أفادت دراسة جديدة أنّ مياه المحيط في القطب الجنوبي بدأت تتسرّب أسفل نهر “ثويتس” الجليدي قاطعةً بذلك عدّة كيلومترات، مما يزيد من قابلية ذوبانه.
ويقع نهر ثويتس الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، ويُطلق عليه مجازا “نهر القيامة الجليدي”، لأنّ انهياره سيؤدي إلى كارثة عالمية على مستوى سطح البحر، بحكم مساحته التي تعادل ولاية فلوريدا الأميركية، ويُعد كذلك أوسع الأنهار الجليدية في العالم.
ويعاني نهر ثويتس من غياب الاستقرار بسبب الأرضية التي يرتكز عليها إذ إنها ذات ميلان كبير، مما يسمح لمياه المحيط أن تلتهم من كتله الجليدية بشكل مستمر.
كما يساهم نهر ثويتس بشكل كبير في تحديد ارتفاع مستوى سطح البحر عالميا بنسبة 4%، وذوبانه بالكامل كفيل برفع منسوب مياه البحار لما يزيد على 3 أمتار، وهو ما يشكّل مخاطر كبيرة على المناطق الساحلية المكتظة بالسكان، وعلى الموانئ وحركة التجارة في جميع أنحاء العالم.
واستخدم فريق من علماء الجليد من جامعة كاليفورنيا، بيانات رادارية عالية الدقة من الأقمار الصناعية في الفترة بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2023 لمشاهدة التغيرات الطارئة على النهر الجليدي بالأشعة السينية، ولاحظوا أنّ المكان الذي يرتفع فيه النهر الجليدي من قاع البحر أصبح جُرفا جليديا عائما يطفو على مياه المحيط.
ويوضّح أستاذ علوم نظام الأرض والباحث المشارك في الدراسة “إريك رينوت”، أنّ العلماء كانوا يفتقرون للمعلومات الصحيحة لما يدور تحت الجليد، وأما الآن فبات من الممكن رؤية التداعيات الخطيرة لما يجري.
ولاحظ الباحثون أنّ مياه المحيط تندفع تحت النهر الجليدي لعدّة كيلومترات متأثرة بظاهرتي المدّ والجزر اليومية، ومع مرور الوقت سيؤدي تدفق الماء المتواصل إلى رفع سطح النهر الجليدي بمقدر سنتيمترات ويفصله عن الأرضية التي يستند إليها.
ويُطلَق على الشقوق التي يتسرّب إليها المياه تحت المناطق الجليدية بـ”منطقة التأريض”، وهي منطقة ينتقل فيها النهر الجليدي أو الغطاء الجليدي من الثبات على أرض صلبة إلى الطفو على الماء، وتفقد حينها الكتلة الجليدية الاتصال بالأساس أو بالأرضية تحتها.
وتمثّل سرعة تدفق مياه البحر تحت الجليد عاملا حاسما في ذوبان الكتل الثلجية، وذلك لأنّه عندما يذوب الجليد تُستبدل المياه العذبة ويحلّ مكانها مياه المحيط الدافئة المالحة. وكلّما زادت سرعة تدفق المياه زادت عملية التبادل المستمرة بين المياه العذبة والمالحة، وبالتالي يصبح الثليج أكثر عرضة للذوبان.
ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم لفهم حجم الكارثة التي قد تحلّ بهم، وكمّ الوقت الذي سيستغرقه ذلك، وإذا ما كانت هناك تسرّبات أخرى لمياه المحيط في أماكن أخرى من القارة المتجمدة.