بزيه العسكري، دخل الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينكسي -الشهر الماضي- إلى قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ينظر يمينا ويسارا راصدا تحايا وتأييد وتضامن الزعماء معه لأنه قائد يخوض “حرب تحرير بلاده من الاحتلال الروسي”، بحسب وصفه.
هذا الدخول السنيمائي للممثل السابق أراد من خلاله استعطاف قادة العالم لزيادة الدعم العسكري له في حين يخرج هو على حسابه الرسمي في فيسبوك ليكتب منشورا طويلا على فيسبوك أكد فيه أن “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس أمر لا جدال فيه”.
وتابع أن “أخبار مروعة من إسرائيل. أتقدم بالتعازي إلى كل من فقد أقاربه أو المقربين منه في الهجوم الإرهابي. لدينا إيمان بأنه سيتم استعادة النظام وسيهزم الإرهابيين”.
وأوضح “لا ينبغي أن يكون للإرهاب مكان في العالم، لأنه دائما جريمة، ليس فقط ضد بلد معين أو ضحايا هذا الإرهاب، ولكن ضد الإنسانية بشكل عام وعالمنا بأسره”.
وختم أن “أي شخص يلجأ إلى الإرهاب يرتكب جريمة ضد العالم. كل من يمول الإرهاب يرتكب جريمة ضد العالم. يجب أن يقف العالم متحدا ومتضامنا حتى لا يحاول الإرهاب تحطيم أو إخضاع الحياة في أي مكان وفي أي لحظة”.
نعود إلى خطابه في الأمم المتحد، فنجد شخصا يتحدث عن مقاومة شعبه وصموده في وجه “الاحتلال الروسي” ويتهم روسيا بارتكاب “إبادة جماعية” على خلفية ترحيل أطفال أوكرانيين قسرا إلى مناطق خاضعة لسيطرتها. ويغير نبرة صوته ليحصل على الاستعطاف المطلوب، ويقول “يُعلم أولئك الأطفال في روسيا أن يكرهوا أوكرانيا، وكل الروابط مع عائلاتهم تكسر. وهذا الأمر هو بكل وضوح إبادة جماعية”.
ولم يتوقف عرض زيلينسكي هنا فاتهم روسيا بارتكاب “عدوان غير مبرر” ضد بلاده بهدف “الاستيلاء على أراضي أوكرانيا ومواردها”. وتابع أن “روسيا تستخدم الأساسيات التي يحتاج إليها العالم مثل الغذاء والطاقة كسلاح في محاولة منها للحصول على الاعتراف بالأراضي التي تحت تصرفها من بلاده”.
وأكثر من ذلك، فزيلينسكي نفسه الذي دخلت حرب روسيا على بلاده عامها الثاني قال في القمة العربية الماضية إنه بلاده كانت تدافع عن نفسها ضد المستعمرين والإمبرياليين، فيما يبدو أنه يحاول استحضار تاريخ العالم العربي من الغزو والاحتلال، وتحدث أيضا عن أنه “لسوء الحظ، هناك البعض في العالم وهنا من بينكم (في إشارة للدول العربية) من يغضون الطرف عن أقفاص (أسرى الحرب) والضم غير القانوني لأراض أوكرانية”.
وتخيل عزيزي القارئ، لو حذفنا صاحب التصريحات ووضعنا مكانها اسم أي مسؤول فلسطيني أو قائد فصيل أو حركة مقاومة وحتى أصغر طفل في غزة أو الضفة وتحدث هؤلاء عما يجري في غزة وفلسطين منذ عام 1948، هل كان سيغير حرف من كلام الرئيس الأوكراني.
المعلقون على منشور زيلينسكي انقسموا بين مؤيد ومعارض وشارح ومنبه للرئيس الذي يعتنق الديانة اليهودية.
ويقول معلق إن “عدالة القضية الفلسطينية متجذرة في الضمير والعمق الإنساني. إن ما يحدث في فلسطين اليوم ليس إرهابا، بل هو رد فعل على الحصار والجوع والترهيب الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي في السابق ضد الشعب الفلسطيني. وهذه القضية ليست مجرد صراع سياسي، بل هي قضية إنسانية وعادلة تتعلق بحقوق الإنسان وحريته وكرامته”.
وتابع أن “الفلسطينيين يناضلون من أجل حقهم في الحياة الكريمة والاستقلال، ويواجهون تحديات هائلة وظروف قاسية.. لذا يجب علينا أن نفهم أن المقاومة التي يظهرونها اليوم هي نتيجة لمعاناتهم الطويلة. نحن بحاجة إلى التفكير بعمق وبتعاطف حقيقي لفهم ودعم قضيتهم ومعركتهم القانونية. فلنقف مع العدالة ونسعى جميعا لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.
ويسأل أحد المعلقين زيلينسكي، “هل تدرك ولو قليلاً ماذا تفعل إسرائيل مع الفلسطينيين؟ هو نفسه مع تقوم به روسيا في أوكرانيا”.
ويلفت معلق أخر نظر زيلينسكي إلى أن “إسرائيل (الذي تدافع عنها) ترفض فرض عقوبات على روسيا بل وتزيد حجم التبادل التجاري معها. كما رفضت تقديم أي أسلحة إلى أوكرانيا في حربها ضد روسيا”.
ويذكّر أخر زيلينسكي لأنه “ينسى بسهولة” أن “ما كانت تفعله إسرائيل منذ عقود.. بالضبط ما تفعله روسيا في أوكرانيا، تقصف أطفال أبرياء بالطائرات، لأنه تعتقد أنه تملك الأرض وقادرة على قتل آلاف الأبرياء، وأخذ حقوقهم، دون أن يحاسبها أحد”.
وأشار أخر إلى أن “إسرائيل وروسيا وجهان لعملة واحدة ويحتلان أراض ليست ملكهما”.
ولخص معلق كل الكلام السابق بمنشور جاء فيه أن “أوكرانيا يجب أن تدعم معركة الفلسطينيين بالحرية والعيش بسلام على أراضيهم وطرد المحتلين لأنها تعاني من نفس الأمر”.