بهدوئه الدائم وثقته الكبيرة بمعرفته التكتيكية، قطع الإيطالي كارلو أنشيلوتي، مدرّب ريال مدريد، خطوة إضافية بتاريخ كرة القدم العالمية، بفوزه بلقب الدوري الإسباني للمرة الثانية مع الـ “ميرينغي”، وهو لقبه الـ 28 كمدرب.
الفوز مدموغ بحمضه النووي بكل بساطة وهدوء. قاد “السيّد” الإيطالي النادي الملكي، بشعره الأبيض الأنيق وبدلته السوداء عن عمر يناهز 64 عاما، للفوز بلقب الدوري للمرة الـ 36 في تاريخه، وهو اللقب الذي ترجم أكثر من أي وقت مضى أسلوب لعبه البراغماتي والفعال للنجاح الذي أكد أنه قد يناله بهدوء بعيدا عن الصخب والضجيج الذي يشتهر به الكثير من كبار المدربين.
أنشيلوتي الذي يُعدّ المدرب الوحيد الذي توج بألقاب البطولات الأوروبية الخمس الكبرى (إسبانيا، إنجلترا، ألمانيا، فرنسا وإيطاليا)، فاز للمرة الثانية بجميع البطولات التي يمكن للعملاق المدريدي أن يتوج بها (الدوري الإسباني، دوري أبطال أوروبا، كأس إسبانيا، كأس السوبر الإسبانية، كأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية).
وهذا اللقب هو الـ12 مع النادي الثاني في مسيرته (بعد ميلان الإيطالي) الذي سمح له بتجاوز الفرنسي زين الدين زيدان (11) والاقتراب من الأسطورة ميغيل مونيوس (14). ينطوي على نكهة خاصة بعدما كان من المقرر أن تنتهي حقبته الثانية في العاصمة الإسبانية في يونيو/حزيران.
وبعدما كان مرشحا لقيادة دفّة المنتخب البرازيلي بطل العالم 5 مرات، أُعلن أخيراً عن تمديد عقد المدرب النابغة في ريال مدريد حتى 2026 في أواخر ديسمبر/كانون الأول المنصرم، بعد بداية أكثر من مثالية للموسم الحالي مما طمأن إدارة الملكي إلى قدرة المدرب الإيطالي على إتمام عملية الفترة الانتقالية بعد حقبة مزدهرة في تاريخه.
التكيف والثقة
بعد رحيل المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة إلى السعودية، قام أنشيلوتي بتغيير كل شيء وعدّل مخططه التكتيكي لتهيئة الأرضية أمام نجمه الوافد الجديد الإنجليزي جود بيلينغهام، ليثبت أنه يعرف كيفية إعادة تأسيس فريق ناجح.
أما النتيجة فكانت 32 انتصارا وهزيمتين فقط في 48 مباراة بجميع المسابقات، وقدرة مبهرة على التعامل مع كافة التحديات.
وقال بيلينغهام نجم بوروسيا دورتموند الألماني السابق عن مدربه “أعتقد أن قوّتنا العظمى هي أنه يجد طريقة للسماح لنا باللعب بحرية. لا يمكن التنبؤ بطريقتنا إلى حد ما. من الناحية الإنسانية، فهو ينقل إلينا الكثير من الهدوء والثقة”.
بفضل قيادته الرائعة، سيتمكن ابن ريغولو (شمال إيطاليا) هذا العام من تكرار صورته الشهيرة بارتداء النظارات الشمسية والسيغار في فمه وسط لاعبيه، التي انتشرت عام 2022، بعد فوزه بأول لقب له في لا ليغا.
⚪️🇮🇹 Carlo Ancelotti wins his 6th league title, second La Liga title of his extraordinary career.
1x Serie A 🏆🇮🇹
1x Premier League 🏆🏴
1x Ligue1 🏆🇫🇷
1x Bundesliga 🏆🇩🇪
2x La Liga 🏆🏆🇪🇸…in addition to 4 (!) Champions League and much more. ✨
Legend of the game. pic.twitter.com/0cdjWnuxba
— Fabrizio Romano (@FabrizioRomano) May 4, 2024
وقال أنشيلوتي العام الماضي “اللاعبون هم أصدقائي”، مما يلقي الضوء على قدرته في قيادة غرفة ملابس مكوّنة من لاعبين مهاريين شبان، إضافة إلى نجوم مخضرمين أصبحوا لاحقا كـ “عائلة” كما يشير المهاجم البرازيلي فينيسيوس جونيور.
ميلان في القلب
وللدلالة على مكانته، يعتبره الكثيرون بمثابة مرجع عالمي ويلقى إجماعاً على كونه أحد أعظم التكتيكيين على الإطلاق، والمدرب الأكثر نجاحًا في تاريخ دوري أبطال أوروبا (4 ألقاب) وهو الآن على بعد خطوتين من إضافة نجمة أوروبية خامسة إلى حصيلته التاريخية.
بدأ مسار الانتصارات في الثمانينيات بداية من روما، ثم في ميلان، ناديه المفضّل حيث أمضى 13 عاما، في البداية كلاعب بين عامي 1987 و1992، ثم كمدرّب بين عامي 2001 و2009.
في الميدان، فاز لاعب الوسط الدفاعي السابق بلقبين كبيرين (1989 و1990) تحت إشراف الأسطورة أريغو ساكي، مصدر إلهامه الأكبر على المستوى التكتيكي.
وإلى جانب ساكي، بدأ أنشيلوتي مسيرته التدريبية على مقاعد بدلاء المنتخب الإيطالي وصيف بطل العالم 1994 كمساعد مدرب.
وكمدرّب، قاد الروسونيري للفوز بكأس إيطاليا في عام 2003، لقب الدوري 2004 ودوري أبطال أوروبا 2003 و2007، مع الإشارة إلى خسارته في النهائي القاري أمام ليفربول في عام 2005 بطريقة دراماتيكية.
لا يزال أنشيلوتي، الذي يشغل معه نجله دافيدي مهام مساعد المدرب في ريال، عاشقًا كبيرًا لفن الطهي الجيد على غرار الكثير من الإيطاليين، بعيدا عن فكرة الاعتزال، حتى لو كان الأمر يراوده في بعض الأحيان.
وقال “أود قضاء بعض الوقت مع أحفادي، والذهاب في إجازة مع زوجتي… هناك الكثير من الأشياء التي أهملتها والتي أود القيام بها”.
وأضاف “بعد ريال، نعم، ربما سأتوقف، لكن إذا أبقاني ريال هنا لمدة 10 سنوات، سأقوم بالتدريب لمدة 10 سنوات أخرى”.