كوالالمبور – دعا وزير الخارجية الماليزي، زمبري عبد القادر، محكمة العدل الدولية أن تتحمل مسؤولياتها بتقديم المجرمين للعدالة، خاصة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أنه إذا لم يتقدم أحد لمحاكمتهم؛ فإنها ستكون سابقة خطيرة تسمح بإطلاق يد المجرمين في كل مكان.
وفي لقاء مع الجزيرة نت، دافع الوزير الماليزي عن موقف الأمين العام للأمم المتحدة بأن حل القضية الفلسطينية ينطلق من معالجة جذور المشكلة، ووقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي من أجل الوصول إلى سلام دائم وشامل.
وكررت ماليزيا على لسان وزير خارجيتها انتقداها المجتمع الدولي، لعدم التحرك الجاد لفك الحصار عن قطاع غزة، والإخفاق في التوصل لقرار في مجلس الأمن ينص على وقف الأعمال العسكرية.
وقال زمبري، إن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الولايات المتحدة التي تقدم نفسها راعية للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، مضيفا أن الأولوية يجب أن تكون لوقف العدوان الإسرائيلي، ووضع حد لقتل المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى الشعب الفلسطيني.
وفي ما يأتي نص الحوار:
-
موقف ماليزيا كان واضحا من اليوم الأول، وهو الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ورفض العدوان الإسرائيلي، والآن بعد 3 أسابيع من القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة. ما أولوياتكم؟
الموقف المبدئي لماليزيا ثابت منذ استقلالنا في 1957، وهو الإيمان بأن الشعب الفلسطيني يجب أن يعطى حق تقرير المصير، وحق إقامة حكومته الخاصة. والأولوية القصوى هي إنهاء الأعمال العدائية ووقف القتل، ونعمل مع جميع الدول حول العالم خاصة الدول الإسلامية لوقف الجنون، وهذه الأولوية للسياسة الماليزية، وأعتقد أننا نشترك فيها مع كثير من الدول.
والتحرك الثاني ينصب على إيصال المساعدات الإنسانية، وذلك ممكن بإقامة ممر آمن عبر معبر رفح، وهذا يواجه صعوبة بسبب رفض إسرائيل. وقد علمت أن الحاجة الماسة لا تقل عن 200 شاحنة يوميا، ونعمل حاليا مع جميع الأطراف لضمان ذلك.
وكان رئيس الوزراء السيد أنور إبراهيم قد أثار الموضوع مع نظيره المصري مصطفى مدبولي، ووجدنا أنه يوافقنا الرأي، لكن مع الأسف فإن نظام إسرائيل ما زال -حتى الآن- يتحكم بحجم المساعدات التي يمكن أن تعبر. هذه أولوياتنا القصوى التي نأمل أن تخفف من التوتر الموجود في غزة حاليا.
-
لديكم في ماليزيا حكومة منتخبة ديمقراطيا تتمتع بأغلبية كبيرة قد تصل إلى الثلثين. هل تعتقد أن ما تتخذه الحكومة من إجراءات بما يتعلق بغزة وفلسطين يتوافق مع تطلعات الشعب الماليزي؟
بالتأكيد، فحديثي اليوم في البرلمان يعكس تطلعات كل الشعب الماليزي، وكما ترى أن مشاعر جميع فئات الشعب الماليزي بغض الطرف عن الانتماء السياسي أو الديني أو العرقي، كلهم مجمعون على أسس إنسانية ومعاناة الناس، وأنا سعيد هنا أن أؤكد أن جميع الماليزيين موحدون بمن فيهم غير المسلمين؛ لأن بعض الناس قد يعتقد أنها قضية إسلامية فحسب، فالجميع متّحد لمواجهة الأزمة في غزة.
-
لقد تحدثت في البرلمان عن رغبة في تفعيل قضية جرائم الحرب في المحاكم الدولية. ما الذي تعنيه؟
يجب على محكمة العدل الدولية أن تتحمل مسؤولياتها بتقديم المجرمين للعدالة، وأخص بالذكر هنا الإسرائيليين، لأن المحكمة هي الهيئة القضائية الأعلى في العالم، وتعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، ولذلك فإن تحقيق العدالة يحدث فقط عندما يُنظر في الجرائم الكبرى، واستدعاء مجرمي الحرب للمثول أمام العدالة، ولا يمكننا تركهم يفعلون ما يريدون دون حساب، وإذا لم يتقدم أحد لمحاكمتهم؛ فإنها ستكون سابقة خطيرة تسمح بإطلاق يد المجرمين في كل مكان.
-
هل هناك آلية لتحقيق محاكمة قادة إسرائيل بجرائم حرب؟
نعم لدينا هذه الآلية، ويجب تفعيلها ضمن أطر محكمة العدل الدولية، وعلى الدول الأعضاء في المحكمة أن يعملوا ضمن الآلية المتبعة، التي تنص أن الدول الأعضاء هي التي بإمكانها أن تفعّل الآلية، وتتقدم بالدعوى، وماليزيا ليست عضوا في المحكمة، لكنها واحدة من الدول الراعية لرفع القضية بالتنسيق مع دول أعضاء.
-
هناك أكثر من 7000 مدني قُتلوا بآلة الحرب الإسرائيلية معظمهم من النساء والأطفال. هل ينتظر العالم مزيدا من دماء الفلسطينيين كي يتحرك ويفرض وقف إطلاق النار؟
من المؤسف جدا أن يستمر العالم في إغلاق عينيه، وغض الطرف عما يجري حالا في فلسطين، فبعد 3 أسابيع من الحرب، لا يزال الناس يُقتلون كل يوم، خاصة الأطفال.
إن رؤية المدنيين تحت الأنقاض شيء يخفق له القلب، ولا أحد لديه أدنى مشاعر إنسانية يمكنه تحمل مشاهدة هؤلاء المدنيين الذي أعدموا ودفنوا تحت أنقاض المباني المدمرة، وهذا يجب أن يجلب انتباه كل إنسان، والدعوة لوقف الأعمال العدائية.
-
هل أنتم على اتصال بالأميركيين لإقناعهم بعدم دعم إسرائيل، خاصة بالوسائل العسكرية؟
على الأميركيين أن يسترجعوا القيم التي دأبوا على التبشير بها في العالم وفي جميع الأوقات، وقد حان الوقت للانتباه إلى الناس الذين يعانون ويقتلون، وألا يغمضوا أعينهم عن المأساة من أجل مصالح طرف معين، هذه أزمة إنسانية والناس يقتلون، وعليهم أن يبحثوا عن طريقة لحل هذه المشكلة.
-
ماذا عن موقف الأمين العالم للأمم المتحدة، عندما أثار جذور القضية، والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ألا يستحق الدعم والمساندة؟
الأمين العام للأمم المتحدة يمثل الجميع، وينظر للموضوع من منطلق العدالة، وبذلك لا أعتقد أنه مخطئ عندما يدعو لوقف الحرب والقتل. ولا أرى أن انتقاده مناسب من أي طرف، ولا سيما عندما قال، إن الأمر لم يحدث من فراغ.
ماليزيا تؤكد الحاجة لحل دائم يتمكن فيه الفلسطينيون من العيش بسلام، على أساس خريطة ما قبل 1967، حسب ما اتفق عليه.