قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن حرب إسرائيل الكلامية على الأمم المتحدة تصاعدت من جديد عقب إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على ثلاثة مواقع في لبنان يديرها جنود من قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية.
وأوضحت الصحيفة -في عمود للكاتب إيشان ثارور- أن إسرائيل تنخرط في صراعات على جبهات عديدة؛ مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وحزب الله في لبنان، ومجموعة جديدة من المسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية، والحوثيين في اليمن، ومليشيات في سوريا والعراق، ومع إيران نفسها، مضيفة الأمم المتحدة إلى هذا المزيج.
وذكر الكاتب أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار أول أمس الخميس على ثلاثة مواقع في لبنان تعمل بها قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وقد أصيب اثنان من قوات حفظ السلام، وفقا لبيان صادر عن اليونيفيل، بعد أن أطلقت دبابة إسرائيلية النار باتجاه برج مراقبة في مقرهم الرئيسي في مدينة الناقورة.
هجمات على اليونيفيل
وأسفرت جولة ثانية من الهجمات بالقرب من مقر اليونيفيل أمس الجمعة عن إصابة اثنين من قوات حفظ السلام التي تمثل الجهود الدولية للحفاظ على السلام بعد الغزو الإسرائيلي للبنان، والتي تتألف من حوالي 10 آلاف جندي من جنسيات مختلفة في قواعد متناثرة عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقد أظهرت صور للأقمار الصناعية مركبات عسكرية إسرائيلية تطوق قاعدة للأمم المتحدة، كما أن إسرائيل أصدرت أوامر غامضة لليونيفيل بإخلاء بعض مواقعها على الأقل، كما اتهم بيان لليونيفيل جنودا إسرائيليين باستهداف قاعدة للأمم المتحدة عمدا، حيث أطلقوا النار على كاميرات مراقبة لمحيطها فعطلوها.
غير أن هذا الخلاف ليس سوى أحدث لحظة اشتباك بين إسرائيل والمنظمة الدولية، فقد دعا قرار للجمعية العامة الشهر الماضي إسرائيل إلى تفكيك المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو الانسحاب الذي لن تتصوره حكومة أقصى اليمين في إسرائيل، كما أن هناك قضايا منفصلة تتعلق بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد إسرائيل والمسؤولين الإسرائيليين تمر عبر محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
إسرائيل تزدري الأمم المتحدة
وفي الوقت نفسه، يزدري الخطاب الإسرائيلي الأمم المتحدة، وينظر إليها بوصفها أداة متحيزة لعدد لا يحصى من الدول الغاضبة من إسرائيل بسبب احتلالها الأراضي الفلسطينية، وبالفعل عندما خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعية العامة للأمم المتحدة وصفها بأنها “مستنقع من المرارة المعادية للسامية”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “شخص غير مرغوب فيه”، ومنعه من دخول إسرائيل بعد أن أدلى ببيان يدين الطبيعة “المتوسعة” للصراع في الشرق الأوسط دون أن يندد على وجه التحديد بوابل الصواريخ الإيرانية.
إسرائيل ضد الأونروا
وذكّر الكاتب بما تعرضت له وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من انتقادات إسرائيلية باعتبارها متواطئة مع الفلسطينيين، حتى إن السلطات الإسرائيلية سعت إلى إلغاء تمويل الأونروا وتقويض تفويضها الدولي في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد أثارت تحركات إسرائيل ضد الوكالة غضب الأمم المتحدة والمسؤولين الغربيين، وقال غوتيريش إن منع المنظمة من القيام بعملها “الضروري” سيكون بمثابة “كارثة في كارثة”، وحذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني من أن التحرك الإسرائيلي سيؤدي إلى انهيار النظام الإنساني بأكمله في غزة.
ليندا غرينفيلد
غير أن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد وقفت إلى جانب الأونروا، قائلة إن “نسبة صغيرة” فقط من موظفي الأونروا يُزعم أنهم على صلة بحماس، ودعت إسرائيل إلى تقديم المزيد من الأدلة التي تثبت بعض مزاعمها، وقالت “نحن نعلم أن موظفي الأمم المتحدة والأونروا حيويون للاستجابة الإنسانية في غزة ويواجهون خطرا هائلا أثناء أداء عملهم”، في إشارة إلى الوضع الأمني الخطير في قطاع غزة.
ويصور المسؤولون الإسرائيليون أفعالهم على أنها ضرورية لاستعادة أمن بلدهم ضد أعداء لا حصر لهم يطلقون الصواريخ، ومع ذلك يرى شلومو بن عامي، وهو زير خارجية إسرائيلي سابق، أن “حكومة إسرائيل الحالية لسوء الحظ ملتزمة بخوض حرب على جميع الجبهات، دون أي رؤية نحو أي مستقبل سياسي يمكن لجيران إسرائيل قبوله”.