هل أوشك زيلينسكي على خسارة عقل وقلب واشنطن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

واشنطن- في ديسمبر/أيلول الماضي، استقبلت واشنطن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استقبال الأبطال، وتسابقت كبريات الصحف والشبكات الأميركية لإجراء حوارات معه، وتزاحم أعضاء الكونغرس طلبا للتصوير بجانبه، واستقبله الرئيس بايدن بحفاوة في البيت الأبيض، ومنحه قادة الكونغرس فرصة إلقاء خطاب تاريخي أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ.

وبعد مغادرته واشنطن، اختارته مجلة تايم الشهيرة شخصية العام، وذلك تقديرا لقيادته بلاده عسكريا وسياسيا وشعبيا خلال الحرب ضد روسيا، ووصفت المجلة زيلينسكي بأنه يمثل “روح أوكرانيا” في الوقت الذي تشهد فيه بلاده غزوا عسكريا واسعا من روسيا.

ويعتبر مثل هذا التكريم خطوة مهمة تعكس تقدير الرأي العام الأميركي للرئيس زيلينسكي، وتطور النظر إليه من مجرد سياسي مختلف؛ بسبب خلفيته كممثل كوميدي تلفزيوني، وصولا إلى وضع القائد ذي المكانة العالمية.

وبعد أقل من عام، تغيرت طبيعة علاقة واشنطن بالرئيس الأوكراني، وغاب الحماس للاحتفاء بالرئيس، الذي أصبحت قضية بلاده إحدى نقاط الخلاف وسط حالة الاستقطاب الكبيرة التي تعانيها السياسة الأميركية.

محاولات مستميتة من زيلينسكي

جاءت زيارة زيلينسكي لواشنطن عقب إلقائه خطابا أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة لمشاركته في جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة الأوكرانية.

وتأتي الزيارة في لحظة حاسمة بالنسبة لأوكرانيا، حيث تسعى إلى حشد الدعم وتأمين تمويل إضافي لهجومها المضاد ضد روسيا.

وقبل لقائه الرئيس جو بايدن بالبيت الأبيض، زار زيلينسكي النصب التذكاري لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول في مبنى البنتاغون حيث عقد لقاءات متنوعة مع وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن، وكبار مساعديه.

وتغيرت إستراتيجية زيلينسكي في الحديث مع أعضاء الكونغرس، فبعدما تبنى لهجة حادة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اضطر الرئيس الأوكراني لتغيير لهجته أملا في الحصول على المزيد من الدعم المالي والعسكري، وقال زيلينسكي أمام جلسة للكونغرس خلال زيارته لواشنطن في ديسمبر/كانون الأول 2022، إن مساعداتكم “ليست صدقة، بل هي استثمار في الأمن العالمي”.

ومع تغير الأوضاع والمزاج العام في واشنطن، قال زيلينسكي أول أمس “نحن نقدر مساعداتكم، والوضع صعب، أوقفنا الروس في الشرق، وبدأنا هجوما مضادا. نعم، الأمر ليس بهذه السرعة، لكننا نمضي قدما كل يوم، ونتخلص من احتلال أرضنا”.

وأصبحت واشنطن وسياسيوها أكثر ترددا في دعمهم لأوكرانيا، وأصبح الموقف من دعم أوكرانيا صراعا بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي.

ومع انتشار الإحباط على جانبي المحيط الأطلسي من أن الهجوم المضاد الصيفي الذي طال انتظاره في أوكرانيا حقق نتائج أقل مما كان متوقعا على ما يبدو، أصبح كبار الجمهوريين مثل رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي متشككين بشكل متزايد في قدرات وإمكانات كييف.

وفي وقت سابق أمس الخميس، التقى زيلينسكي المشرعين في الكونغرس، حيث قال إنه أجرى “حوارا قويا” مع أعضاء مجلس الشيوخ.

وقبل وصول زيلينسكي مبنى الكونغرس، رفض كيفين مكارثي، رئيس مجلس النواب طلب الرئيس الأوكراني إلقاء خطاب مشترك أمام الكونغرس، وبرر مكارثي موقفه بالقول “لم يكن لدينا وقت، لقد ألقى بالفعل خطابا في جلسة مشتركة” في إشارة لديسمبر/كانون الأول الماضي.

تصاعد المعارضة الجمهورية

في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس جو بايدن بتقديم 24 مليار دولار إضافية لأوكرانيا، وهو ما يرفع حزم الدعم الأميركي إلى نحو 113 مليار دولار، تتصاعد المعارضة الجمهورية لتقديم مساعدات إضافية لكييف.

وتشمل حزمة المساعدات الجديدة ضمان إمدادات الأسلحة والذخيرة الحيوية وذلك قبل توقع معظم المحللين بمواجهة مرهقة خلال أشهر الشتاء.

وينقسم السياسيون الأميركيون بشأن الأموال المخصصة لأوكرانيا، حيث يقول العديد من الجمهوريين إنه من الأفضل إنفاق الأموال على القضايا الداخلية، ويعارض أغلب الديمقراطيين هذه الحجة، استنادا إلى مصالح الأمن القومي الأميركي.

ويقدم الجمهوريون 3 حجج ضد منطق الديمقراطيين، أولها أنه لا يوجد إشراف كاف على المساعدات، وأن إنفاق الأموال هناك يأخذ أموالا من جيوب الأميركيين، وأن “التركيز على الأمن الأوروبي يصرفنا عن التهديد الصيني”.

وكرر بايدن أن البيت الأبيض يأمل التوقيع على حزمة المساعدات “مهما استغرق الأمر”.

ولم يعد رفض تقديم الدعم لأوكرانيا اتجاها يعبر عن قلة على هامش الحزبين، إذ أصبح الرفض ورقة ضغط يلعب بها رئيس مجلس النواب في مناقشات الميزانية، حيث يريد أن تصبح المساعدات لأوكرانيا تشريعا مستقلا بذاته عوضا عن ربطها بخطط الإنفاق الحكومي الأوسع، مما يسهل هزيمتها.

ويعارض الجمهوريون المتشددون في الكونغرس أي مساعدات إضافية لأوكرانيا، ومع بدء الموسم الانتخابي، يكرر الجمهوريون عبارات لا “شيكات على بياض” لكييف التي تأخذ الأموال من جيوب الأميركيين الذين يعملون بجد.

بايدن (يمين) يأمل بالتوقيع على حزمة مساعدات لأوكرانيا (رويترز)

تراجع دعم أوكرانيا

في الوقت ذاته، كشف استطلاع حديث أجرته شبكة “سي إن إن” على 1279 شخصا، معارضة معظم الأميركيين السماح للكونغرس بالموافقة على تمويل إضافي لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.

ويرى أغلب الأميركيين أن بلادهم فعلت وقدمت بالفعل ما يكفي لمساعدة أوكرانيا، وقال 55% من المستطلعين إن الكونغرس يجب ألا يأذن بتمويل إضافي لدعم أوكرانيا مقابل 45% دعم هذا التمويل.

ووافق 51% من المستطلعين على أن الولايات المتحدة قد فعلت ما يكفي لمساعدة أوكرانيا في حين يقول 48% إن عليها فعل المزيد.

وتعكس هذه النسب انخفاضا كبيرا في تأييد الأميركيين لدعم أوكرانيا، حيث كانت هذه النسبة خلال الأيام الأولى لحرب روسيا على أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط 2022 ما يقرب من 62%.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *