كشف فريق بحثي بقيادة علماء من قسم الجغرافيا الطبيعية من جامعة أوتريخت الهولندية أن مياه العالم العذبة تواجه مشكلة كبرى، فمع ازدياد عدد السكان وتردد موجات الحر والجفاف، ترتفع معدلات استهلاك المياه بشكل كبير.
وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرها هذا الفريق في دورية “إنفيرومنتال ريسيرش ليترز”، قام العلماء بتقييم استهلاك الماء القطاعي أثناء فترات الجفاف وموجات الحرارة على نطاق عالمي.
وقام هذا الفريق بتحليل كمية كبيرة من البيانات المتعلقة باستخدام الماء القطاعي على المستويات العالمية خلال الـ30 عامًا الماضية.
الماء القطاعي
“الماء القطاعي” هو المصطلح المستخدم لوصف شكل استخدام المياه من قبل قطاعات مختلفة من الأنشطة البشرية، مثل الزراعة والصناعة والطاقة والمنزلية، الأمر الذي يتضمن عادة أنشطة مثل الري والتبريد والغسيل والشرب والصرف الصحي.
ويعد فهم استخدام الماء القطاعي أمرا مهما لتقييم توافر المياه وأمنها الحالي والمستقبلي، ويساعد ذلك في تحديد نسب هدر المياه وبالتبعية كيفية الحفاظ عليها بأفضل الطرق، وفي سياق التغير المناخي يصبح ذلك مهما أكثر من أي وقت مضى.
على سبيل المثال، يمثل الري حوالي 70% من السحب العالمي للمياه، مما قد يؤثر على إمدادات المياه للقطاعات الأخرى، وبالتبعية يجب أن تعمل الحكومات على ابتكار وسائل أفضل للتقليل من تلك النسبة مع الحفاظ على نفس معدلات الزراعة.
وإلى جانب ذلك، يمثل توليد الكهرباء 3% من استهلاك المياه العالمي، ولكن بدراسة مستفيضة تجد أنه قد يؤثر على جودة المياه ودرجة حرارتها، وبالتالي التأثير على القطاعات الأخرى والحياة المائية، وبالتالي يجب إيجاد طرق لمنع ذلك، وهكذا.
العالم في خطر
تظهر الدراسة أن استهلاك الماء القطاعي أثناء موجات الجفاف والموجات الحارة كان أكبر بشكل جذري من المتوسط في كل دول العالم، لكن سلوك هذا الاستهلاك اختلف بشكل كبير حسب القطاع والمنطقة والدولة.
وبناء على ذلك، فإن الدراسة تشير إلى أن هناك حاجة ملحة إلى جمع المزيد من بيانات استخدام المياه لفهمٍ أفضل لآثار الأحداث المتطرفة وتغير المناخ على مختلف قطاعات استخدام المياه، وبالتالي تحسين التعامل مع ندرة المياه في المستقبل.
يأتي ذلك في سياق مهم، وهو أن العالم يتجه بحلول نهاية القرن إلى معدلات أعلى من موجات الجفاف والموجات الحارة، وإلى جانب ذلك من المحتمل أن تزداد حدة وطول تلك الموجات، ما سيؤثر بشكل كبير على طبيعة استهلاك المياه.
وإلى جانب ذلك، ترى مراجعة بحثية نشرت في سبتمبر/أيلول الماضي بدورية “نيتشر ريفيوز إيرث آند انفايرومنت” أن جودة مياه الأنهار عالميا تميل إلى التدهور خلال الأحداث المناخية القاسية.
وقد قام البحث الذي قادته جامعة أوتريخت كذلك بتحليل 965 معاملا من معاملات التغير في نوعية مياه النهر أثناء الطقس القاسي مثل الجفاف وموجات الحر والعواصف المطيرة والفيضانات، على المدى الطويل والقصير.
وتبين بحسب الدراسة أن جودة المياه في الأنهار تميل إلى التدهور أثناء فترات الجفاف وموجات الحر بنسبة 68%، وخلال العواصف المطيرة والفيضانات بنسبة 51%، وفي ظل التغيرات المناخية طويلة المدى بنسبة 56%.