وحث التقرير الذي صدر العام المنصرم دول العالم على العمل لدعم الصحة النفسية من خلال الاستجابة لأزمة المناخ وانعكاساتها على صحة الأفراد في العالم خاصة أولئك الذين عانوا ولا يزالون من الكوارث الطبيعية والجفاف والفقر وارتفاع درجات الحرارة والعيش بالقرب من المنشآت الصناعية.
فالعيش في ظروف مناخية قاسية كالأعاصير وحرائق الغابات أو في المناطق الجافة، يؤثر على الصحة النفسية للفرد.
وعلى سبيل المثال، قد يؤدي إلى التدهور المعرفي تدريجيا، فالقصة لا تنتهي عند وقوع الكارثة فقط بل تبدأ ووفق خبراء في الأيام التي تليها عقب الاستيقاظ من صدمة الكارثة.
القلق والشعور بالعجز والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وحتى التفكير في الانتحار، كلها آثار نفسية تترافق مع الأشخاص الذين يعانون من تبعات تغييرات المناخ والكوارث الطبيعية.
وازدت الحرائق التي ضربت ولاية كاليفورنيا قبل أشهر قليلة، ووفق منظمة الصحة العالمية من معاناة الأهالي باضطراب ما بعد الصدمة، حيث أبلغ نحو 67 في المئة من سكان الولاية بأنهم اختبروا مشاعر الخوف والرهاب والقلق وقلة النوم والتعب العام، الذي رافقهم لأسابيع كثيرة بعد تلك الكارثة.
“أخبار تغير المناخ مقلقة”
والأمر لا يتعلق فقط بالذين كانوا في خضم تلك الأحداث بل ووفق التقرير، فإن تغير المناخ يؤثر على الصحة العقلية للأشخاص الذين لم يتعرضوا شخصيا لأي نوع من الكوارث الطبيعية، حيث أدت متابعة أخبار تلك الأحداث للشعور بالقلق والخوف منها.
منظمة الصحة العالمية تقول أيضا، إن استمرار تقلبات المناخ وارتفاع درجة الحرارة وتفاقم تلوث الهواء، قد يكون السبب الرئيسي لإصابة بعض الأشخاص بالاكتئاب والعنف وتبدل المزاج الحاد، كما أنه سبب مباشر لارتفاع معدلات زيارات قسم الطوارئ المتعلقة بالصحة العقلية.
لكن هل يمكن لتغير المناخ والطقس أن يؤثر على الصحة النفسية لأشخاص أكثر من غيرهم؟
الجواب هو نعم، إذ تشير إحصاءات عالمية إلى أن المصابين بأمراض عقلية كامنة، أو لديهم مشكلات إدمان معينة يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للوفاة بسبب زيادة درجات الحرارة او الرطوبة.
تقرير منظمة الصحة العالمية يشير أيضا إلى أن نحو 35 في المائة من المشردين في العالم ممن يعانون حالات عقلية حادة أو أمراض مزمنة معرضون أكثر من غيرهم للآثار الضارة لتغير المناخ .
عالميا، تتزايد الضائقة المتعلقة بتغير المناخ بين فئة الشباب، إذ نشرت المنظمة دراسة استقصائية لعشر دول أشارت إلى أن 84 في المائة من الشباب ما بين سن السادسة عشر والخامسة والعشرين كانوا يشعرون بقلق معتدل من تغير المناخ ، كما أن نصفهم تقريبا أثر تغير المناخ على حياتهم اليومية والمهنية.
وأضافت نتائج هذه الدراسة إن تغير المناخ يؤثر على نمو الأطفال إذ يؤدي التعرض للأحداث المناخية القاسية كالاعاصير والجفاف والفيضاانات أثناء الحمل لزيادة خطر إصابة الطفل بأمراض نفسية أو عقلية مختلفة.