتهى العمر التشغيلي لمركباتهم والمحدد بـ7 سنوات يلجؤون إلى العمل في التطبيقات غير المرخصة لا سيما أنهم لم يكملوا أقساط سياراتهم للبنوك بعد، وأصبحوا غير قادرين على تحديث مركباتهم أو تأمين مبلغ الأقساط، مطالبا بزيادة العمر التشغيلي للمركبات المرخصة إلى 10 سنوات.
ما الحل؟
يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الحل يكمن في ضبط هذه الحالة بشكل إيجابي من خلال عدة خطوات:
- مراجعة القانون وتوفير الحوافز وتقدير الكلف المترتبة على الترخيص بمنطقية.
- أن يكون القانون قادرا على احتواء جميع الأطراف، وأن لا يكون متعسفا في ما يتعلق بتحميل الأطراف كلفا إضافية تدفع للنشاط الموازي خارج نطاق القانون.
- التدرج في فرض الكلف لإعطاء الشركات القدرة على الدخول تحت مظلة القانون والاستمرار في عملها.
- أن يتم حجب عمل أي تطبيق غير مرخص بطريقة حازمة وفعّالة لحماية البيئة الاستثمارية والمستخدمين “الركاب والسائقين” في حالة حدوث مشكلة.
- نشر التوعية بين المواطنين بالمخاطر المترتبة على استخدام تطبيقات خارج نطاق القانون.