تمكن فلكيون من وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” من بناء محاكاة يمكنها التنبؤ بما يمكن لك أن تراه إذا قُدر ووقعت في ثقب أسود يزن 4.3 ملايين مرة كتلة الشمس، وهو ما يساوي كتلة الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا درب التبانة.
أفق الحدث
وللتوصل إلى تلك النتائج، استخدم الباحثون الحاسوب العملاق “ديسكفر” في مركز ناسا لمحاكاة المناخ، في محاولة لنقل الرياضيات الخاصة بنظرية ألبرت أينشتاين “النسبية” من المعادلات إلى العالم الواقعي.
أنتج هذا المشروع نحو 10 تيرابايتات من البيانات، واستغرق نحو 5 أيام من العمل على حاسوب “ديسكفر”. ولفهم قدر ثقل المعالجة، فإن نفس العمل سيستغرق أكثر من عقد من الزمن على جهاز حاسوب محمول عادي.
وبعد إنتاج المحاكاة، حولها فلكيو ناسا لفيديو ثلاثي الأبعاد في نطاق 360 درجة، وشاركوه على منصة يوتيوب، ويمكن لك أن تشاهده بشكل أفضل في نظارة واقع افتراضي، أو حتى بالمشاهدة العادية، لكن تذكر أن تتجول في جوانب الفيديو عبر زر الفأرة:
وخلال المحاكاة، يضع الفلكيون كاميرا موضع رائد الفضاء الساقط في ثقب أسود من مسافة 640 مليون كيلومتر، ومع الوقت يقترب رائد الفضاء (الذي هو أنت في هذه الحالة) من الثقب الأسود، ثم يدور حوله دورتين، ثم يسقط فيه بعد أن يمر من أفق الحدث.
ويعني اصطلاح “أفق الحدث” أبعد نقطة عن مركز الثقب الأسود، ولو مر أحدهم منها فإنه لا توجد أي طريقة في الكون لسحبه خارج الثقب الأسود مرة أخرى، فيكون مصيره الحتمي السقوط لمركز الثقب الأسود.
مصير الساقط في ثقب أسود
وبحسب النظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، فإن نسيج الزمكان الكوني يتشوه بشكل كبير داخل الثقب الأسود لدرجة أن كلا من الزمان والمكان يتبادلان الأدوار، فيصبح الكون كله بعد مرورك من أفق الحدث لحظةً في الماضي، ومركزُ الثقب الأسود لحظةً في المستقبل.
خارج الثقب الأسود يمكن لنا أن نسافر في كل الاتجاهات، من اليسار إلى اليمين ومن الأمام إلى الخلف، وأن نصعد إلى الأعلى وننزل إلى الأسفل، لكن بالنسبة للزمن فهناك دائما اتجاه واحد فقط وهو إلى الأمام؛ أي المستقبل، ولا يمكنك تعديل هذا الطريق بأي شكل.
إلا أنه بمجرد دخولك أفق الحدث لا يعود بمقدورك أن تتجه إلى أي مكان إلا مركز الثقب الأسود، فكل شيء يذهب فقط للمركز ولا يمكن أن يفلت من ذلك الاتجاه، وكلما حاولت أن تعكس اتجاهك وتجري بسرعة في اتجاه آخر، فإن كل ما تفعله ليس إلا تقريب نفسك من مركز الثقب الأسود بسرعة أكبر.
ويعتقد بعض العلماء أنه بعد السقوط في ثقب أسود سيدخل الإنسان في حلقات زمنية منغلقة، أي أنه سيسافر في الزمن من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل ثم إلى الماضي نفسه بلا توقف، وحتى يصل إلى مركز الثقب الأسود.
ويَفترض العلماء وجود ما يسمى بالمفردة في مركز الثقب الأسود، وهي نقطة غير ذات حجم، لكنها تحمل كل كتلة الثقب الأسود. ولا يعرف العلماء بعد ماهية تلك النقطة أو ما الذي تفعله.