في وثيقة صدرت مؤخرا عن البنتاغون تشمل تحقيقات لحوادث سُجّلت عن “أجسام طائرة مجهولة” في سماء الولايات المتحدة من عام 1945 حتى مارس/آذار 2024، تذكر فيها أنّ وزارة الدفاع الأميركية لم تتعرّض قط لأي شيء يتعلق بكائنات أو مركبات فضائية، وفي ذلك نفي لبعض المزاعم التي طالتها.
وخلصت نتائج الوثيقة إلى أن جلّ البلاغات كانت تتعلّق بظواهر عادية وطبيعية وما من شيء مريب، وهذه النتائج تتوافق مع التحقيقات التي عملت عليها جهات رسمية أخرى، وفقا للتقرير.
وبلغ عدد الحوادث التي أُبلغ عنها منذ أربعينيات القرن الماضي نحو 12 ألف حادثة فيما يتعلّق بمشاهدة أجسام طائرة مجهولة في أميركا وحدها. وعلى أثرها أطلقت وزارة الدفاع الأميركية تحقيقات شاملة هي الأولى من نوعها لدراسة جميع تلك البلاغات، واستخلصت نتائجها في وثيقة بلغ عدد صفحاتها 63 صفحة ناقشت فيها جميع الادعاءات المتعلّقة بتواصلها مع كائنات فضائية أو إخفائها لتكنولوجيا فضائية سريّة.
كما فسّرت وزارة الدفاع رؤية تلك الأجسام الطائرة المجهولة على أنّها أجسام طبيعية قد تتعلّق بطائرات عسكرية غير معلن عنها للعامة، أو أنها طائرات من دون طيّار.
هل تخفي الحكومة شيئا؟
وفقا لمركز بيو للأبحاث، فأكثر من نصف الشعب الأميركي يؤمن بأنّ الفضائيين زاروا بلادهم مرّة واحدة على الأقل، وأنّ هذه البلاغات ليست إلا دليلا على وجود حياة ذكية خارج الأرض. وعزز وجود هذا الاعتقاد نظريات المؤامرة التي لقيت رواجا كبيرا بين الأوساط الشعبية.
وهذا ما ذكره التقرير أنّ انتشار البرامج التلفزيونية والكتب والأفلام والكم الهائل من محتوى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تصب جلّ تركيزها على موضوعات تتعلّق بالكائنات الفضائية، أثر بشكل كبير في رأي العامة عن هذا الموضوع.
إلا أنّ شيئا ما غير متوقع حدث العام المنصرم، حينما قدّم ضابط متقاعد في المخابرات يُدعى ديفد غروش شهادته إلى الكونغرس بأنّ الحكومة الأميركية تمتلك أجساما غريبة وأجساما طائرة مجهولة وتبقيها في منشأة سريّة. وكان في جلسة الاستماع اثنان من العساكر القدامى أشارا أيضا بأصابع الاتهام إلى الحكومة بإخفائها معلومات خطيرة عن الكونغرس وعامة الشعب.
وقال غروش خلال إدلاء شهادته: إنّ شهادتي مبنية على معلومات وأدلّة دامغة قدمها لي أفراد موثوقون ولديهم شرعية كبيرة، وقد خدموا البلاد لوقت طويل.
وبعد انتهاء جلسة الاستماع، ذكر أحد أعضاء الكونغرس بأنّ الأمر لا يتعلق بوجود كائنات فضائية أو أجسام طائرة مجهولة، بل إنّه يتعلق بالمبادئ التي ترتكز عليها الدولة وهي الالتزام بالشفافية وحق المساءلة.
وكان لهذه الحادثة وقعها الخاص بضغط إعلامي وجماهيري شكّل ضغطا كبيرا على البنتاغون للتعقيب على ما ذُكِر، وأن يكون أكثر شفافية في الأمور المتعلقة بالأجسام الطائرة المجهولة.
خطأ في التقدير
يعتقد كثير من الخبراء أنّ الوثيقة الأخيرة التي صدرت من وزارة الدفاع لم تكن إلا ردا على ما جرى العام الماضي، وكان بالفعل قد تشكّل مكتب رسمي في عام 2022 لمراجعة أيّ بلاغ يتعلّق بالأجسام الطائرة يُطلق عليه “مكتب حل المسائل الشاذة في جميع المجالات”.
وذكر المكتب في وثقيته أنه يُقدم تقاريره وإحاطاته بانتظام إلى الكونغرس لإبقائهم على اطلاع مباشر بالنتائج، وهذا تماشيا مع توجيهات الكونغرس الأخيرة.
ويشير المكتب أيضا إلى أنّ ضباط المخابرات -في الغالب- يحصلون على معلومات محدودة بما يتناسق مع نطاق عملهم، وذلك للحفاظ على سريّة البرامج العسكرية. وهذا ما يفسّر خطأ تقدير بعض الضباط في تفسير أو التعرّف على طائرة مجهولة أو أي تكنولوجيا أخرى، وإن كانوا ينتمون إلى السلك العسكري.
ويردف المكتب معللا بأنّ أغلب البلاغات الصادرة حدثت في الخمسينيات والستينيات، وفي تلك الفترة على وجه التحديد شهدت الولايات المتحدة طفرة في إجراء تجارب مكثفة على التقنيات الحربية خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي. ومن ذلك طائرات الشبح “إف 117 نايت هوك” وطائرة “دراغون لايدي” وغيرها من الطائرات التي لم تكن مألوفة بعد، والتي غالبا ما كان يخطئ فيها العسكريون في التعرّف عليها، وربّما نسبوها إلى أجسام طائرة مجهولة.