هكذا يعيش الجيل الثاني من حركة طالبان حياته

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

كابل- سجلت حركة طالبان نفسها على أنها أول حركة تسيطر على كامل التراب الأفغاني منذ 5 عقود، وهي اليوم تدخل عقدها الثالث، بعد ظهورها عام 1996 كحركة مسلحة في أفغانستان، لتتمكن بعد عامين من حكم معظم أنحاء البلاد.

لكن القوات الأميركية والدولية والأفغانية أطاحت بها في عام 2001، فبدأت الحركة تمردا دام ما يقارب 20 عاما، لتستعيد الوصول مرة ثانية إلى السلطة عام 2021، مع ميزة السيطرة على جميع أنحاء أفغانستان.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن حياة الجيل الأول -أو جيل المؤسسين- من حركة طالبان، كانت على نمط واحد فكريا وحتى على المستوى المعيشي، أما الجيل الثاني فتختلف حياته وأفكاره ومواقفه مقارنة بمن سبقه.

الجيل الأول من حركة طالبان عاش حياته في الجبال وتحت ظلال الحرب (الجزيرة)

استقرار بعد حرب

يقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت “التغير عملية مستمرة في حياة الإنسان، سابقا كنا في الجبال وتحملنا صعوبتها وكانت الحياة قاسية فيها، والآن معظم مسلحي طالبان استقروا في المدن، وبسبب انتهاء الحرب في أفغانستان تحسن وضعهم المعيشي، وهم الآن يركزون على حياتهم الشخصية أكثر، وعرفوا النمط الرسمي والحكومي في التعامل مع الناس”.

وأضاف “منذ وصولنا إلى السلطة حصلنا على تجارب في تقديم الخدمات إلى الناس، وسابقا كان للحرب حيز كبير في تفكيرنا، والآن اختلف الوضع، فاختلفت طريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى الحياة، وأعتقد أنه تطور إيجابي”.

وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وبدء الجيش الأميركي قتال مسلحي حركة طالبان، حارب جيل من مقاتلي الحركة في قرى وجبال أفغانستان، وتشكلت حياة الكثير من الأطفال في ظل الحرب التي ذاقوها لأول مرة، فاستبدلوا طفولتهم بما قيل لهم إنه “واجبهم كمسلمين”، وإنه يجب عليهم الدفاع عن أرضهم.

ويرى خبراء في الشأن الأفغاني أن الجيل الأول من حركة طالبان لم يمارس الحكم كثيرا، حيث سقطت حكومته سريعا، ولم يتمكن من السيطرة على جميع أنحاء البلاد، أما الجيل الثاني فسيطر على جميع الأراضي الأفغانية، وهو اليوم يمارس الحكم بمفرده متمتعا بكافة المزايا الحكومية، وهناك استقرار على مستوى المعيشي، حيث يعيش معظم عناصر طالبان مع عائلاتهم في المدن الرئيسية، مثل كابل وقندهار وهرات ومزار شريف وجلال آباد.

الصورة الرابعة: خالد زدران في نقطة تفتيش مع زملائه من مسلحي طالبان أمام وزارة الداخلية الأفغانية وسط العاصمة كابل.
زدران في نقطة تفتيش مع زملائه من مسلحي طالبان أمام وزارة الداخلية الأفغانية وسط العاصمة كابل (الجزيرة)

جيل جديد

يعد الشاب خالد زدران من الجيل الثاني لحركة طالبان، وهو الآن في سن 33، وفي عام 2001 رجع مع عائلته من وزيرستان إلى ولاية خوست جنوب شرقي أفغانستان، وتعاطف مع حركة طالبان بسبب عائلته التي وقفت ضد الاجتياح الأميركي، لكنه ترك الدراسة بعد الصف الخامس وانضم إلى الحركة، وكان يوزع منشورات لإثارة الناس ضد الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية في خوست.

رفع زدران السلاح ضد القوات الأميركية منذ عام 2008، وشارك في عمليات عسكرية كثيرة، وبعد وصول طالبان إلى السلطة، عُين زدران متحدثا باسم الشرطة الأفغانية في كابل، حيث استقر في مجمع سكني راق فيها، ويذهب أولاده وبناته -خلافا لبقية طالبان- إلى المدرسة العصرية، ويمارس الرياضة في أشهر نادٍ رياضي في كابل.

ويقول للجزيرة نت “يتمتع الجيل الثاني ببعض التسهيلات مقارنة بالجيل السابق، فالإنترنت لم يكن متوفرا آنذاك، أما الآن فيمكنك إرسال الرسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل منصة إكس وفيسبوك، وبلغات مختلفة مثل العربية والإنجليزية والفارسية، الوسائل الحديثة اختصرت الطريق كثيرا، وبالإمكان التواصل مع شريحة كبيرة من الناس”.

ويضيف زدران “مقاتلو حركة طالبان لم يجربوا الحياة المدنية، وبعد الانسحاب الأميركي استقر معظمهم في المدن، والآن أصبح لديهم دراية بنمط العيش فيها، وبعد الاحتكاك بأهل المدن، اطلعنا على طريقة تفكيرهم، ونستطيع الآن أن نتعامل معهم بكل أريحية، العيش في المدينة له جوانب إيجابية كثيرة، وسيكون له تأثير مباشر على حياتنا وطريقة تفكيرنا”.

مظاهر لافتة

ويرى محللون سياسيون أن حركة طالبان بعد وصولها إلى السلطة عام 2021 تسعى إلى تصوير نفسها على أنها مختلفة عما كانت عليه عندما كانت في السلطة أواخر التسعينيات، على الرغم من أنهم لم يتغيروا أيديولوجيا، ولكنهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون تجاهل الظروف المختلفة عن تلك التي كانت سائدة في فترة التسعينيات.

الكاتب والباحث السياسي أحمد كريمي قال للجزيرة نت “خلال العقدين الماضيين تغير المجتمع الأفغاني كثيرا، وتواجه حركة طالبان جيلا جديدا من الشعب الأفغاني، هناك حاجة إلى تعديل طريقة تفكيرها في التعامل مع هذا الجيل، وعدد كبير من قادة طالبان يبررون حاجتهم للتغيير بسبب ظهور واقع جديد”.

ويقول الأستاذ الجامعي عبد الرشيد نوري للجزيرة نت “يرغب عدد كبير من الجيل الثاني لحركة طالبان في مواكبة العصر، ويركزون الآن على تعليم اللغة الإنجليزية وعلوم الكمبيوتر، حيث يرونها ضرورية للحصول على وظيفة حكومية مرموقة”.

من جهة أخرى، يقول بعض مسلحي حركة طالبان للجزيرة نت، ممن ينتمون إلى الجيل الثاني إن الحياة الحضرية “أكثر إرهاقا وأقل تدينا” مما كانوا يتصورون، وإن المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة، تمثل “خيبة أمل” لهم.

ويقول الموظف في وزارة الزراعة الأفغانية حسام خان (37 عام) للجزيرة نت “الروابط الاجتماعية في القرى أوثق من المدينة، عندما كنا نقاتل الأميركيين كنا نحظى باحترام أهل القرى، الآن اختلف الأمر في المدينة، أشتاق إلى قريتي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *