تستهدف وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” طرقا أرخص وأقل تعقيدا لجلب عينات من الكوكب الأحمر كانت جمعتها هناك منذ سنتين- إلى الأرض ضمن إحدى أولوياتها المستقبلية وفي ظلّ ميزانية محدودة حاليا. وأشار مسؤولون في الوكالة الاثنين الماضي إلى أنّ المهمة القادمة تستهدف جلب عينات من تربة المريخ الثمينة.
ويسعى مديرو ناسا التنفيذيين إلى إخطار جميع مراكز ومختبرات الوكالة وأيضا شركات صناعة الفضاء، عن أهداف المهمة وسماتها التقنية في البرنامج الفضائي القادم ضمن الحد الأدنى من الإنفاق.
وقال المدير المساعد للوكالة نيكي فوكس: إن التغييرات المطلوبة ستركز على الابتكار والتكنولوجيا التي خضعت للتجربة بدلاً من التركيز على قفزات تقنية جديدة ضخمة، وذلك لمراعاة أهمية تقليص وقت التطوير المستغرق، وكذلك تقليل المخاطر والتكاليف.
ويبدو أنّ الأمر معضلة بالنظر إلى صعوبة تحقيق شيء جديد لم يحدث من قبل باستخدام تكنولوجيا قديمة، وخاصة على مستوى إطلاق صاروخ من سطح كوكب آخر.
وأظهرت مراجعة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي من طرف مستقل بتكليف من وكالة ناسا، أنّ البرنامج لا يمكن تنفيذه بسبب محدودية الميزانية والإطار الزمني الضيّق وغير الواقعي.
وتأثر النشاط الفضائي كثيرا بسبب التقليصات في الإنفاق التي فرضها الكونغرس على برامج الفضاء هذا العام، مما أدى إلى تسريح مئات العمال في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا قرب مدينة لوس أنجلوس، وهو المركز المسؤول عن قيادة مهام بعثات المريخ.
ويعمل المسبار الفضائي الآلي المصنّع في مختبر الدفع النفّاث على جمع عينات من تربة المريخ منذ عام 2021، حيث يوجد المسبار الآن في قاع بحيرة مريخية قديمة تُدعى فوهة جيزيرو. ويهدف الخبراء من مراجعة تلك العينات إلى العثور على علامات محتملة لميكروبات متحجرة.
وتهدف المرحلة التالية من المهمة بالشراكة مع وكالة الفضاء الأوروبية، إرسال مركبة هبوط آلية ثانية إلى المريخ لجلب العينات وإطلاقها في مدار حول المريخ للالتقاء بمركبة فضائية ثالثة كي تحضرها إلى الأرض.
وكان من المتوقع إطلاق كلتا المركبتين بين عامي 2027 و2028، على أن تصل العينات في مطلع الثلاثينيات، ومن المتوقع أن تتراوح إجمالي التكاليف بين 5 و7 مليارات دولار.
ولكن المراجعة المستقلة التي أجريت العام الماضي، وجدت أنّ التكاليف الفعلية لإرجاع العينات ضمن القيود التقنية المطلوبة، سترتفع إلى 11 مليار دولار، ولن يحدث الوصول قبل عام 2040.
وهذا ما دفع مدير الوكالة بيل نيلسون إلى القول إنّ كلفة 11 مليار دولار تعد باهظة للغاية، وموعد العودة أيضا بعيد. وأضاف أنّ الاستمرار في مستويات التمويل المرتفعة هذه سيؤثر أيضا في الأهداف العلمية الرئيسية الأخرى للوكالة، مثل استكشاف الطائرات العامودية المخطط إرسالها لقمر زحل الجليدي تيتان، ومهمتين قادمتين إلى كوكب الزهرة، ومستكشف الأجسام القريبة من الأرض.
واختتم نيلسون بالقول عن أمله في أن تجد ألمع العقول في وكالة ناسا وفي شركائها في صناعة الفضاء حلاً جذريا قادرا على حل تلك المعضلة.