لماذا يعد واتساب تطبيق المراسلة الرقمي الأول في العالم؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

شهد تطبيق واتساب صعودا سريعا منذ انطلاقه عام 2009، ولم تظهر عليه أي علامات على التوقف. وهو اليوم ثالث أكبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعية من حيث عدد المستخدمين العالميين من بعد فيسبوك ويوتيوب.

أعلن واتساب في عام 2020 أن لديه أكثر من ملياري مستخدم حول العالم. فهو أكبر من آي مسج (1.3 مليار مستخدم) وتيك توك (1 مليار) وتليغرام (800 مليون) وسناب شات (400 مليون)، كما تفوق على منصة إنستغرام التي تستحوذ على نحو 1.4 مليار مستخدم. وبالتالي يتفوق تطبيق واتساب على جميع منافسيه، ويتربع على عرش تطبيقات المراسلة.

لماذا يحظى واتساب بشعبية كبيرة؟

يحظى واتساب بجمهور كبير في مناطق متفرقة من العالم، حيث يعمل وسيلة اتصال افتراضية في الهند وأميركا اللاتينية وأجزاء من أوروبا وغيرها. وفي المقابل، تعد الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التي لا تعتمد على واتساب في المراسلات، ولا تزال تستخدم نظام الرسائل النصية القصيرة.

هناك عدة أسباب تجعل تطبيق واتساب أكثر استخداما من الرسائل النصية القصيرة في جميع أنحاء العالم، نذكر أهمها:

التكلفة المنخفضة: ارتقى واتساب منذ انطلاقه إلى مكانة واسعة الانتشار في العديد من الدول بسبب انخفاض تكلفة استخدامه. ففي وقت أصبحت فيه هذه الخدمة شائعة، كان مزودو خدمة الهواتف في العديد من البلدان يفرضون رسوما على كل رسالة نصية، أو يضعون حدا معينا على عدد الرسائل التي يمكن إرسالها. في المقابل فإن كل ما تحتاجه لاستخدام واتساب هو الاتصال بالإنترنت، وهذا ما جعله بديلا أكثر جاذبية للرسائل النصية القصيرة.

ورغم ذلك، فقد قدم معظم مزودي خدمات الهاتف المحمول في الولايات المتحدة رسائل نصية غير محدودة كميزة قياسية ولمدة طويلة. وبالتالي، لم يكن المستخدمون هناك بحاجة كبيرة إلى بديل مثل واتساب، إذ لم يروا سببا لتنزيل تطبيق آخر للقيام بما كانوا يفعلونه بالفعل.

دعم الأجهزة المتعددة: يستخدم الكثيرون هواتف آيفون، ويعتبر تطبيق آي مسج برنامج المراسلة الافتراضي للعديد من الأشخاص، فهو يعمل تلقائيا عندما ترسل رسالة نصية إلى شخص لديه جهاز آيفون. ولكن نظرا لأن نظام أندرويد يستخدم على نطاق أوسع بكثير في جميع أنحاء العالم، فإن آي مسج ليس متوفرا لهذه الأجهزة. وهنا جاء واتساب ليتيح إرسال الرسائل لدى جميع مستخدمي التطبيق دون تمييز إذا كانوا مستخدمين لأجهزة آيفون أو أندرويد.

كما بدأت العديد من الدول النامية في العالم تشهد اعتمادا واسع النطاق على الهواتف الذكية، إلى جانب اتصالات الجيل الثالث “جي3” (3G)، وذلك عندما كان تطبيق واتساب جديدا، فقد جاء في المكان والوقت المناسبين ليصبح مشهورا كما هو الحال الآن.

البساطة: ورغم الانطلاق القوي لتطبيق واتساب فقد ظل في القمة لبساطته ومرونته، فكل ما تحتاجه لإرسال رسالة إلى شخص ما هو رقم هاتفه فقط، لذلك لا داعي للقلق بشأن الاتصال عبر فيسبوك أو استخدام جهاز آيفون، حيث توجد خدمات الرسائل النصية والمكالمات ومشاركة الصور كلها في مكان واحد.

ومن جانبه، تعتبر الرسائل القصيرة “إس إم إس” (SMS) ورسائل وسائط متعددة قديمة. فلا تزال الرسائل القصيرة مقتصرة على 160 حرف لكل رسالة نصية، وتفرض رسائل الوسائط حدودا صارمة على حجم الملفات والتي قد تكون مزعجة لمقاطع الفيديو والصور الحديثة. فواتساب هو طريقة مراسلة حديثة لم تعد عالقة في تقنيات عام 2003.

خال من الإعلانات: كان مؤسسَا واتساب جان كوم وبريان أكتون متمسكين منذ البداية بأنهما يصنعان منتجا، وليس طريقة لتقديم الإعلانات. فوسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات الاتصالات الأخرى تعتمد على إيراداتها من الإعلانات، مما يخلق تجربة مستخدم أقل من مثالية.

تعد الإعلانات طريقة سريعة لتحقيق الإيرادات، لكن واتساب يعمل من دون إعلانات مباشرة للمستهلك. وبدلا من ذلك، تحققوا الدخل من خلال واتساب بزنس الخاص بالأعمال، بالإضافة إلى واتساب باي (WhatsApp Pay) الذي يسمح بتحويل الأموال عبر التطبيق لكنه متوفر فقط في الهند والبرازيل وسنغافورة.

سمح هذا لواتساب بالتركيز على تقديم تجربة مستخدم عالية الجودة، فهو يجمع بين الميزات التي تحتاج عادةً إلى العديد من التطبيقات لتغطيتها مثل المراسلة والمكالمات ومحادثات الفيديو والمحادثات الجماعية. فهو يعبر الحدود التكنولوجية والجغرافية، فلا يهم ما إذا كان المستخدم من بلد مختلف، أو كان لديه نظام تشغيل مختلف، فإن واتساب سيوصل الرسالة بسهولة.

التسلسل الزمني لتطبيق واتساب

بدأت فكرة تطبيق واتساب منذ عام 2004 من قبل موظفين اثنين في شركة ياهو (Yahoo) بريان أكتون وجان كوم، حيث بدأ الأخير يتصور ويبني أفكاره على تطبيق يتيح فيه لكل اسم في قائمة دفتر العناوين حالته الخاصة، ولكن لم يتم العمل بشكل جدي في هذه الفترة، وفي عام 2007 تخلى الاثنان عن شركة ياهو.

حتى جاء عام 2009 حيث أنشأ كوم تطبيق واتساب، وتم إطلاقه بشكل رسمي لأجهزة آيفون. وعلى الرغم من أنه كان يهدف في البداية إلى تتبع حالات عمل المستخدمين، وإخطار جهات الاتصال الخاصة بهم بمدى توفرهم، فإنه قد تحول بسرعة إلى نظام أساسي للمراسلة، حيث استفادت قاعدة مستخدميه المبكرة من قدرة التطبيق على إرسال إشعارات إلى مستخدمين آخرين.

أقنع أكتون خمسة من موظفيه السابقين في شركة ياهو لتقديم 250 ألف دولار في التمويل الأولي للتطبيق، وذلك قبل شهر واحد من إطلاقه في متجر التطبيقات. وفي نهاية العام أصبح واتساب مدفوعا لتغطية تكاليف الخدمة، كما أضيفت القدرة على إرسال الصور بين المستخدمين. ورغم هذه البداية المتواضعة، فإن واتساب أصبح بعد عامين فقط من بين أفضل 20 تطبيقا في متجر التطبيقات.

في عام 2010 تمت إضافة واتساب إلى غوغل بلاي وأصبح يدعم أجهزة أندرويد، وفي أبريل/نيسان 2011 استثمرت شركة “سيكويا كابيتال” (Sequoia Capital) حوالي 8 ملايين دولار مقابل ملكية واتساب بنسبة 15%، وفي عام 2013 أعادت استثمار 50 مليون دولار حيث تجاوز التطبيق في تلك الفترة 200 مليون مستخدم نشط، وبلغت قيمته 1.5 مليار دولار. وفي العام نفسه أصبح تطبيق واتساب مجانيا، مع فرض رسوم اشتراك سنوية قدرها 1 دولار في السنة.

في 19 فبرابر/شباط 2014 أعلنت فيسبوك عن استحواذها على شركة واتساب مقابل 19 مليار دولار، وهي أكبر عملية استحواذ حتى الآن. ومع تساؤل الكثيرين عن سبب دفع فيسبوك هذا المبلغ الكبير لشركة تحقق إيرادات سنوية قدرها 20 مليون دولار فقط! أصبح تطبيق واتساب يشكل تهديدا مباشرا لاستمرارية منصات التواصل الاجتماعي، وكان مارك زوكربيرغ يعلم ذلك. وفي هذا العام وصل التطبيق إلى أكثر من 600 مليون مستخدم ليصبح تطبيق المراسلة الأكثر شعبية في العالم.

في عام 2016 تخلى واتساب عن نموذجه المدفوع ومكّن مكالمات الفيديو. وبعد فترة وجيزة، قدم التشفير التام بين الطرفين. وفي العام نفسه، اكتشف المستخدمون الذين قرؤوا الشروط والأحكام المحدثة أن واتساب سيبدأ في مشاركة بيانات المستخدم مع فيسبوك، التي سيستخدمها الأخير لإنشاء إعلانات مستهدفة. ومع ذلك، تمكن فيسبوك من الوصول إلى هذه البيانات منذ عام 2014، وقد غُرّم على إثرها بمبلغ 110 ملايين يورو (حوالي 122 مليون دولار) من قبل المفوضية الأوروبية.

وفي عام 2017، ترك أكتون الشركة وتلته استقالة كوم من منصبه رئيسا تنفيذيا لتطبيق واتساب في عام 2018. وفي السنوات التي تلت ذلك، أضاف واتساب العديد من الميزات مثل إطلاق “الوضع المظلم” لأجهزة آيفون وأندرويد عام 2020، وميزة الرد على الرسائل باستخدام أي رمز تعبيري عام 2022.

أما في عام 2023 فقد جاء بالعديد من الميزات والتطويرات مثل تعديل الرسائل لمدة تصل إلى 15 دقيقة بعد إرسالها، وميزة القنوات الجديدة والسماح بمشاركة الصور والفيديو بدقة عالية وإمكانيه إنشاء حساب آخر في التطبيق، وإضافة بريد إلكتروني في حساب الواتساب.

ومن المتوقع أن يقدّم التطبيق في 2024 مجموعة من الميزات الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل تعديل الصور والرد على الرسائل وغيرها ليضيف بذلك عاما آخر لسلسلة نجاحات واتساب.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *