هل تستغل السلطة الفلسطينية فوضى المساعدات للعودة لقطاع غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

غزة-رام الله- يكتنف الغموض ما كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية حول شروع مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بالعمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة.

وبينما نفى المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشكل قاطع تشكيل مثل هذه القوى على الأرض، كان رد أوساط قريبة من دوائر جهاز المخابرات بالسلطة الفلسطينية “غامضاً” ما بين “نفي وتأكيد” بداية تشكيل قوة تابعة له في القطاع.

وكانت القناة 14 الإسرائيلية قد قالت -الثلاثاء- إن مدير المخابرات الفلسطينية بدأ العمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة، مضيفة أن “قوة فرج -التي يعمل عليها- تتكون من عائلات لا تؤيد حركة حماس لتوزيع المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله”.

ومنذ يونيو/حزيران 2007، وانهيار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية أمام حماس في مواجهة مسلحة انتهت ببسط هذه الحركة الإسلامية سيطرتها على القطاع الساحلي الصغير، لا يوجد أي قوى رسمية مسلحة تابعة للسلطة، أو ظواهر مسلحة سواء فصائلية أو عائلية موالية لحركة التحرير الوطني (فتح).

وفي سبيل تحقيق ذلك، تعاملت القوى الأمنية التابعة لحماس -والتي تشكلت بعد هذا التاريخ الذي تطلق عليه “الحسم” وتصفه فتح بـ “الانقلاب”- بقبضة أمنية قاسية مع عائلات موالية لغريمتها فتح، ونجحت في تحييدها ونزع سلاحها إلى حد كبير.

مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة (مواقع التواصل)

حماس تنفي

وفي هذه الأثناء، يعيش القطاع ما يمكن تسميته “الفراغ الأمني” جراء غياب القوى الأمنية والشرطية التابعة لحماس، خشية التصفية الجسدية إثر عمليات الاستهداف الإسرائيلي المباشر لها، وآخرها الأربعاء حيث اغتيل اثنان من عناصرها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.

ونفى مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة -للجزيرة نت- بشكل قطعي رصد أي ملامح لتشكيل مجموعات مسلحة في القطاع تابعة لمخابرات السلطة في رام الله، ومؤلفة من عائلات مناوئة لحركة حماس.

ولا ترتبط حماس بعلاقة جيدة مع رئيس الجهاز فرج المقرب جداً من رئيس السلطة محمود عباس، ودأبت الحركة خلال سنوات ماضية على اتهامه وشخصيات أمنية قريبة منه بالمسؤولية عن أحداث في غزة تهدف خلق الفوضى وعودة ما تصفه بـ “الفلتان الأمني”.

ولم يعط مصدر صحفي قريب من دائرة فرج للجزيرة نت رداً حاسماً فيما يخص تشكيل قوى مسلحة في غزة، وقال “من بداية الحرب تم تشكيل قوى ناعمة” وتقوم على تأمين المساعدات التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بالسلطة وتوزيعها على مستحقيها، ونظراً للحالة الأمنية تسلحت هذه القوى لحماية المساعدات.

لكن المصدر نفسه لم يعترف صراحة بتبعية أو ولاء هذه القوى لجهاز المخابرات، أو صدقية ما كشفت عنه القناة 14 الإسرائيلية عن مساع سياسية وأمنية إسرائيلية لتولي فرج المسؤولية عن القطاع وبناء جسم بديل عن حماس يحكم غزة اليوم التالي للحرب.

يشكو المتضررون في غزة من عدم حصولهم على نصيبهم من المساعدات الإنسانية-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
مراقبون: السلطة الفلسطينية تعود للقطاع عبر بوابة توزيع المساعدات (الجزيرة)

دور لـ”فتح”

وقالت أوساط فلسطينية من مراقبين ومحللين ليسوا من المنتمين لحماس -وقد استطلعت الجزيرة نت آراءهم- إن السلطة وعبر تيارات وشخصيات عدة، بما فيها حسين الشيخ  وزير الشؤون المدنية وأمين سر اللجنة التنفيذية وأحد المقربين من عباس، بدأت تعود إلى غزة من باب المساعدات الإنسانية، ولكن من دون إعلان رسمي أو مظاهر فجة.

وفي أول رد فعل رسمي فلسطيني، نفى قيادي في “فتح” ما نشر عن تأسيس  فرج قوة عسكرية في رفح وتفضيله لإدارة القطاع، واصفا توزيع المساعدات بأنه “تشويه وتخريب وتهرب إسرائيلي من الحل السياسي”. وتابع “هذا نوع من أنواع التمييع للقضية وتخريب وتشويه للوضع السياسي الذي نطالب به، ودق للأسافين بين مكونات الشعب الفلسطيني، أبو بشار (فرج) أعرفه عن قرب، هو رجل وطني محترم ولا يلعب هذه الأدوار”.

في الوقت نفسه، أشار هذا القيادي إلى دور لعناصر “فتح” في توزيع مساعدات تقدمها السلطة، وتحدث عن دور لجهاز المخابرات في توزيع مساعدات على أهالي القطاع، موضحا “حتى لو كان له (الجهاز) دور في توزيع المساعدات عن طريق أهلنا في قطاع غزة، فإن هذه المساعدات لتعزيز صمود الناس، وليس من أجل السيطرة على قطاع غزة”.

وأضاف “حتى لو تم توزيع مساعدات من السلطة الفلسطينية سيوزعها أهلنا في قطاع غزة التابعين للتنظيم (فتح) وليس العشائر”.

وكانت السلطة الفلسطينية قد شددت على ضرورة أن يتم إدخال المساعدات وتوزيعها في قطاع غزة بالتنسيق الكامل معها باعتبارها “القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني”.

وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيان صدر الأربعاء، إن “آلية إدخال المساعدات وتوزيعها يجب أن تتم بالتنسيق الكامل مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ومن خلال الآليات الدولية المعتمدة وغير القابلة للاستبدال كالأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الدولية ذات الصلة”.

وأضاف البيان أن إدخال المساعدات بكل الطرق يشكل أولوية إلى جانب وقف إطلاق النار ومنع التهجير القسري.

هل يستجيب المجتمع الدولي لطلب الفلسطينيين مفاوضات برعاية دولية؟
قيادي بفتح: بالفعل السلطة بقيت وبقيت كل التزاماتها في غزة (الجزيرة)

 حل سياسي

وقال منير الجاغوب القيادي -المقرب من دوائر صنع القرار بالسلطة ومنهم فرج- إن لدى الكل الفلسطيني خطوط عريضة لا يمكن تجاوزها لا سياسيا ولا وطنيا وهي أن “قطاع غزة جزء من الدولة الفلسطينية، ونحن نبحث عن حل سياسي شامل”.

وتابع أن الإسرائيليين “يحاولون القضاء على الحلول السياسية وتحديدا داخل قطاع غزة، وألا يكون هناك تمثيل سياسي، وأن تذهب القصة للعشائر وتوزيع مساعدات عن طريق فلان وعلان…”.

وجدد الجاغوب تأكيده على الموقف السياسي للقيادة الفلسطينية بشأن اليوم التالي للحرب وهو أن “قطاع غزة جزء من الدولة الفلسطينية التي ننشدها ونريدها”.

وأشار القيادي بفتح إلى تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن السلطة فقدت السيطرة الأمنية على قطاع غزة وسيطرت عليه حركة حماس “لكن فعليا السلطة بقيت وبقيت كل التزاماتها هناك”.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية (كان) قالت إن رئيس مجلس الأمن تساحي هنغبي التقى مؤخرا فرج بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشارت إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة مؤقتا بعد انتهاء الحرب، مضيفا أن إسرائيل تدرس استخدامه “لبناء بديل لحركة حماس في اليوم التالي للحرب”.

بينما قال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد إنه “من الطبيعي أن نذكر اسم فرج، فهو في السلطة الفلسطينية من أكثر الشخصيات التي عملت معنا ضد حماس”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *