أتمتة المختبرات.. حيث النتائج أدق والإنتاجية أسرع وأكثر

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

منذ إتاحة أول الأجهزة المخبرية الآلية في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، تقدمت أتمتة المختبرات بشكل متسارع، لتستخدم العديد من هذه المختبرات الآن أنظمة مؤتمتة لتحسين الإنتاجية والكفاءة وزيادة جودة البيانات.

لقد مر أكثر من 70 عاما على اختراع ليونارد سكيغز لمحلل التدفق المستمر أحادي القناة عام 1957، وهو أول جهاز مخبري آلي مصمم لتحسين كفاءة اختبار العينات.

وكان الدافع وراء هذا الاختراع عبء العمل المتزايد في مختبر كبير، حيث كان التحليل اليدوي يستغرق وقتا طويلا مع وجود عدد كبير من العينات في المختبر. ويستطيع جهاز ليونارد سكيغز فحص نيتروجين اليوريا في الدم بمعدل 20 عينة في الساعة.

وفي عام 1973 ظهر في السوق جهاز محوسب، وهو المحلل المتسلسل المتعدد المزود بالحاسوب “سماك” والذي كان يمكنه توفير 21 تحليلا كيميائيا مختلفا، ويمكنه كذلك إجراء 20 تحليلا على كل عينة كل 20 ثانية.

وبحلول عام 1981، كانت التقنيات كافية لتمكين مستشفى جامعي ياباني من إنشاء أول نظام مختبري مؤتمت بالكامل.

استمر هذا التطور مع اختراع تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل “بي سي آر” في عام 1983 على يد كاري موليس، يليه تطوير تفاعل البوليميراز المتسلسل الكمي “كيو بي سي آر” بحلول 1993. و شهد عام 2013 تطورا جديدا مع تطوير أجهزة “بي سي آر” محمولة يمكن استخدامها ميدانيا خارج المختبر.

وبالمقارنة مع عام 1967 حيث كان مختبر المستشفى يستطيع معالجة 1500 اختبار يوميا باستخدام الأنظمة الآلية، توجد الآن مختبرات تعالج 30 ألف أنبوب يوميا باستخدام الأتمتة والروبوتات المتطورة. وعلى الرغم من أن جميع المختبرات لا تملك 60 مليون دولار لتوفير هذا النوع من الأنظمة، فإن هناك أنظمة مؤتمتة أقل كلفة خاصة للمختبرات التي لا تحتاج إلى معالجة هذه العدد الضخم من العينات يوميا.

أنماط العمل في المختبرات

تتضمن طرق العمل في المختبرات ثلاثة أنماط: العمل اليدوي، والعمل شبه الآلي، والعمل المؤتمت كاملا (أوتوماتيك).

ويجري اختيار طريقة العمل على حسب كثافة العينات والإنتاجية المطلوبة، فمع معدل العمل المنخفض يمكن استعمال الطريقة اليدوية التي تُستخدم فيها أدوات يدوية مثل الماصات الدقيقة، ومع معدل العمل المرتفع تزداد الحاجة إلى أنظمة آلية بالكامل مثل روبوتات معالجة السوائل التي تعمل بالحاسوب. وتتيح أنظمة معالجة السوائل شبه الآلية والمؤتمتة بالكامل إنتاجية عالية ودقة أكبر ووقتا ضائعا أقل خاصة مع تكرار المهام.

وفي نظام الأتمتة تُستخدم الآلات لأداء المهام المعملية مثل سحب العينات، وإضافة ونقل الكواشف، وعملية المزج، وتخزين العينات، وكل هذا باستخدام برمجة حاسوبية، ويتميز هذا النظام بالقليل جدا من العمل اليدوي.

وعادة تدمج الأنظمة المؤتمتة بالكامل بين التقنيات المستخدمة في الآليات ذات المهمة الواحدة مثل المضخات والهزازات وقارئات الأطباق وأجهزة الطرد المركزي وأجهزة التدوير الحراري.

وبالمقارنة بالعمل اليدوي في الاختبارات والأبحاث التي تتطلب إنتاجية عالية، فإن فوائد الأتمتة تشمل: زيادة الكفاءة، وزيادة السرعة، وإمكانية تكرار النتائج بشكل أفضل، وانخفاض معدلات الخطأ، وتقليل عدد الموظفين.

ويمكن إجراء مقارنة مثلا بين سحب العينة اليدوي والسحب التلقائي في النظام المؤتمت، حيث تكون عملية سحب العينة اليدوية باستخدام الماصة بطيئة وعرضة للخطأ، بينما تكون عملية سحب العينة التلقائية في النظام المؤتمت سريعة وفعالة. لكن الأخطاء تظل ممكنة في النظام الآلي لأنه يتعين على الإنسان معايرة الآلات.

كما يعيب على نظام الأتمتة ارتفاع أسعار الآلات بشكل كبير، ويعوض ذلك وجود عائد سريع على الاستثمار بسبب زيادة الإنتاجية وانخفاض عدد الموظفين المستخدمين في المختبر.

(انظر الفيديو: معمل مؤتمت بالكامل من تصنيع إحدى الشركات العالمية)

تطبيقات الأتمتة

تشمل التطبيقات الحالية للأتمتة أبحاث السرطان، وتحاليل وأبحاث الدم والحمض النووي، والتنميط الظاهري للنبات، والتربية الجزيئية للنباتات، وعدّ المستعمرات والخلايا، واكتشاف الأدوية، وتطوير الأدوية، وغير ذلك من التطبيقات.

وفيما يلي تقنيات مختلفة أصبح الباحثون يستخدمونها بشكل مؤتمت:

  • المقايسات المناعية:

بعكس طريقة عمل المقايسة المناعية التقليدية (إليسا إس)، تعمل أتمتة المختبرات على تسهيل سير عمل المقايسات المناعية بشكل أسرع وأكثر قابلية للتكرار.

  • الموائع الدقيقة:

على عكس الروبوتات التي تتعامل مع السوائل، تسمح أجهزة الموائع الدقيقة للباحثين بالتحكم في السوائل على نطاق مجهري، ويستخدم الباحثون أجهزة الموائع الدقيقة لأتمتة بروتوكولات البيولوجيا التركيبية وطرق زراعة الخلايا.

  • الفحص عالي الإنتاجية:

يعد الفحص عالي الإنتاجية (إتش تي إس) أحد أحدث التقنيات المستخدمة في تصميم الأدوية، ويمكن تطبيقه في العلوم البيولوجية والكيميائية. وتتيح هذه الطريقة -بسبب استخدام الروبوتات وأجهزة الكشف والبرمجيات التي تنظم العملية برمتها- إجراء سلسلة من التحليلات للمركبات الكيميائية في وقت قصير.  ومنذ عام 2008 جرى أتمتة هذه التقنية، ونتيجة لذلك يمكن فحص 100 ألف مركب يوميا.

  • المختبرات السحابية القابلة للتحكم عن بعد:

المختبر السحابي هو منشأة مركزية مؤتمتة بشكل كبير، حيث يمكن للباحثين إجراء التجارب من خلال التحكم في المعدات الآلية عن بعد، ويوجد حاليا مختبران سحابيان في الولايات المتحدة.

وتعتبر الأتمتة مفيدة جدا ولها الكثير من التطبيقات العملية في العلوم عالية الإنتاجية، وتسمح بزيادة كفاءة التجارب وإمكانية تكرار نتائجها. لذا أصبح استخدام الأتمتة جانبا مهما في تطوير الدراسات عالية الإنتاجية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *