توصل فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة ولاية أريزونا الأميركية إلى أن كوكب الأرض يحتوي في داخله مادة من كوكب آخر غريب موجود في المجموعة الشمسية قبل مليارات السنين، وهو الأمر الذي يحل لغزا عمره عدة عقود.
من أين جاء القمر؟
ترى أكثر النظريات إقناعا بالنسبة للعلماء الآن أنه كان هناك كوكب صغير يدعى “ثيا” بحجم المريخ تقريبا، ارتطم بالأرض قبل نحو 4.5 مليارات سنة، مما تسبب في فوضى واسعة أدت إلى تجمع جزء من المادة الخارجة من الارتطام وبقائها بمدار حول الأرض، وكان ذلك هو القمر.
في البداية كان القمر قريبا جدا من الأرض لدرجة أثرت على دورانها، فكان “طول اليوم” قبل نحو مليار ونصف مليار سنة يعادل 18 ساعة فقط، لكن القمر ابتعد عن الأرض شيئا فشيئا، وهو الآن يفعل الشيء نفسه أيضا، حيث يبتعد عن الأرض بمقدار 4 سنتيمترات سنويا، مما يعني أن يوم الأرض يزداد طولا، لكن بقدر يسير. (الفيديو التالي محاكاة لأصل نشأة القمر)
لكن كانت هناك دائما أسئلة عن مصير ما تبقى من “ثيا”، حيث لا يجد العلماء أثرا له في أي مكان في المجموعة الشمسية وبخاصة حزام الكويكبات، وتسبب ذلك في شك فريق من العلماء بصحة تلك النظرية.
وقد تزامن ذلك في ثمانينيات القرن الماضي مع لغز آخر، إذ اكتشف فريق من علماء الجيوفيزياء قطعتين من المادة، وكل واحدة منهما بحجم قارة كاملة، وتتكون القطعتان من مواد غير أرضية، وتوجدان قرب مركز الأرض، إحداهما تحت أفريقيا والأخرى تحت المحيط الهادي.
واكتشف العلماء وجود تلك القطع عن طريق الموجات الزلزالية، وهي الاهتزازات الناتجة عن زلزال أو انفجار أو أي مصدر طاقة مماثل، وتنتشر داخل الأرض. ومثلها مثل كل موجة أخرى، فإن سرعة واتجاه تلك الموجات تتأثر بالوسط الذي تمر فيه، ومن ثم فإنها توضح للعلماء الفارق بين كثافة مكونات الأرض وبالتبعية تركيبها، وعن طريق دراسة كيفية انتقال هذه الموجات عبر جسم كوكبنا توصل العلماء إلى وجود تلك القطع.
وطوال 5 عقود مضت، تساءل العلماء عن السبب في وجود تلك القطع الغريبة المعروفة بين العلماء باسم “المقاطعات الكبيرة ذات السرعة المنخفضة”.
أين اختفى كوكب ثيا؟
وتشير الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “نيتشر” إلى أن هذه القطع الكبرى ليست إلا بقايا كوكب “ثيا”، ويفسر ذلك اختفاء كوكب “ثيا” من المجموعة الشمسية، فقد تم امتصاصه في باطن الأرض الفتيّة لتشكيل تلك القطع، في حين تجمع الحطام المتبقي من الاصطدام في القمر.
وللتوصل إلى تلك النتائج قام هذا الفريق البحثي ببناء نماذج لمحاكاة تركيب “ثيا” عبر بيانات حصلوا عليها من دراسة تركيب القطعتين عبر الموجات الزلزالية، وتركيب قمر الأرض الجيولوجي.
وأظهرت المحاكاة كذلك أن الاصطدام كان جانبيا، وأن جزءا كبيرا من الطاقة الناتجة عن اصطدام “ثيا” بالأرض ظلت في النصف العلوي من طبقة الوشاح التي توجد أسفل القشرة الأرضية، مما ترك الوشاح السفلي للأرض أكثر برودة من البرودة التي قدرتها نماذج الارتطام السابقة ذات الدقة المنخفضة، ومن ثم ظلت بقايا “ثيا” مستقرة إلى حد كبير، بحسب بيان صحفي رسمي صادر عن جامعة أريزونا.