التحكيم المصري.. تألق أفريقي وإخفاق محلي وهذه الأسباب؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

رغم تألق معظم الحكام المصريين في البطولات القارية وآخرها كأس أمم أفريقيا لكرة القدم في ساحل العاج، فإن الانتقادات تنهال عليهم من كل صوب في المسابقات المحلية، حيث اشتكى عدد كبير من الأندية، على رأسها ناديا الأهلي والزمالك، من سوء أداء الحكام.

وشارك 3 حكام ساحة في كأس أمم أفريقيا العام الجاري في ساحل العاج وهم: أمين عمر ومحمد معروف ومحمد عادل (رقم قياسي)، وقدموا أداء متميزا في إدارة المباريات، ومنها المباراة الافتتاحية للبطولة التي أدارها أمين عمر بشكل متميز.

لكن حال التحكيم في مصر لا يسير على النهج الأفريقي، إذ تطالب عدد من الأندية لجنة الحكام باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة مع أطقم التحكيم وحكام تقنية الفيديو لعدم تكرار الأخطاء.

وكان آخر المعترضين نادي الزمالك الذي أصدر بيانا ضد ما وصفها “بالأخطاء التحكيمية الفادحة”.

 

“قانون الاحتواء”

وهذه ليست حالة الاعتراض الأولى ولن تكون الأخيرة، فمنذ سنوات ولا تمر جولة بالدوري إلا بوجود جدل تحكيمي، وصلت في بعض الأحيان إلى التشكيك في نزاهة الحكم بتعمده الخطأ لصالح فريق بعينه.

وأطاحت سلسلة من الأخطاء الكارثية بلجنة الحكام التي كان يتولى رئاستها عصام عبد الفتاح، الذي وُجهت إليه اتهامات بتوجيه الحكام لما عُرف بـ”قانون الاحتواء” للفرق الكبرى، على حد قوله هو شخصيا في تصريحات تلفزيونية، أي التغاضي عن بعض الأخطاء تفاديا لحدوث مشاكل في المباريات، خاصة مباراة قمة الكرة المصرية بين الأهلي والزمالك.

وأدى تراجع التحكيم المصري إلى الاستعانة بخبير أجنبي لأول مرة في تاريخ الكرة المصرية، بعدما أُجبر عبد الفتاح على الرحيل نتيجة الغضب المتصاعد من الجماهير والأندية وبعض الحكام المنبوذين رغم مستواهم الجيد.

وفي بداية موسم 2022-2023 تعاقد الاتحاد المصري مع الحكم الإنجليزي السابق مارك كلاتنبرغ ليدير التحكيم، لكنه تعرض لهجوم من نوع آخر، حيث قاد بعض الحكام السابقين والعاملين حملة ضده من خلف الكواليس، مستغلين فرصة وقوع بعض الأخطاء التي كانت تحدث ضعفها خلال توليهم المسؤولية لتأجيج وشحن الإعلام والأندية ضده.

كلاتنبرغ لم يتحمل الضغوط والاتهامات المتزايدة ورحل في نهاية شهر يناير عام 2023 وسط اهتمام عالمي باستقالته.

WEST BROMWICH, ENGLAND - APRIL 29: Referee, Mark Clattenburg reacts the Premier League match between West Bromwich Albion and Leicester City at The Hawthorns on April 29, 2017 in West Bromwich, England. (Photo by Shaun Botterill/Getty Images)

ونشرت العديد من الصحف الإنجليزية والعالمية، مثل ذا صن وميرور وديلي ميل، تفاصيل الخلاف بين كلاتنبرغ والاتحاد المصري، وأسباب رحيله المفاجئ.

وأشارت صحيفة ذي صن أن كلاتنبرغ لم يتلقَّ راتبه لمدة شهرين، وأن رحيله عن لجنة الحكام جاء للحفاظ على سلامته، بعد تلقيه تهديدات من بعض الجماهير، وكذلك تعرضه لهجوم من رئيس نادي الزمالك آنذاك، الذي انتقد أداءه في لجنة الحكام، واتهمه بـ”المثلية الجنسية”.

رحيل الحكم الإنجليزي، الذي أدار من قبل التحكيم السعودي، لم يثني الاتحاد المصري عن استقدام خبير أجنبي لتجنب تكرار الأخطاء الجسيمة التي خلفتها الإدارات المحلية السابقة، فتم التعاقد مع البرتغالي فيتور بيريرا، لإدارة لجنة الحكام، ومسؤولا للتطوير، حتى نهاية موسم 2023-2024 براتب ذكرت الصحافة المحلية أنه 20 ألف دولار.

بيريرا اصطدم بالأسماء نفسها التي فشلت من قبل، وتحاول العودة لإدارة التحكيم، حيث يديرون ضده حربا معلنة في وسائل الإعلام المختلفة، ويسّخرون معهم بعض الحكام العاملين الذين لم يحصلوا على ما يريدون من بيريرا وإدارته، حتى إن أحد الحكام هاجم بيريرا علنا على شاشات التلفزيون رغم أن الحكام يحظر عليهم الإدلاء بتصريحات صحفية، مما اضطر بيريرا لتوضيح الأمور في أحد البرامج الرياضية المصرية.

 

 

ويعد التحكيم المصري الأعرق في المنطقة العربية وأفريقيا، وكان الحكم المصري يوسف محمد أول حكم عربي يشارك في نهائيات كأس العالم عام 1934 في إيطاليا، وكان من أفضل حكام العالم في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، واستمرت النجاحات المصرية في البطولات العالمية من خلال العديد من الحكام، أبرزهم الراحل علي قنديل، وجمال الغندور.

وهناك سؤال قد يتبادر إلى الأذهان عن حالة التحكيم المصري وهو ما سر استقدام خبراء أجانب في العامين الأخيرين رغم وجود أسماء كبيرة ووجود أزمة مالية تدفع الاتحاد لتأخير بدلات الحكام عدة أشهر؟

الإجابة نلخصها في الأسباب التالية:

  • الأخطاء الجسيمة التي كانت تصب في مصلحة الفرق الكبيرة، والتي فتحت باب التشكيك في الحكام واتهام بعضهم بتعمد الخطأ حتى لا تخسر فرق بعينها.
  • الهجوم الضاري الذي يشنه الإعلام وبعض المسؤولين على الحكام ولجنتهم.
  • شكاوى الحكام من سياسة المحسوبية والمحاباة التي كانت تتبعها اللجان المحلية مع المقربين منهم وأبناء الحكام.
  • ظاهرة مجاملة أبناء وأقارب الحكام السابقين ورفعهم على حساب الكفاءات التي تتفشى في التحكيم المصري وتسببت في تسريب الكثير من الكفاءات التحكيمية نتيجة التضييق عليها ومحاربتها.
  • السطوة الإعلامية والجماهيرية للأندية الكبرى، مما يمثل ضغطا على الحكام في مباريات هذه الفرق، ويجعل بعضهم فريسة لارتكاب الأخطاء، حيث تمتلك الأندية الكبرى صحفا وقنوات وأبواق إعلامية تدافع عن مصالحها وتتبنى مواقفها وهو ما يضمن لها التأثير على الرأي العام والضغط على الحكام قبل وبعد المباريات..
  • يعد الحكام الحلقة الأضعف في كرة القدم المصرية، نتيجة عدة عوامل أبرزها تقديم لجان الحكام المتعاقبة مصالحها الفردية على الصالح العام للحكام، حتى أن عصام عبد الفتاح كان عضوا بمجلس إدارة الاتحاد المصري ورغم ذلك لم يحصل الحكام على أي امتيازات بل كانت مستحقاتهم المالية تتأخر بالسنوات، وفي المقابل كان أعضاء ورئيس لجنة الحكام يحصلون على رواتبهم في موعدها، وتقلد رئيس اللجنة العديد من المناصب القيادية العربية والأفريقية.
  • عدم وجود أي دعم مادي أو معنوي للحكام بشكل عام والفارق الشاسع بين بدلاتهم المالية الهزيلة وبدلات باقي عناصر اللعبة الأخرى، مع التأخير المزمن في صرف مستحقات الحكام منذ بدأ الاتحاد يصرف بدلاتهم بدلا من الأندية قبل 15 عاما تقريبا مجاملة للأندية التي طالبت بذلك.
  • معاناة بعض الحكام من النواحي المادية حتى أن بعضهم يذهب لإدارة مباريات كبرى في المواصلات العامة لمسافات قد تصل لألف كيلو في بعض الأحيان، مما يؤثر عليهم بدنيا ونفسيا ويقلل من شأنهم وسط عناصر اللعبة الأخرى التي تتمتع برفاهية عالية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *