إقالة مفاجئة في روسكوزموس.. هل تتجه موسكو لعسكرة الفضاء؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

في خطوة مفاجئة، أعلن الكرملين تعيين ديمتري باكانوف رئيسا جديدا لوكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس)، ليحل محل يوري بوريسوف بعد أقل من 3 سنوات من وجوده في منصبه، كجزء من “تدوير وظيفي” يهدف إلى ضمان التطور الديناميكي للوكالة.

ويُذكر أن حقبة بوريسوف شهدت فشل مهمة “لونا-25” في أغسطس/آب 2023، والتي كانت أول محاولة روسية للهبوط على سطح القمر منذ قرابة 5 عقود. فقد كان من المفترض أن تثبت المركبة غير المأهولة قدرة روسيا على تنفيذ مهام مستقلة في الفضاء العميق، لكن المسبار الفضائي اصطدم بسطح القمر وتحطم، وكانت صفعة كبيرة لطموحات روسيا الفضائية المستقلة، لا سيما أن دولا أخرى مثل الصين واليابان قد حطّت ركابها على سطح القمر في أكثر من مناسبة بنجاح.

هل ستتغير الأولويات؟

ورغم هذا الإخفاق وكثير من التحديات الماضية، واصل بوريسوف وضع خطط طموحة لتمكين روسيا مجددا في الفضاء في ظل الاستنزاف العسكري الذي تشهده البلاد منذ سنوات، ومن بين هذه المشاريع الفضائية الطموحة مشروع إنشاء محطة فضاء روسية جديدة بديلة لمحطة الفضاء الدولية التي تشهد سنواتها الأخيرة من العمل.

وقد أقرت الوكالة الروسية جدولا زمنيا لإطلاق أول وحدتين من المحطة المدارية الروسية المستقلة بحلول عام 2027، مظهرين بذلك عزم روسيا في الحفاظ على وجود بشري طويل الأمد في الفضاء، مع التركيز على الأبحاث العلمية والإستراتيجية خارج قيود محطة الفضاء الدولية، حيث استمرت روسيا في التعاون مع الولايات المتحدة رغم التوترات السياسية المتصاعدة.

وتثير الإقالة المفاجئة لإدارة الكادر القديم التساؤلات عن مدى التزام القيادة الجديدة بهذه الخطة الزمنية، بالإضافة إلى أن خلفية باكانوف في مجال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية تشير إلى أن روسيا قد تركز بشكل أكبر على تعزيز بنيتها التحتية في مجال الأقمار الصناعية والمبادرات الأمنية الفضائية.

المستقبل بين روسكوزموس والبنتاغون

وقد تولى باكانوف سابقا إدارة شركة “جونيتس”، وهي شركة روسية متخصصة في الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، ولها ارتباطات بمشاريع حكومية، من بينها مشروع “ون ويب” العالمي الذي انسحبت منه روسيا عام 2018 بعد اعتراضات من جهاز الأمن الفدرالي الروسي بشأن المخاطر الأمنية.

وفي ظل تصاعد المنافسة العالمية على الأصول الفضائية، قد يعكس تعيين باكانوف تحولا في الأولويات نحو تعزيز قدرات روسيا في مجال الأقمار الصناعية، على حساب استكشاف الفضاء العميق.

وعلى نطاق أوسع، يأتي هذا التغيير في روسكوزموس وسط تزايد التنافس الجيوسياسي في الفضاء، ومع اقتراب انتهاء اتفاقية الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2026 تتزايد المخاوف من احتمالات عسكرة الفضاء، إذ يتبادل الطرفان من جديد الاتهامات بشأن خطط لنشر أسلحة في المدار المنخفض. ويبقى التساؤل عما إذا كان باكانوف سيوجه “روسكوزموس” نحو هذه الأهداف الإستراتيجية الأوسع، أم إنه سيحافظ على تركيزها التقليدي على الاستكشاف العلمي.

وتعمل الولايات المتحدة وروسيا بنشاط على تعزيز قدراتهما العسكرية في الفضاء، مما يؤدي إلى زيادة المخاوف بشأن احتمال نشوب صراع في هذا المجال.

وفي فبراير/شباط 2024، اتهمت الولايات المتحدة روسيا بتطوير سلاح مضاد للأقمار الصناعية مسلح نوويا مخصص للنشر في مدار أرضي منخفض. ويمكن أن يستهدف هذا السلاح الأقمار الصناعية ويدمرها، مما يشكل مخاطر كبيرة على الأمن العالمي.

وعلى الجانب الآخر، أُسّست قوة الفضاء الأميركية في عام 2019، بقوة بشرية تبلغ 15 ألف فرد وميزانية سنوية تبلغ 30 مليار دولار، وتم تكليف قوة الفضاء بحماية المصالح الأميركية في الفضاء وردع الخصوم.

وتدرك كل من الولايات المتحدة وروسيا أن الأصول الفضائية (الأقمار الصناعية وشبكات الاتصالات وأنظمة المراقبة) ضرورية للعمليات العسكرية الحديثة، إذ تتحكم الأقمار الصناعية في نظام تحديد المواقع العالمي والملاحة الذي يعدّ ضروريا للتنسيق العسكري والدفاع الصاروخي وجمع المعلومات الاستخباراتية والاتصالات العسكرية الآمنة.

وتعمل كل من الولايات المتحدة وروسيا على تطوير صواريخ تفوق سرعة الصوت يمكن توجيهها بالأقمار الصناعية وأنظمة الحرب الإلكترونية لتشويش إشارات الخصوم الصادرة من الأقمار الصناعية، وبأشعة ليزر عالية الطاقة يمكنها إسقاط الأقمار الصناعية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *