مستوحاة من أحصنة السباق.. سر تدريبات حراس المرمى بالنظارات السوداء

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

انتشر في الآونة الأخيرة مقطع فيديو للمخضرم مانويل نوير من تدريبات بايرن ميونخ وهو يرتدي نظارات سوداء تماما، وللوهلة الأولى، اعتقد متابعو اللعبة أنها تحجب الرؤية تماما عن حارس المرمى، لزيادة قوة حواسّه الأخرى وتقوية ردّات الفعل، ومع تصدّيات نوير الخارقة خلال المقطع، زادت دهشة المتابعين.

“هل ما أراه حقيقي؟ إنه يتصدّى لكرات بهذه الصعوبة وهو معصوب العينين!”، كان هذا هو التعليق الأبرز على المقطع في مختلف منصّات التواصل الاجتماعي، ومع حارس بقدرات نوير، بدا الأمر منطقيا للبعض، لكن مع القليل من البحث، تبيّن لنا أن نظارات نوير الخاصّة لا تحجب الرؤية في الواقع، بل تحدّ منها.

رؤية أقل وتركيز أكبر

تعمل هذه النظارات الفريدة من نوعها على الحدّ من رؤية حراس المرمى لليسار واليمين، مما يؤدي إلى أقصى قدر ممكن من التركيز على الكرة ذاتها، وتحسين التنسيق بين اليد والعين، وبالتبعية ردّات فعل أفضل وأسرع. وفقا لصحيفة بيلد الألمانية، فهذه النظارات أيضا تعمل على تقوية عضلات العين.

المقطع المنتشر لنوير ليس جديدا كليّا في الواقع، حيث يعود تاريخه إلى السادس من فبراير/شباط الماضي، بينما يتدرّب حرّاس مرمى بايرن ميونخ بهذه النظارات الخاصّة منذ فبراير قبل الماضي، وهو الشهر الذي عُيِّن فيه مايكل ريشنر كمدرّب لحرّاس مرمى الفريق البافاري.

علاقة النظارة السوداء بأحصنة السباق

“بعيد عن العين، بعيد عن العقل”، انتشر هذا القول المأثور على ألسنة مدرّبي الخيول في القرون الماضية، في إشارة بذلك إلى أن الحدّ من محيط رؤية الخيول يجعلها أكثر تركيزا على الطريق وعلى مرمى البصر، بعيدا عن أي مشتتات أخرى عن يمينها أو يسارها.

لذلك، عادةً ما ترتدي الخيول غمامات مصنوعة من الجلد، تلتصق باللجام وتغطّي جوانب العينين، مما يقيّد رؤية الحصان ويسمح له برؤية ما هو أمامه مباشرةً فقط، فيقلل بالتبعية من فرص تعرّضه للفزع أو تشتيت الانتباه من الخيول الأخرى، كما تقل احتمالية تأثُّره بمشاهد وأصوات المضمار، ويمكنه آنذاك التركيز فقط على تقديم أفضل سباق ممكن.

حراسة المرمى الحديثة

لم يحظ مدرب حراس مرمى بايرن ميونخ مايكل ريشنر بمسيرة قوية كلاعب، حيث انحصرت مسيرته الاحترافية على مدار 11 عاما بين أندية الدرجة الثانية والثالثة، وفترة وجيزة مع الفريق الثاني لهامبورغ، لكن الأمر يختلف تماما فيما يتعلّق بوظيفته الحالية كمدرّب لحراس المرمى.

يعتبر ريشنر أحد المجددين في مجاله، فهو صاحب الفكرة والمؤسس الأول لبرنامج “تطوير حراسة المرمى”، والذي يقدّم أدوات متنوّعة لتخطيط تدريبات حرّاس المرمى، والتحضير للمباريات، وحتى تحليل المباريات والأخطاء، كما يحتوي البرنامج في الوقت الراهن على أكثر من 800 مقطع فيديو يتضمّن تدريبات مختلفة لتحسين مستوى حراس المرمى.

يحاول ريشنر دائما تجربة أشياء جديدة في تدريباته، النظارات التي ظهر بها نوير في المقطع الأخير ليست الأولى من نوعها في الحقيقة، حيث سبق وأن استخدم ريشنر نظارات شبيهة لها عندما كان مدرّبا لحرّاس مرمى هوفنهايم، نظارات بوظيفةٍ مختلفة، لكن للغرض ذاته وهو تحسين ردّات الفعل.

النظارات التي استخدمها ريشنر مع حراس هوفنهايم لا تحدّ من محيط رؤيتهم كما تفعل تلك التي يرتديها مانويل نوير، بينما تفعل ما اعتقد البعض أن نظارات نوير تفعله، بالضبط تحجب الرؤية، لكن ليس تماما، بل مؤقتا، مما يجعل العين أكثر تأهُّبا للكرة عند استعادة الرؤية.

ويقول أوليفر باومان حارس مرمى فرايبورغ السابق وهوفنهايم حاليا “من الصعب التدرّب باستخدام هذه النظارات، لأنك في بعض الأحيان تفقد الرؤية بالكامل، يحل الظلام، ثم الضوء، ثم الظلام مرة أخرى، وهكذا، يحدث هذا أحيانًا بسرعة، وأحيانًا ببطء، مما قد يفسد إيقاعك، ومع ذلك، فقد أدى الأمر إلى تحسين ردّات فعل حراس المرمى الثلاثة لدينا”.

النظارات التي ظهر بها حراس المنتخب السويسري وعلى رأسهم يان سومر في تدريبات المنتخب في مارس 2017، وكذلك في بطولة اليورو الماضية، هي ذات النظارات التي استخدمها ريشنر مع حراس مرمى هوفنهايم، ببساطة لأن من اقترح عليه هذه النظارات لأول مرة كان مدرب حراس مرمى المنتخب السويسري باتريك فوليتي.

حقق مانويل نوير كل شيء ممكن في مسيرته الطويلة، وصل إلى قمة الهرم الكروي للعبة أكثر من مرة، ويعتبره البعض حارس المرمى المثالي الذي لا تشوبه شائبة، رغم كل ذلك، ومع مدرب مهووس بالتكنولوجيا وصيحاتها كمايكل ريشنر، يبدو أن بطل العالم السابق ما يزال أمامه هامش للتطوّر، حتى مع وصوله لربيعه الـ38.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *