التقطت المركبة المتجولة “بيرسيفيرانس” التابعة لوكالة الفضاء الأميركية ناسا صورا أخاذة لمشهد الكسوف من على سطح المريخ، بينما كان أحد قمريه “فوبوس” ذو الشكل غير المنتظم يمر أمام الشمس الواقعة على بُعد 228 مليون كيلومتر تقريبا.
ولا يعد كسوف الشمس ظاهرة حصرية لكوكب الأرض، إذ تتمتع جميع الكواكب التي تمتلك أقمارا بهذه الظاهرة الفلكية، فعلى سبيل المثال، يحدث الكسوف في سماء كوكبي المشتري وزحل أكثر تواترا من غيرهما من الكواكب، نظرا لتفوقهما بعدد الأقمار التي تدور حولهما، والتي يتجاوز مجموعها 240 قمرا مكتشفا حتى اللحظة.
أما في سماء المريخ، فالكسوف مميز بعض الشيء ويختلف عن نظيره في الأرض، هذا لأن قمريه الصغيرين، فوبوس وديموس، يمتلكان أشكالا غير منتظمة وليست دائرية على خلاف الحال بالنسبة إلى قمر الأرض الذي يمتلك كتلة كافية لكي يكون كرويا. ولغرض المقارنة، فإن قطر فوبوس يبلغ 22 كيلومترا، ويبلغ قطر ديموس 15 كيلومترا، في حين يبلغ قطر قمر الأرض 3474 كيلومترا.
حبّة بطاطس في جوف السماء!
ومن خلال الصور الملتقطة والمثيرة، يتضح شكل فوبوس الذي يشبه حبة البطاطس عند مروره أمام قرص الشمس المشع، كما يمكن رؤية ظلّ القمر على سطح المريخ عبر الأقمار الصناعية التي ستلتقط شيئا مشابها تقريبا لما نراه في الصور المرفقة، لكن على أبعاد ومساحات أكبر.
وما يميز فوبوس كذلك قربه من المريخ، فهو يدور على مسافة 6 آلاف كيلومتر فقط من سطح الكوكب، وهو أحد أقرب الأقمار إلى الكوكب الحاضن في المجموعة الشمسية، ولغرض المقارنة، يقع القمر على متوسط مسافة 384 ألف كيلومتر من الأرض. وبسبب قرب فوبوس من المريخ، فإنه يدور بسرعات هائلة، بحيث يتم 3 دورات كاملة في اليوم المريخي الواحد.
كما أن سلسلة صور الكسوف التي التقطها بيرسيفيرانس ليست الأولى من نوعها، فقد وثقت مركبات ناسا السابقة التي كانت في مهمة استكشاف المريخ، بما في ذلك “سبيريت” و”أوبورتيونيتي” و”كيريوسيتي”، عبور فوبوس للشمس في نقاط مختلفة من سماء الكوكب.
وكانت المركبة المتجولة كيوريوسيتي قد التقطت أول مقطع فيديو لمثل هذا العبور عام 2019، وفي مقطع سابق كذلك وثق المتجول نفسه الكوكبي بيرسيفيرانس مشهدا كاملا لكسوف فوبوس نشرته وكالة الفضاء عبر منصة يوتيوب.
ولطالما أثار الشكل غير المنتظم لفوبوس ومداره الدائري شبه المثالي اهتمام العلماء ودفعهم للتساؤل حول أصله ونشأته، ويتأرجح العلماء بين فرضيتين أساسيتين: الأولى تفترض أن فوبوس ربما كان كويكبا سائرا في الفضاء قبل أن يقع في شباك جاذبية المريخ، أو أنه قد كان جزءا من المريخ نفسه، وانفصل عنه خلال حدث كبير وقع في مرحلة ما من التاريخ السحيق للنظام الشمسي، تاركا خلفه هذا القمر الفريد، كما يتوقع العلماء أن يصطدم فوبوس بسطح المريخ أو يتفكك ليصبح حلقة حول الكوكب بفعل ديناميكية الجاذبية المؤثرة عليه في غضون 30 إلى 50 مليون سنة.