أجهزة تعمل في درجات الحمم البركانية.. كيف يمكن تصنيعها؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

إذا كان لديك قلق عميق ومزعج بشأن سقوط هاتفك في نيران الموقد، فقد لا يكون لقلقك مبررا في المستقبل، إذا اقتنيت جهازا أُعد بواسطة فئة جديدة من المواد السيراميكية التي يمكن أن تعمل في درجات حرارة تعادل الحمم البركانية.

فقد نجح فريق بحثي من جامعة ديوك الأميركية في تطوير طريقة تتيح اكتشاف هذه المواد بسرعة، ووصفوا في دراسة نشرتها دورية “نيتشر” خصائصها وتطبيقاتها المختلفة، إذ وجدوا أنها أكثر صلابة من الفولاذ، ومستقرة في البيئات المسببة للتآكل كيميائيا، وبالتالي يمكن أن تشكل -بالإضافة لاستخدامها في بناء الأجهزة- أساسا لطلاءات جديدة مقاومة للتآكل، وكذلك في صنع البطاريات.

واكتشف الباحثون هذه المواد باستخدام طريقة حاسوبية متطورة ساعدتهم على التنبؤ بكيفية صنع ما يقرب من 900 مادة جديدة فائقة القوة، واختبروا 17 منها في المختبرات، وأثبتت نجاحا كبيرا.

ويقول بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ديوك، إن “هذه المواد السيراميكية الجديدة المقاومة للحرارة والعزل الكهربائي، تأتي من خلط مكونات خاصة باستخدام عملية تسمى التلبيد بالضغط الساخن، وهي عملية تشبه إلى حد ما الطهي، حيث يتم تسخين المكونات في فراغ عند درجات حرارة عالية للغاية”.

ويوضح البيان أن “السيراميك النهائي الناتج يكون مثل المعدن إلى حد ما، لكنه في الواقع فائق الصلابة بما يؤهله للاستخدام في الكثير من التطبيقات، بما فيها الأجهزة الإلكترونية”.

كيف اكتشفها الباحثون؟

ويشرح الباحثون في الدراسة طريقتهم لإعداد المواد الجديدة، والتي من المتوقع أن تُحدث ثورة في “تصنيع الأجهزة”، ويمكن تلخيصها في الخطوات التالية:

  • أولا: استخدام الطريقة الحسابية “دي إي إي دي”: وهي أداة تحسب بسرعة خصائص مئات الآلاف من مجموعات المواد المحتملة دون الحاجة إلى إنشاء كل منها فعليا، ويتم ذلك بالتركيز على ما يعرف بالمحتوى الحراري (الإنثالبي) والقصور الحراري (الإنتروبيا)، لذلك فإن مسمى تلك الطريقة بعيدا عن الأحرف المختصرة هو “واصف المحتوى الحراري والإنتروبي المضطرب”، حيث يقيس المحتوى الحراري قوة و متانة تصميم المادة، في حين تمثل “الإنتروبيا” عدد التصاميم المحتملة ذات القوة المماثلة.
  • ثانيا: اكتشاف المواد: باستخدام الطريقة الحسابية “دي إي إي دي” توقع فريق البحث 900 تركيبة مادة جديدة، ومن هذه التوقعات نجحوا في إنتاج واختبار 17 مادة جديدة في المختبرات.
  • ثالثا: العملية التجريبية: وتسمى الطريقة المستخدمة لإنشاء هذه المواد بالتلبيد بالضغط الساخن، وهي تنطوي على تسخين مركبات مسحوق المواد في فراغ عند درجات حرارة تصل إلى 4000 درجة فهرنهايت مع الضغط لعدة ساعات، وتستغرق هذه العملية، بما في ذلك التحضير والتفاعل والتبريد أكثر من 8 ساعات.
  • رابعا: خصائص المواد: يبدو أن السيراميك الناتج معدني أو رمادي داكن أو أسود المظهر، ويشبه السبائك المعدنية مثل الفولاذ المقاوم للصدأ.
Abstract Futuristic infographic with Visual data complexity , represent Big data concept, node base programming

أسئلة وجدت إجاباتها وأخرى تنتظر

وتثير تلك الطريقة التي وصفها الباحثون في دراستهم مجموعة من الأسئلة التي يفصلها أستاذ فيزياء المواد بجامعة إلمنيا المصرية الدكتور خالد هلالي في حديث هاتفي مع “الجزيرة نت”، وهي:

  • التطبيقات العملية: فإذا كان الباحثون قد نجحوا في مختبرات الأبحاث، فكيف يمكن للصناعات أو الشركات المصنعة الحالية دمج هذه المواد في منتجاتها أو عملياتها، وهل هناك صناعات معينة مستعدة لاعتماد هذا السيراميك في وقت أقرب من غيرها؟
  • المتانة والموثوقية على المدى الطويل: فعلى الرغم من أن المواد صُممت لتحمل درجات حرارة قصوى، فإنه لا بد من اختبار متانتها وموثوقيتها على المدى الطويل، فهل هناك توجه لدى الباحثين لاختبار طويل الأمد لها في تطبيقات العالم الحقيقي أو البيئات القاسية؟
  • التكلفة: ما هي الآثار المترتبة على تكلفة تصنيع هذه المواد لاعتمادها على مستويات عالية من الطاقة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على اعتمادها على نطاق واسع، وهل هناك جهود جارية لتحسين طرق الإنتاج لجعل هذا السيراميك أكثر فعالية من حيث التكلفة؟
  • الاختبار والتحقق من الصحة: ففي حين تم إنتاج واختبار 17 تركيبة من أصل 900 بنجاح، فما هي الخصائص المحددة التي جعلت هذه الـ17 تركيبة متميزة، وما هي المعايير التي استُخدمت لاختيار هذه التركيبات للإنتاج والاختبار المختبري؟

ويحمل البيان الصحفي الذي أصدرته جامعة ديوك الأميركية إجابة على السؤال الأول، في حين يؤكد هلالي أن الأسئلة الثلاثة الأخرى تحتاج لدراسات لاحقة.

ويقول الأستاذ بجامعة ديوك والباحث الرئيسي بالدراسة ستيفانو كورتارولو: إنهم “يعتقدون أن المصانع الحالية يمكنها تعديل ما تفعله لصنع السيراميك فائق الصلابة بالطريقة التي وصفوها بالدراسة”.

ويضيف أن “طريقتنا تتيح الاكتشاف السريع للتركيبات القابلة للتوليف، بما يسمح بالتركيز على تحسين الخصائص التي تعطل الصناعة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *