أعلن فريق من الجيولوجيين وعلماء الكواكب أنّ النشاط البركاني على سطح قمر “آيو” قديمٌ قِدم نشأة المجموعة الشمسية، وذلك بعد دراستهم لنظائر الكبريت الموجودة في الغلاف الجوّي للقمر.
و”آيو” هو أحد الأقمار الصخرية التابعة لكوكب المشتري الذي يطوقه 95 قمرا، وهو العدد المرصود رسميا. ويتميّز “آيو”عن بقية الأقمار بأعداد البراكين النشطة التي يصل عددها إلى نحو 400 بركان، ويُعزى سبب النشاط البركاني الزائد إلى تأثير الجاذبية الناتجة من كوكب المشتري نفسه، بالإضافة إلى جاذبية القمرين “غانيميد” و”أوروبا” المؤثرة فيه، فتتولد قوى جذب شتّى ومستمرة على “آيو” مما يتسبب بتشكيل ضغط تحت سطحه، وبالتالي يُفرِّغ القمر هذا الضغط الناتج عن طريق الانفجارات البركانية.
وأدّى الاندلاع البركاني الكثيف إلى تدفق مستمر للحمم البركانية على سطح القمر، مما يدفع بتغيرات مستمرة في جغرافيته وتضاريسه، وهي معضلة تقف حجر عثرة أمام العلماء لقراءة تاريخ القمر السحيق.
وتشير المراصد الفلكية إلى أنّ قمر “آيو” هو أكثر الأجرام السماوية نشاطا بركانيا في المجموعة الشمسية، إلا أنّ جميع الدراسات السابقة لم تستطع الكشف عن عمر هذا النشاط ولأيّ حقبة زمنية يعود.
فكان على القائمين على الدراسة الحديثة من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وجامعة كاليفورنيا سانتا كروز وجامعة نيويورك ومركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”؛ تحليل الغازات الموجودة في الغلاف الجوّي لقمر آيو عن طريق “مصفوف مرصد أتاكاما المليمتري الكبير”، وهو عبارة عن هوائيات ضخمة لرصد الأشعة الراديوية في الكون.
وركّزت البيانات المستخلصة على الجزيئات التي تحتوي على الكلور والنظائر المشعة المستقرة للكبريت، ووجدوا أنّ كليهما كان يتواجد بشكل أكبر في الغلاف الجوّي لـ”آيو” مقارنة بالأغلفة الجوية للكواكب والأقمار الأخرى في النظام الشمسي. وكشفت البيانات أنّ ما بين 94 و96% من نظائر الكبريت التي تصل إلى الغلاف الجوي بسبب الانفجارات البركانية تتسرّب إلى الفضاء الخارجي.
وأشارت الأدلة المستقاة إلى أنّ النشاط البركاني المستمر ظلّ على هذه الحال منذ نشأة المجموعة الشمسية تقريبا، والتي يُقدّر عمرها بنحو 4.5 مليارات سنة.
ويخطط الفريق البحثي مواصلة التنقيب والبحث في تاريخ قمر “آيو” وإذا ما كان قد مرّ بفترة سابقة أكثر استقرارا وبرودة قبل أن يقضي عليها النشاط البركاني المدمّر ويتحوّل إلى شكله الحالي.