واشنطن بوست: مقابلة ترامب المفقودة منذ 1989 تكشف عن توجهاته الحالية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

روى الصحفي الاستقصائي الأميركي الشهير بوب وودوارد قصة لقائه هو وزميله الصحفي كارل برنستين بدونالد ترامب لأول مرة قبل أكثر من ربع قرن.

وأورد تفاصيل تلك المقابلة في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، ذكر فيه أن زميله برنستين -الذي شاركه في إعداد تقارير فضيحة ووترغيت الشهيرة- قابل دونالد ترامب مصادفة في إحدى أمسيات فبراير/شباط عام 1989، في حفل عشاء بنيويورك.

وأوضح أن كارل اتصل به هاتفيا وحثه على الصعود إلى الطابق العلوي من منزل أحمد إرتيغون، رجل المجتمع الأميركي التركي البارز ومدير التسجيلات الموسيقية، الذي يستضيف الحفل.

ترامب هنا

ولكي يغريه بالقدوم، قال لوودوارد “ترامب هنا، إنه أمر مثير للاهتمام حقا. لقد كنت أتحدث معه”. ولأن كارل كان مفتونا بكتاب ترامب “فن الصفقة”، فقد وافق وودوارد بعد تردد على الانضمام إليه.

وكان قد مر 17 عاما منذ أن تعاون الاثنان لأول مرة في كتابة تقارير صحفية استقصائية عن حادثة تجسس مساعدين للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، في عام 1972، على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في “مبنى ووترغيت” بواشنطن، التي انتهت بتقديم نيكسون استقالته في عام 1974.

وفي حفل العشاء ذاك، ألقى ترامب نظرة على وودوارد وزميله، ثم توجه نحوهما مخاطبا “ألن يكون مذهلا أن يجري وودوارد وبرنستين مقابلة مع دونالد ترامب؟”.

نظر وودوارد إلى زميله الذي سارع بالرد على السؤال قائلا “بالتأكيد”، قبل أن يسأله: “ماذا عن الغد؟”، فوافق الرجل على الفور وطلب منهما المجيء إلى مكتبه في برج ترامب.

“هذا الرجل مثير للاهتمام”، قالها كارل بعد مغادرة ترامب المكان، ورد عليه وودوارد “ولكن ليس في السياسة”.

رجل أعمال مخادع

أشار الصحفي الاستقصائي الشهير في مقاله إلى أن ترامب كان يثير فضوله، ووصفه بأنه رجل أعمال مخادع، وأن شخصيته الفريدة وُجدت -حتى ذلك الحين- للتلاعب بالآخرين بدقة، كما أنها تتسم ببعض القسوة.

وكشف أن مقابلتهما مع ترامب سُجِّلت على شريط كاسيت صغير، وفُرِّغت وطبعت ثم أودعت في مظروف مع نسخة من كتاب ترامب، لكنها ضاعت وسط أكداس من السجلات والتدوينات المتعلقة بالمقابلات وقصاصات الأخبار. وظل وودوارد وزميله كارل يبحثان عن ذلك الشريط أكثر من 30 عاما.

وقالت إنه تحدث مازحا مع ترامب بشأن “المقابلة المفقودة”، عندما كان يجري معه مقابلة أخرى في المكتب البيضاوي في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة. وكان الغرض من المقابلة هذه المرة، كما يقول وودارد، هو إيرادها في كتابه الذي يحمل عنوان “الغضب”، ثاني كتبه الثلاثة عن رئاسة ترامب.

وواصل الصحفي سرده فقال إنه ذهب العام الماضي إلى منشأة “تُخزَّن فيها سجلاتي، وغربلت مئات الصناديق من الملفات القديمة. وفي صندوق من القصاصات الإخبارية المتنوعة من الثمانينيات، لاحظت مظروفا عاديا مهترئا بعض الشيء”، وكان هو الذي يحتوي على كاسيت المقابلة المفقودة.

غامض بشأن مستقبله

كانت هناك صورة شخصية لترامب في سن الـ42، عندما كان اهتمامه منصبًّا على عقد الصفقات العقارية، وجني الأموال، وترسيخ مكانته كشخصية مشهورة، إلا أنه كان غامضا بشأن مستقبله.

ونقل وودوارد عن ترامب قوله له هو وزميله كارل في لقائهما عام 1989 “أتطلع حقا إلى بناء أعظم فندق، ولهذا السبب أبني أجنحة في الأعلى. أنا أبني أجنحة رائعة”.

وأضاف ترامب موجها حديثه لوودوارد “تسألني إلى أين أنا ذاهب، ولا أعتقد أنني أستطيع أن أخبرك على الإطلاق. ولكن إذا بقي كل شيء على ما هو عليه الآن، ربما يمكنني أن أخبرك جيدا أين سأكون”. غير أنه استدرك أن “العالم يتغير”، معربا عن اعتقاده بأن هذا هو الشيء الوحيد المؤكد.

الرجل الصارم القوي

وبدا ترامب، في المقابلة، منشغلا بالظهور بمظهر الرجل الصارم القوي. وقال “إن أسوأ ما في المقابلات التلفزيونية أنهم يضعون مساحيق التجميل” على كل وجهك، “لكنك إذا وضعت مكياجا وأنت تعمل في مجال البناء فستواجه مشاكل”.

وعندما طلب منه الصحفيان إخبارهما عن الخطوات التي يتبعها في عقد صفقاته العقارية، قال إن “أسوأ الصفقات التي أبرمتها هي التي لم أتبع فيها غريزتي، ولم أستمع إلى جميع الأشخاص الذين نصحوني بأنها لن تنجح”.

وسأله وودوارد عما إذا كان ضميره سيقوده نحو السياسة أو الاضطلاع بدور في مجال العمل العام، فأجابه ترامب “في نظري، الأمر كله مثير للاهتمام. في ذلك الأسبوع، كنت أشاهد مباراة ملاكمة في أتلانتيك سيتي، وهؤلاء رجال أقوياء، كما تعلم، رجال أقوياء جسديا، وأقوياء ذهنيا بمعنى ما. حسنا، أعني أنهم لن يؤلفوا كتبا لكنهم أقوياء ذهنيا إلى حد ما”.

وتابع “لقد خسر البطل وهُزم على يد شخص كان ملاكما جيدا جدا ولكن لم يكن من المتوقع أن يفوز. وأجروا معه مقابلة بعد المباراة وسألوه: كيف فزت؟ فأجابهم لقد وجهت له وابلا من اللكمات المتتابعة فقط”.

توجيه اللكمات

وفي تشخيصه لشخصية الرئيس السابق، قال وودوارد إننا إذا نظرنا إلى حياة ترامب الآن، وصفقاته العقارية، ورئاسته، ومساءلته، والتحقيقات، والمحاكمات المدنية والجنائية، وإدانته، ومحاولة اغتياله، وحملته لإعادة انتخابه، فإن ما يفعله بالضبط هو “توجيه اللكمات”.

وبدا ترامب بعد ذلك أكثر جدية في المقابلة، لافتا إلى أن “العالم يتغير، وسيكون هناك كساد وفترات ركود، وستشهدون صعودا وهبوطا (للاقتصاد)، وستكون هناك حروب، وأشياء أخرى خارجة عن السيطرة، أو عن سيطرة الناس في معظم الحالات”.

ونصح الصحفييْن بأن يتكيفا مع التقلبات، وأن “من السيئ أن تتنبأ مسبقا بما ستكون عليه الأمور”.

في ذلك الوقت، كان ترامب “مهووسا تقريبا” بعناوين الأخبار التي تنتقده بسبب خسارته للصفقات.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *