نموذج حاسوبي يحاكي تعقيدات دماغ الإنسان عند التخطيط واتخاذ قرار حاسم

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

غالبا ما يستغرق الأمر بعض الوقت من التفكير والتحليل لاتخاذ أي قرار حاسم، وتشمل هذه العملية تخيّل النتائج المحتملة لعدّة سيناريوهات، وقد سعى العلماء إلى فهم آلية عمل الدماغ لإجراء تلك “المحاكاة العقلية” التي تحدث في أدمغة البشر.

وكشفت دراسة حديثة نُشِرت في مجلة “ناتشر نروساينس” أنّ التفاعل الذي يجري بين قشرة الفص الجبهي ومنطقة الحُصين (قرن آمون) يساعد على تخيّل النتائج المستقبلية ويساهم في اتخاذ القرارات.

ويوضّح الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة نيويورك والباحث المشارك في الدراسة “مارسيلو ماتار”، أنّ قشرة الفص الجبهي تعمل بمثابة جهاز محاكاة، حيث تَختبر عقليا الإجراءات المحتملة باستخدام خريطة معرفية مخزنة في الحُصين، ويحتوي الحُصين بدوره على ذاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد.

ويسلّط العلماء الضوء في بحثهم على الآليات العصبية والإدراكية لعملية التخطيط، وهو جانب أساسي يتميّز به البشر والحيوانات مع تفاوت في القدرات من كائن إلى آخر.

ومن الممكن أنّ يؤدي فهم هذه الوظائف الدماغية إلى تعزيز العلاج للاضطرابات التي تؤثر في عملية اتخاذ القرارات السليمة عند البشر.

ولكشف هذه الآليات، أقدم “ماتار” وزميلاه “كريستوفر جينسن” من جامعة لندن و”جيوم هينكوين” من جامعة كامبردج، على تطوير نموذج حاسوبي للتنبؤ بنشاط الدماغ خلال مرحلتي التخطيط والتفكير، وجمعوا بيانات من متطوعين وفئران للتحقق من صحة نموذج الشبكة العصبية المتكررة “الشبكة العصبونية التكرارية”، وهو نظام برمجي يتعلّم الأنماط المتعددة من المعلومات الواردة.

واستند النموذج إلى المعطيات الحالية لإجراء التخطيط، وأضاف تعقيدات جديدة مثل “الأفعال والتصرفات المختيّلة”، ويشير ذلك إلى قدرة النموذج على محاكاة أفعال لم تحدث بعد كجزء من عملية اتخاذ القرار، مما يجعل النموذج أكثر واقعية وقريبا من كيفية اتخاذ البشر قراراتهم.

وأثبت الباحثون صحة النموذج باستخدام البيانات السلوكية والعصبية ومقارنتها، ففي إحدى التجارب استعانوا بدراسة كيفية تنقل البشر عبر متاهة على الإنترنت، مع ملاحظة الوقت المستغرق قبل كلّ خطوة، وأجروا شيئا مماثلا على مجموعة من الفئران باستخدام متاهة حقيقية مصغّرة. وبعد مقارنة السلوكيات والبيانات العصبية للبشر والفئران، عثر الباحثون على أوجه التشابه التي كانت متوافقة إلى حد كبير.

وأشار “ماتار” إلى أنّ هذا البحث يوفر بشكل عام معرفة أساسية للخطوات المعقدة التي تجري في أدمغتنا أثناء التفكير لاتخاذ القرار الأفضل وفقًا لاستنتاجات تخيلية يفترضها الدماغ، ومن الممكن أن يفتح بابا لعلاج مشاكل تتعلّق باتخاذ القرارات الصحيحة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *