قالت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة في حكمها بشأن قضية لاعب فرنسا السابق لاسانا ديارا إن بعض لوائح انتقالات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي مشيرة إلى مبادئ حرية الانتقال التي يطبقها التكتل.
وقد يفتح هذا الحكم الباب أمام اللاعبين للعثور على ناد جديد بسهولة أكبر بعد فسخ عقودهم.
ويشكل هذا الحكم ضربة موجعة للفيفا ويعني أن المنظمة التي تتخذ من سويسرا مقرا لها ربما تضطر إلى تعديل قواعد انتقال اللاعبين.
وقالت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي ومقرها لوكسمبورغ إن “اللوائح المذكورة تعرقل حرية حركة لاعبي كرة القدم المحترفين الراغبين في خوض تحديات جديدة من خلال الانتقال للدفاع عن ألوان فريق جديد”.
وأضافت “هذه القواعد تفرض مخاطر قانونية كبيرة ومخاطر مالية غير متوقعة ومخاطر رياضية هائلة على هؤلاء اللاعبين والأندية التي ترغب في الحصول على خدماتهم”.
وتنص لوائح (الفيفا) بشأن انتقالات اللاعبين على أن اللاعب الذي ينهي عقده قبل انتهاء مدته “دون سبب وجيه” يكون ملزما بدفع تعويض لناديه كما يكون النادي الجديد هو الآخر مسؤولا مع اللاعب عن دفع التعويض لناديه السابق.
ووصلت القضية لمحكمة العدل الأوروبية بعد أن طعن ديارا (39 عاما) في اللوائح التي تنظم العلاقة التعاقدية بين اللاعبين والأندية.
وكانت محكمة بلجيكية تنظر بقضية ديارا قد طلبت مشورة محكمة العدل الأوروبية.
وأضافت محكمة العدل الأوروبية أن قواعد مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي تنطبق أيضا على الفيفا، مما يعني أن الاتحاد الدولي لا يمكنه تقييد المنافسة الحرة بقواعده الخاصة بالانتقالات إلا إذا تمكن من إثبات أن هذا لا غنى عنه وضروري لحماية السوق، وهو ما قالت المحكمة إنه على الأرجح ليس كذلك.
وفي عام 2014، غادر ديارا نادي لوكوموتيف موسكو بعد عام واحد من بداية عقده الممتد 4 سنوات، ورفع النادي القضية أمام غرفة فض المنازعات التابعة للفيفا قائلا إن اللاعب انتهك القواعد حين قرر الرحيل دون سبب وجيه، وعادل في أعقاب خفض راتبه.
وتلقى ديارا عرضا للانضمام إلى نادي شارلروا البلجيكي لكن النادي تراجع بعد أن رفض الفيفا التصديق على بطاقة الانتقال الدولية، مما منع اللاعب من التسجيل في الاتحاد البلجيكي.
وبحسب حكم محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن رفض التصديق على بطاقة الانتقال الدولية يخالف القانون أيضا.
وفي 2015، أمر الاتحاد الدولي ديارا بدفع 10 ملايين يورو (11.05 مليون دولار) تعويضات إلى لوكوموتيف، مما دفع لاعب تشيلسي وأرسنال وريال مدريد السابق إلى مقاضاة الفيفا والاتحاد البلجيكي لكرة القدم للمطالبة بالتعويضات أمام محكمة محلية.
وقد يؤدي حكم محكمة العدل الأوروبية أيضا إلى دفع لاعبين آخرين متأثرين بلوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم مثل ديارا إلى السعي للحصول على تعويضات.
وقال محاميا ديارا جان-لوي دوبون ومارتن هيسل في بيان “لقد تأثر جميع اللاعبين المحترفين بهذه القواعد غير القانونية (المطبقة منذ عام 2001!) وبالتالي يمكنهم الآن المطالبة بتعويضات.
“نحن مقتنعون بأن هذا “الثمن الذي يتعين دفعه” لانتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي سوف يجبر الفيفا في النهاية على الخضوع لسيادة قانون الاتحاد الأوروبي وتسريع وتيرة تحديث اللوائح”.
حصانة الفيفا انتهت
وأضاف دوبون محامي ديارا أن نظام الانتقالات برمته سيتغير بعد هذا الحكم.
وقال لرويترز “حصانة الفيفا انتهت وسيتم التأريخ لفترة ما قبل حكم محكمة العدل الأوروبية وما بعدها”.
وقال الفيفا اليوم الجمعة إنه “راض عن إعادة تأكيد شرعية المبادئ الأساسية لنظام الانتقالات في حكم اليوم. ويثير الحكم تساؤلات فقط بشأن فقرتين من مادتين من لوائح الفيفا الخاصة بوضع وانتقال اللاعبين، والتي دُعيت المحكمة الوطنية الآن إلى النظر فيها”.
وأضاف الاتحاد الدولي أنه “سيقوم بتحليل القرار بالتنسيق مع أصحاب المصلحة الآخرين قبل التعليق بشكل أكبر”.
وقال الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين “نيابة عن لاعبي كرة القدم المحترفين في جميع أنحاء العالم، يرحب الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم بهذه النتائج التي توصلت إليها محكمة العدل الأوروبية. ولقد أصدرت محكمة العدل الأوروبية للتو حكما مهما بشأن تنظيم سوق العمل… والذي من شأنه أن يغير المشهد في عالم كرة القدم الاحترافية”.
وعبر ديفيد تيرييه -مدير الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين في أوروبا- عن سعادته من أجل ديارا لكنه شدد على أنه ليس الضحية الوحيدة.
وقال “الحقيقة هي أننا سنرى كيف يمكن إصلاح الأضرار التي لحقت بجميع اللاعبين الذين كانوا ضحايا لنظام (الانتقالات التابع للفيفا)”.
خفض رسوم الانتقالات
وقال إيان غايلز، رئيس قسم مكافحة الاحتكار والمنافسة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشركة المحاماة العالمية “نورتون روز فولبرايت”، إن الحكم قد يؤدي إلى خفض رسوم الانتقالات. وأضاف غايلز “من الممكن تماما أن يعني هذا أن اللاعبين سيشعرون الآن أنهم قادرون على فسخ العقود والتوقيع مع أندية جديدة، دون أن يتمكن النادي البائع من الاحتفاظ بهم أو المطالبة برسوم انتقال كبيرة”.
ووضح “لكن مع مرور الوقت، لا بد أن تستقر الأمور للسماح للأندية بالبقاء على قيد الحياة اقتصاديا. وربما تكون الأندية الصغيرة التي تعتمد على رسوم الانتقالات في مقابل المواهب التي طورتها هي الخاسرة في هذا السياق.
وتابع “وفيما يتعلق بحرية الحركة، تعترف محكمة العدل الأوروبية بأنه قد يكون هناك مبرر لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة للحفاظ على استقرار الفرق، لكنها تعتبر أن القواعد الحالية تتجاوز ما هو ضروري”.
ولم يتسن الوصول إلى رابطة الأندية الأوروبية، التي تمثل أكثر من 700 نادٍ، على الفور للتعليق.