كشف فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة باث البريطانية أن النباتات المزهرة نجت نسبيا من الانقراض الجماعي الذي قتل الديناصورات قبل 66 مليون سنة، بل ساعدها هذا الحدث المدمر على أن تصبح النوع السائد من النباتات اليوم.
وسميت هذه الحادثة بانقراض العصر الطباشيري-الباليوجيني، وفيه اختفت من على كوكب الأرض 3 أرباع الأنواع النباتية والحيوانية، بما في ذلك الديناصورات، ولكن حتى الآن لم يكن من الواضح مدى تأثيرها على النباتات المزهرة.
طفرات الحمض النووي
وكانت الدراسات الجيولوجية الأولى للصخور الخاصة بتلك الفترة قد لاحظت وجود مستويات عالية من معدن الإيريديوم، وهو نادر في القشرة الأرضية، ولكنه متوفر بكثرة في الصخور السماوية، مما دفع العلماء إلى تصور أن الانقراض كان بسبب مذنب أو كويكب ضخم بقطر 10 إلى 15 كيلومترا ضرب الأرض في فوهة تشيكسولوب، والموجودة الآن في شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك.
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “بيولوجي ليترز” فإن النباتات لا تحتوي على هياكل عظمية لتترك أحافير في الصخور، لكن تحليل الطفرات في تسلسل الحمض النووي الخاص بآلاف الأنواع من النباتات المزهرة، بطرق إحصائية معقدة، يمكن أن يستخدم لتقدير معدلات الانقراض عبر الزمن الجيولوجي كله، حيث تكون معدلات الطفرات أقل من المعتاد إذا كانت كمية كبيرة من أعداد الكائن الحي قد انقرضت وتبقى منها عدد قليل، والعكس صحيح.
ويرى الباحثون أنه بعد انقراض معظم الأنواع النباتية والحيوانية على الأرض استفادت النباتات المزهرة من توفر الغذاء وسيطرت على سطح الكوكب مثلما فعلت الثدييات بعد انقراض الديناصورات، حيث أصبحت المسيطرة كذلك على سطح الأرض.
ملوك التكيف
وبحسب بيان صحفي أصدرته جامعة باث، فإن هذا هو السبب في أنه من بين حوالي 400 ألف نوع من النباتات التي تعيش اليوم، هناك حوالي 300 ألف منها نباتات مزهرة. ومن هذه النباتات التي قاومت الانقراض وبقيت على الأرض، السحلبية والمغنولية كبيرة الأزهار، وتستخدمان الآن نباتات زينة، والأقحوان والبطاطس والنعناع.
ويقترح الباحثون أن السبب في نجاة النباتات المزهرة رغم ضعفها الظاهر وعدم قدرتها على الحركة (كالحيوانات مثلا)، هو أنها أكثر قدرة على التكيف، فهي تستخدم مجموعة متنوعة من آليات نثر البذور والتلقيح، وقد طور بعضها طرقا ممتازة لإجراء عملية التمثيل الضوئي في عالم بلا شمس لفترة طويلة نسبيا.
حيث يعتقد العلماء أن الضربة التي تلقتها الأرض وما تلاها من حرائق واسعة تسببت في إطلاق كم هائل من الغبار والسخام في الغلاف الجوي، تسبب في حجب الغالبية العظمى من إشعاع الشمس لفترة طويلة تبدأ من أشهر وربما امتدت لسنوات، مما تسبب بدوره في انخفاض درجة الحرارة عالميا بشكل كبير.