وسط الإبادة والمجازر.. رسائل صمود وألم من شمال غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

“صمودنا في غزة وشمالها ليس قوة منا، بل هو من الله وحده، لا مقومات للصمود والثبات فيها من الجانب المادي ولا حتي المعنوي والنفسي”، بهذه الكلمات عبر الصحفي أحمد الزيتونة عن معاناة عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين وسط آلة القتل الإسرائيلية في شمال غزة.

ويضيف الزيتونة قائلا: “هل المعلبات وشوية الحاجات الأخرى صمود؟! الناس هنا في حالة كرب ومجاعة ودمار نفسي ومعنوي لأبعد الحدود، ولكن الحمد لله… لا أريد من أحد أن يحدثنا عن الصمود والثبات، تفضل عش بيننا، وقل ما تشاء”.

ورغم الحصار الإسرائيلي وانقطاع الإنترنت في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع، والمجازر المتواصلة منذ 14 يوما التي أدت لاستشهاد نحو 400 فلسطيني، فإن عددا من الفلسطينيين نشروا رسائل ممزوجة بالألم والصمود عبّروا فيها عن جزء صغير مما يعانيه أهالي الشمال.

ويزداد الوضع سوءا كل دقيقة، إذ تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي كل جسم متحرك، وتمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء إلى محافظة الشمال، وسط قصف مدفعي وجوي مكثف.

ومن أبرز هذه الرسالة مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام فلسطينية لجريح بعد انتشاله من تحت أنقاض منزله، وهو يقول بصوت خافت من شدة الألم “فدا غزة.. فدا المقاومة.. الروح بترخص فدا فلسطين”.

كسرة الخبز

أما الصحفي محمود العامودي، فكتب على فيسبوك: “كنت أظن أن كسرة الخبز اليابسة هي فقط للروايات والكتابات، وأنها تعبير مجازي عن الفقر والجوع، لكني عشتها حرفيا في هذه الأيام وأكلت كسرة الخبز اليابسة وأطفالي، والحمد لله رب العالمين”.

وفي فيديو على يوتيوب، وجه العامودي رسالة لسكان الشمال، قال فيها “إياك تيأس وتسيء الظن بالله عز وجل، ولا تقول إن الناس متوحدين للقضاء علينا، يكفينا أننا بجانب الله”.

ويضيف “من وسط الدمار ومن وسط الموت وفي أصعب أوقات حياتنا، سنظل نحسن الظن بالله ونثق به”.

أما الداعية الفلسطيني جهاد حلس، فكتب: “والله، لو رأيتم قهر الناس في غزة، لما صدقتم أن بشرا يستطيع أن يتحمل كل هذه الأهوال ويبقى على قيد الحياة ولا يموت!! والله لو كان صخرا لتفجر، ولو كان بحرا لتبخر، ولو كان جبلا لتصدع، ولو كان حديدا لذاب!!”.

ويضيف “اخجلوا من سطحية همومكم أمام ما رأينا من عظيم البلاء، ولا تعتادوا المشهد، فالله يرى ويشهد”.

“أفخر بأبي وأمي”

أما الناشط محمد النجار من سكان جباليا، فاختار أن يرسل رسالته عبر تويتر لوالديه قائلا: “عام من الصمود والثبات في جباليا، أفخر بأمي وأبي وأهلي الذين لم يتزحزحوا من مخيم جباليا، ولسان حالهم: نفضل الجوع على الركوع، ولن نهجّر مرتين، ولن يكون في ملك الله إلا ما كتب”.

وفي تدوينه أخرى على تويتر، كتب النجار: “ما يجري في جباليا تجاوز فكرة (خطة الجنرالات)، ولا يتوافق معها، العدو يريد تدمير جباليا بما يجعلها غير قابلة للحياة”.

ويضيف أن ثبات السكان في جباليا ينهي أحلام جيش الاحتلال بتفريغها من أهلها، فضلا عن الهزيمة المعنوية لقادة الجيش أمام صمود سكان عزّل إلا من الإرادة، لكننا سنكون أمام جباليا مهشمة محطمة.

وتعني “خطة الجنرالات” فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه وحصار وتجويع الناس لدفعهم إلى الاختيار بين الموت والاستسلام.

رسالة ألم

ولم تخلُ كثير من رسائل المحاصرين من نبرة الألم والشعور بالخذلان، كما جاء في رسالة الصحفي كرم حسّان، التي قال فيها ليشهد العالم بعد الله أنهم يشعرون بالجوع والبرد “أمام عالم صامت متخاذل، أغلبه يعلم مصابنا ووجعنا ولا يهتم لأمرنا، لا عفا الله ولا سامح كل من كان بإمكانه الوقوف بجانبنا وامتنع”.

بدوره، كتب الصحفي أحمد وائل حمدان، معبرا عن معاناة عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين في شمال غزة قائلا: “لا يغرنكم مظهرنا الخارجي، إن أرواحنا قد شابت، وظهورنا قد قُصمت، وأجسادنا قد ذبلت من هذه الحـرب، وليس لنا إلا الله”.

ويضيف “حتى وإن لم تجدوا ما تقدمونه لنا، قفوا وشاركونا الحزن والبكاء، مُدُونا بالدموع فإن محيطات مآقينا قد جفت”.

وفي السياق نفسه، تقول الصحفية جنات نوفل “نحن سكان جباليا في شمال غزة نحسد سكان هيروشيما على طريقة موتهم الرحيمة جدا، فنحن نموت قهرا وذلا وجوعا ورعبا منذ سنة وأكثر وهذا هو الموت البطيء”.

بينما يختم مراسل الجزيرة مباشر في شمال غزة حسام شبات برسالة يقول فيها إن “ما نعيشه من ألم وصعوبات لا يمكن للعقل أن يتخيله: حصار، وقتل، وجوع، وتشريد، وقصف”.

الخوف والقلق يحاوطاننا من جميع الجهات، فلا أمن ولا أمان لأحد، الكل في خطر مستمر الدماء والجثث تملأ الشوارع والأزقة والمستشفيات، فالاحتلال يسعى لتدميرنا ومحو وجودنا.

وبدعم أميركي، خلفت الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة أكثر من 141 ألف شهيد وجريح فلسطيني وآلاف المفقودين، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *